وزارة التسويق
الثلاثاء - 21 يونيو 2016
Tue - 21 Jun 2016
من أصل 45 ألف إشارة إلى السعودية والسعوديين في صحيفة النيويورك تايمز منذ عام 1970 ارتبط ذكر السعودية بالنفط في 42% من المقالات والأخبار. هذا الارتباط المباشر في نتائج البحث يشرح لنا التصور الذي يحمله الآخرون عنا ويلخص علامتنا التي تنطبع في الأذهان وتختصر وطنا بتاريخه وأناسه في ظرف كلمتين أو ثلاث.
في مجال التسويق تعرف حالة الاختصار هذه بالعلامة التجارية. وبالنسبة للشركات فإن علامتها تعني الفارق بين الربح والخسارة وبين الوجود والإفلاس. فالعلامة هي الوعد الذي يمنحه المنتج للمستهلك.. وكلما زاد تصديق المستهلك لذلك الوعد زادت حصة الشركة وأرباحها. وكما يقول جون ستورت رئيس شركة كويكر: لو قمنا باقتسام هذه الشركة فسأمنحك المباني والأراضي وسأحتفظ أنا بالعلامة التجارية.. وسأكسب أكثر منك!
ولكن ماذا عن علامات الأوطان؟ وهل تنعكس علامة دولة ما وصورتها الذهنية على قوتها الاقتصادية وتنافسيتها العالمية؟
بالعادة تصنف الدول حسب ناتجها المحلي ومتوسط دخل الفرد فيها. ولكن هذه المؤشرات الاقتصادية لا تقدم صورة كاملة عن العوامل التي تجعل دولة أغنى وأكثر تنافسية من جارتها.
طبقا لمجموعة من الدراسات التي أجراها ديفيد ريبستين من جامعة بنسلفينيا فإن للدول أيضا علامات تشبه العلامات التجارية للشركات يمكن قياسها وربطها بمستوى دخل الفرد لمعرفة مساهمة هذه العلامة في صناعة فارق اقتصادي. فالدول التي ترتبط بصورة ذهنية أفضل تحظى منتجاتها بتفضيل المستهلكين، وتستقطب أعدادا أكبر من السياح وتتدفق إليها الاستثمارات الخارجية أكثر من غيرها.
العلامة الوطنية تتجاوز مفهوم الكبرياء والابتسام عند سماع أي مديح لبلادنا من غريب أو زائر. بل هي مقياس اقتصادي يمكن تفكيكه إلى مجموعة من العوامل التي يشكل مجموعها مفهوم العلامة ومعرفة أثر كل عامل على تنافسية الاقتصاد. ويتم قياسها من خلال استفتاء يقيم تصور الناس عن موقع الدولة على 75 عنصرا تقع تحت ثمانية عوامل تتعلق بالسياسة والاقتصاد والمجتمع.
وتأتي ريادة الأعمال وحقوق المواطنة وجودة الحياة على رأس القائمة، إذ تشرح هذه العوامل مجتمعة 57 % من الفرق في تقييم الناس لجودة علامة الدولة، بينما تأتي القوة السياسية والموروث في ذيل القائمة حيث يتراوح تأثير كل منها بين 8% و4% فقط. ولا عجب أن تشاهد هذا الفارق بين ريادة الأعمال والموروث، فريادة الأعمال تخبر عن جودة التعليم، وتعددية المجتمع، والانفتاح الثقافي وكفاءة البنية التحتية والقانونية. وفي هذا الصدد تأتي ألمانيا ثم كندا وبريطانيا في أعلى قائمة الدول التي تتمتع بصورة حسنة وعلامة تنافسية في ذهن سكان المعمورة من خلال استفتاء شارك فيه 16 ألف مواطن وأكاديمي ورجل أعمال. وقبل أن تظن بأن «كلام الناس» عنا وتصوراتهم «المغلوطة» لا يمكن أن تحمل أي أثر اقتصادي، فتذكر أن هذه التصورات تتحول إلى قرارات شراء واستثمار يغير مجموعها اتجاه حركة المال والبضائع بين أسواق العالم وموانئه.
في عقود ارتباطنا بالنفط كان بإمكاننا تجاهل موقعنا التسويقي العالمي كدولة والاحتفاظ بخصوصيتنا الاجتماعية والاقتصادية دون اعتبار لما يظنه الآخرون بنا.. فلا أحد يسأل عن مصدر بنزين سيارته. أما الآن وأمام محاولتنا الجادة للتحول الاقتصادي فإن التحول كعلامة ذهنية اسمها «السعودية» وما يشترطه هذا التحول من تحسين موقعنا في كل مكونات العلامة الوطنية هو ضرورة اقتصادية وليس مجرد ترف إعلامي. وبناء هذه العلامة لا يمكن أن يتم عبر حملة علاقات عامة موجهة إلى الخارج بل يبدأ من الداخل عبر تحسين تصورنا لهويتنا وتمثلنا بعناصر علامتنا الوطنية، ففي عصر الترحال والعولمة ما يظنه الآخرون بنا هو مرآة لما نظنه بأنفسنا.
