فيصل الشمري

ما الذي يجمع أكثر الأنظمة الديكتاتورية دموية في القرن العشرين؟

السبت - 18 يونيو 2016

Sat - 18 Jun 2016

بداية ما هي الأنظمة الديكتاتورية الأكثر دموية في القرن العشرين؟ الحزب القومي الاشتراكي الألماني والمعروف بالحزب النازي، روسيا البلشفية، الحزب الشيوعي الصيني في عهد ماو تسي تونج بالإضافة إلى كمبوديا تحت حكم الخمير الحمر.

بشكل عام تعتبر هذه الأنظمة بعضا من الأمثلة والتي تحدد ملامح أكثر الأنظمة ديكتاتورية في القرن الماضي. من خلال فترة حكم هذه الأنظمة القمعية الأربعة يمكننا الإحصاء التقديري لعدد يتراوح بين 75 مليون إلى 80 مليون شخص سلبت أرواحهم بالقوة في وقت ما على مر العقود بحيث يصعب التأكد من الرقم الحقيقي.

هذه ليست سوى مجرد أرقام تقريبية لإعطاء فكرة عن حجم المآسي التي حصلت في السابق وتعتبر واقعية عند البدء في مناقشة الأرواح التي فقدت في ظل بعض الأنظمة السابقة والتي اشتهرت بالديكتاتورية. فالعدد الحقيقي للأرواح التي هلكت على أيدي بعض الطغاة والذين استباح بعضهم قتل شعوبهم لغرض فرض الهيبة والسيطرة في جميع أوجه الحياة في الدولة، يعد في علم الغيب. يقول ستالين «إن وفاة فرد من الأفراد يعتبر مأساة، أما موت مليون من البشر مجرد مسألة إحصائيات».

من ناحية أخرى، تتشابه كثيرا القوانين في المجالين السياسي والاقتصادي، أحد الخبراء الاقتصاديين الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد صرح بأن التعاملات التجارية والمالية تكون في أفضل حالاتها عند منح السوق الحرية الكاملة مع تدخل وإشراف جزئي فقط من الحكومة.

يمكن القياس على هذا عندما يتعلق الأمر بالنظام السياسي لدولة ما، لأنه في هذه الحالة يساعد على تحقيق الأهداف الاجتماعية بالإضافة لباقي أهداف الدولة نفسها، وهذه الفرضية لم تثبت صحتها فحسب بل أيضا تحقق الميزة التي لا غنى عنها وهي منح الحرية والبعد عن الاحتكار والقيود أيا كانت.

ويظل السؤال ما هو العامل المشترك لهذه الأنظمة الأربعة الأكثر دموية في القرن العشرين؟ جميعها وضعت شخصا معينا في مكانه أكثر أهمية من مكانة الخالق، أو ألغت الممارسات الدينية المعتدلة بجميع أشكالها، أو الاحتجاج على أي قانون مشرع والأخيرة تعتبر جريمة تعاقب عليها الدولة.

عند إلقاء نظرة سريعة على بعض الأنظمة الديكتاتورية في القرن العشرين فإنه يلاحظ أن الأنظمة الديكتاتورية أو الثورية والتي اتخذت الطابع الديني كغطاء لتنفيذ سياساتها كانت أخطرها وأشدها قمعا للشعب، لأن الحكومة ذات الطابع الديني تمنع ظهور أي منافس ذي كفاءة يمكن أن يساعد في قيادة وإدارة سياسات الدولة، وهذا سيؤدي إلى ضعف في أداء الحكومة وتدني مستوى الإنتاج بها.

فعلى سبيل المثال وعند النظر للنظام الثوري الإيراني فالملاحظ أنه ومنذ البداية ظهرت الخمينية بصورتها البشعة، مبادئها المستبدة وأبعادها الطائفية. طبقا للدستور الإيراني تنص المادة الثانية عشرة على أن: الدين الرسمي هو الإسلام والمذهب هو الجعفري الإثني عشري وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد.

وبناء على هذا يتم التأكيد على طائفية الثورة والدولة الإيرانية، ولذا فإنه من الطبيعي أن تمارس إيران هذا الدور القمعي على الأقليات داخل أراضيها أولا وتصدر ثورتها للخارج ثانيا، ووفق هذا المبدأ والخطاب الطائفي المتشدد تم تحديد رسالة ومبادئ الدولة الإيرانية.

باختصار، فإن المعاناة التي أجبر الشعب الإيراني على معايشتها بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر في إيران والمتجه نحو كارثة بالرغم من عائدات النفط الكبيرة، يرجع لكثرة الإنفاق العسكري بالإضافة إلى تطبيق سياسة الاحتكار للحزب الواحد، وهذا أدى إلى تزايد مؤشر التضخم، وبالتالي انتشار الأسواق السوداء. وأيضا، سوء تقدير سياسة التقشف التي أغضبت الشعب. وقد ساعد تفاقم تردي الأوضاع الداخلية من تراكم العوامل السلبية في الشأن الداخلي لإيران سواء من فقدان الحريات، واستبداد جهاز الاستخبارات (السافاك)، إلى اعتقال وتعذيب وقهر أي من محاولات التمرد، الثورة، أو حتى حق التعبير عن الرأي.

في الوقت الحاضر فإنه يلاحظ كثرة النقاشات حول مدى ارتباط بداية أي صراع طائفي أو سياسي بالدين أو على الأقل الدور الذي ساعد خلاله الفهم الخاطئ للأمور الدينية في تأجيج الصراعات المستمرة في حياتنا اليومية. لننظر إلى هذا الرأي من وجهة نظر مختلفة. من الذي يهمه أن تشن حربا من أجل نشر الفتنة الطائفية وذلك عن طريق زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل دائم؟

الغرض من هذا السؤال وغيره أنه بالرغم من كل الطرح الذي تناوله المقال عن استخدام الدين كذريعة لشن الحرب أو لزيادة التهويل من آثارها، هذه الأنظمة والتي أشبعت الارتباط المتشدد بالدين بين مواطنيها هم الذين لديهم أعلى نسبة لعدد جثث الضحايا مقارنة بالآخرين. هذه إحدى الحقائق التي لا تقبل الجدل فيها لأن دلائلها موجودة على أرض الواقع.

يذكر أن إيران تمارس دورها الثوري خارج حدودها في عدد من الدول العربية كالعراق، ولبنان وغيرهما الكثير وهذا نابع من مبدئها الطائفي حيث تقوم بدعم وتمويل الأقليات والميليشيات الشيعية في هذه الدول، وخير دليل على طائفيتها وعدوانيتها الدعم والتمويل اللذين تحصل عليهما الميليشيات المسلحة في العراق والتي أدت لمقتل آلاف العراقيين لأسباب طائفية بدعم من جهاز الحرس الثوري الإيراني، وما حصل في العراق وسوريا هو البداية فقط لما سيحصل في العديد من الدول والتي تعمل إيران للوصول إليها ومد نفوذها فيها والمساس بأمنها واستقرارها.

من الحقائق التي لا يمكن تجاهلها أيضا أن المملكة العربية السعودية تتبوأ مكانة مهمة في العالم الإسلامي وهذا الموقع الديني سمح للمملكة أن تحافظ على نهج متحضر وواع على مر الأزمنة ولهذا لم تتأثر بالعصور المظلمة مثلما حدث في كل من ألمانيا وروسيا والصين وغيرها الكثير.