هبة قاضي

الصدمة

دبس الرمان
دبس الرمان

الأحد - 19 يونيو 2016

Sun - 19 Jun 2016

لا أشاهد شيئا في رمضان، بمعنى الكلمة وليس مجازيا. فما بين الانشغال بالعمل وما بين الالتزامات الرمضانية والعبادة ليس هناك متسع لشيء. حتى كنا في اجتماع عائلي وقام أحد الموجودين بفتح التلفاز على غير المعتاد في اجتماعاتنا خاصة مع وجود الأكبر سنا الذين يتضايقون من المسلسلات والبرامج المبهرجة. لنجد أنفسنا جميعا ننجذب بكل تركيزنا للشاشة، وبعد قليل التم الأطفال ليتراصوا جلوسا على الأرض أمام الشاشة أيضا، ولأجد أيضا الأكبر سنا وقد تركوا الأحاديث فيما بينهم والتفتوا يتفرجون معنا على برنامج الصدمة. فتحية تقدير وشكر لأشخاص وشركات أدركوا احتياجات الناس واحترموا فكرهم وصمموا لهم محتوى يلامس قلوبهم ويفتح عقولهم، وأفكارا ذكية في تنفيذها وتقريبها للناس، والأهم كونه شيئا حقيقيا وواقعيا من عمق تركيبتنا الاجتماعية، في مقابل فبركات الإعلام الأخرى.

رمضان 1437 يقام لأول مرة ملتقى شباب أعمال مكة المكرمة (صفقة) بتنظيم لجنة شباب أعمال الغرفة التجارية الصناعية بمكة، تحت عنوان (الأعمال بفكر القرن الواحد والعشرين). وما بين تعجب الناس من إقامة ملتقى للفكر والأعمال في شهر رمضان رغم أن الفكر والعمل هما أرقى العبادات واجتماع الناس في مكة قبلة المسلمين لتبادل الفكر والمعارف والمنافع لهو أسمى مقاصد ديننا والذي من أجله سنت وشرعت لازدهار الحضارة والمدنية وعلو شأننا بين الأمم. وما بين ترقب البعض من مشاركة المرأة بملتقى في مكة، في حين أنه الأدعى ونحن في مهبط الوحي الذي نزل لسيد البشر مكرما المرأة ومعطيا إياها اعتبارها الفكري وحقوقها المادية والأهم كينونتها الإنسانية نقف جميعا متكاتفين ومعاونين لوطننا لتكون مكة والمدينة منبرا للحضارة الإسلامية الحديثة التي تهوي لها أفئدة المسلمين وتهوي إليها عقول وطموحات العالم.

من أكثر الأشياء صعوبة هو تغيير الاعتيادي والمألوف بغض النظر عن منطقيته أو عقلانيته. فلو أننا نظرنا إلى الكثير من الأشياء التي نشاهدها ونمارسها ونتبعها بدون تساؤل أو تفكر لضحكنا من أنفسنا. ولو أننا تأملنا ما نعترض عليه وما نعتقد أنه تجاوز أو انتهاك، لوجدنا أن الخوف من التغيير هو المحرك الأساسي لاعتراضنا. وأن ما علينا حقا أن نستوعبه وندركه هو أن التغيير هو أكثر السنن الكونية ثباتا. وأن العمل بنية إضافة قيمة، يبارك الله فيه. وأن الزبد في النهاية يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس يبقى في الأرض. وأننا أحيانا نحتاج إلى صدمة تجعلنا نعي مدى خيرنا وسوء شرنا.