رؤية 2030 تضعنا في المسار الصحيح نحو بناء صورة ذات مردود اقتصادي، وحين نتسابق إلى تقييم نجاح تجربة التحول الوطني فإن التقدم الذي أحرزته علامتنا الوطنية سيكون أحد الأسئلة التي تنتظر إجابتنا.
ربما حان الوقت لنبتكر وزارة التسويق!
في مجال التسويق تعرف حالة الاختصار هذه بالعلامة التجارية. وبالنسبة للشركات فإن علامتها تعني الفارق بين الربح والخسارة وبين الوجود والإفلاس. فالعلامة هي الوعد الذي يمنحه المنتج للمستهلك.. وكلما زاد تصديق المستهلك لذلك الوعد زادت حصة الشركة وأرباحها. وكما يقول جون ستورت رئيس شركة كويكر: لو قمنا باقتسام هذه الشركة فسأمنحك المباني والأراضي وسأحتفظ أنا بالعلامة التجارية.. وسأكسب أكثر منك!
ولكن ماذا عن علامات الأوطان؟ وهل تنعكس علامة دولة ما وصورتها الذهنية على قوتها الاقتصادية وتنافسيتها العالمية؟
بالعادة تصنف الدول حسب ناتجها المحلي ومتوسط دخل الفرد فيها. ولكن هذه المؤشرات الاقتصادية لا تقدم صورة كاملة عن العوامل التي تجعل دولة أغنى وأكثر تنافسية من جارتها.
طبقا لمجموعة من الدراسات التي أجراها ديفيد ريبستين من جامعة بنسلفينيا فإن للدول أيضا علامات تشبه العلامات التجارية للشركات يمكن قياسها وربطها بمستوى دخل الفرد لمعرفة مساهمة هذه العلامة في صناعة فارق اقتصادي. فالدول التي ترتبط بصورة ذهنية أفضل تحظى منتجاتها بتفضيل المستهلكين، وتستقطب أعدادا أكبر من السياح وتتدفق إليها الاستثمارات الخارجية أكثر من غيرها.
العلامة الوطنية تتجاوز مفهوم الكبرياء والابتسام عند سماع أي مديح لبلادنا من غريب أو زائر. بل هي مقياس اقتصادي يمكن تفكيكه إلى مجموعة من العوامل التي يشكل مجموعها مفهوم العلامة ومعرفة أثر كل عامل على تنافسية الاقتصاد. ويتم قياسها من خلال استفتاء يقيم تصور الناس عن موقع الدولة على 75 عنصرا تقع تحت ثمانية عوامل تتعلق بالسياسة والاقتصاد والمجتمع.
وتأتي ريادة الأعمال وحقوق المواطنة وجودة الحياة على رأس القائمة، إذ تشرح هذه العوامل مجتمعة 57 % من الفرق في تقييم الناس لجودة علامة الدولة، بينما تأتي القوة السياسية والموروث في ذيل القائمة حيث يتراوح تأثير كل منها بين 8% و4% فقط. ولا عجب أن تشاهد هذا الفارق بين ريادة الأعمال والموروث، فريادة الأعمال تخبر عن جودة التعليم، وتعددية المجتمع، والانفتاح الثقافي وكفاءة البنية التحتية والقانونية. وفي هذا الصدد تأتي ألمانيا ثم كندا وبريطانيا في أعلى قائمة الدول التي تتمتع بصورة حسنة وعلامة تنافسية في ذهن سكان المعمورة من خلال استفتاء شارك فيه 16 ألف مواطن وأكاديمي ورجل أعمال. وقبل أن تظن بأن «كلام الناس» عنا وتصوراتهم «المغلوطة» لا يمكن أن تحمل أي أثر اقتصادي، فتذكر أن هذه التصورات تتحول إلى قرارات شراء واستثمار يغير مجموعها اتجاه حركة المال والبضائع بين أسواق العالم وموانئه.
في عقود ارتباطنا بالنفط كان بإمكاننا تجاهل موقعنا التسويقي العالمي كدولة والاحتفاظ بخصوصيتنا الاجتماعية والاقتصادية دون اعتبار لما يظنه الآخرون بنا.. فلا أحد يسأل عن مصدر بنزين سيارته. أما الآن وأمام محاولتنا الجادة للتحول الاقتصادي فإن التحول كعلامة ذهنية اسمها «السعودية» وما يشترطه هذا التحول من تحسين موقعنا في كل مكونات العلامة الوطنية هو ضرورة اقتصادية وليس مجرد ترف إعلامي. وبناء هذه العلامة لا يمكن أن يتم عبر حملة علاقات عامة موجهة إلى الخارج بل يبدأ من الداخل عبر تحسين تصورنا لهويتنا وتمثلنا بعناصر علامتنا الوطنية، ففي عصر الترحال والعولمة ما يظنه الآخرون بنا هو مرآة لما نظنه بأنفسنا.
رؤية 2030 تضعنا في المسار الصحيح نحو بناء صورة ذات مردود اقتصادي، وحين نتسابق إلى تقييم نجاح تجربة التحول الوطني فإن التقدم الذي أحرزته علامتنا الوطنية سيكون أحد الأسئلة التي تنتظر إجابتنا.
ربما حان الوقت لنبتكر وزارة التسويق!