علي أحمد المطوع

الرعاية الصحية بين العرف والحاجة

تفاعل
تفاعل

السبت - 18 يونيو 2016

Sat - 18 Jun 2016

في ظل تغييب المفاهيم الصحيحة تصبح بعض الأعراف الخاطئة مسلمات عند البشر، هذه المسلمات تجعل الإنسان يقاوم أي مفهوم صحيح يتعارض مع العرف الذي نشأ وتربى عليه.

من ذلك تكدس المستشفيات المركزية بحالات عادية لأناس لا يحتاجون إلى عمليات تطبيبية متخصصة بقدر ما يحتاجون إلى عناية منزلية تراعي عجزهم وعوزهم إلى خدمة إنسانية بسيطة لا تحتاج أكثر من مخلص قريب من هذا المريض يراعي شؤونه واحتياجاته.

إلا أن الكثير من أقارب هؤلاء المرضى المسنين أو العاجزين يرفضون هذا المبدأ ويرون فيه مصادرة لحقوقهم الصحية التي كفلها لهم النظام وحقوق المواطنة، لكنهم في المقابل يتغافلون عن حقيقة أن المنشأة الصحية قدمت لهذا المريض كل شيء وتوقفت حالته عند نهاية مأساوية وهي العجز إما بسبب كبر سن هذا المريض أو إصابته بعاهة مستديمة تجعله أسيرا للسرير والكرسي مدى الحياة.

هذا النوع من المرضى لا يحتاج إلى سرير في مستشفى مركزي أو طرفي هو يحتاج إلى عناية منزلية تبقيه قريبا من أهله وناسه، وتجنبه مخاطر العدوى والإصابات الجانبية التي قد تصاحب وجود هؤلاء الضعاف في المصحات.

المستشفيات بأنواعها تشكو من حالات تكدس رهيبة بسبب هذه النوعية من الحالات مما يفقد شابا أو شابة صغيرين في مقتبل العمر فرصة الحصول على سرير للعلاج في هذه المستشفيات.

شخصيا ومن خلال طبيعة عملي أشاهد حالات كثيرة مثل هؤلاء وألحظ مدى تعنت أقاربهم وذويهم في تفهم وضعهم الصحي وانتهاء دور المستشفى في علاج هذا المريض ووقوفه عند نقطة تجعل هذا الإنسان خرج من كونه مريضا يحتاج عناية طبية ليصبح عاجزا يحتاج إلى عناية منزلية تبقيه على قيد الحياة.

المجتمع وأفراده لا يفرقون بين الخدمة العلاجية التي تقدمها المشافي الصحية وبين ما يحتاجه المعوزون والعجزة من خدمات مختلفة، ويتناسون أن هذه الأسرة هي في الأساس لطالبي العلاج وليست لممارسة أدوار تمريضية يفترض أن يقوم بها أقارب هؤلاء الذين لم يعد في وسع المنشأة الصحية تقديم أي عون طبي لهم.

الرعاية الصحية حق لكل مواطن كفل ذلك نظام الحكم وسياسة ولاة الأمر وتوجه الحكومة، وتعنت بعض أقارب العاجزين وكبار السن عن استقبال حالات أهلهم وذويهم فيه مصادرة لحقوق آخرين يحتاجون سريرا يبقيهم أصحاء أسوياء يخدمون مجتمعهم ويساهمون في بنائه ونمائه.