من الذي يكتب؟
السبت - 18 يونيو 2016
Sat - 18 Jun 2016
حين تكتب للناس وتخاطبهم فإنك في الغالب ستتأثر بسياقات ومعطيات تأثرا قد لا يكون إراديا، وحين تكتب للناس لا لنفسك فإنك ستضع في الاعتبار غالبا أمورا معينة واعتبارات مهمة تحاول جاهدا ألا تتجاوزها، وستنطلق من أطر ومنطلقات قد لا تمثلك حقيقة، ولا تعكس قناعاتك وتفكيرك، لكنك تراها – في الأغلب – الأسلم والأنسب والأجمل، وترى أن تجاوزها سيدخلك في إشكاليات لا حد لها.
وإذا كان أمر الكتابة ومنطلقها بهذه الصورة وعلى هذه الحال؛ فما الفائدة إذن من كتابة لا تترجم قناعة الإنسان بشكل واضح، ولا تجسد تفكيره وتصوره بصورة حقيقية، ولا تنطلق من منطلقات موضوعية وحقيقية غير منكهة برتوش الانطباع؟
هل نحن الذين نكتب؟ وكيف نكتب؟ سؤالان جديران بالطرح، مع أن إجابتهما شبه محسومة عند الكثيرين؛ فنحن الذين نمسك بزمام القلم أو نداعب بأصابعنا حروف اللغة على لوحة المفاتيح حقيقة، لكننا لسنا في كل الأحوال ذلك الكائن الذي يعبر عن قناعاته وأفكاره وتصوره لكل ما يحيط به بشكل دقيق وموضوعي نابع من الإحساس الخاص والقناعة الخاصة والتصور الخاص.
كثير من الأفكار التي نثيرها ونتحدث عنها ونؤكد على أهميتها ليست – في الغالب – أكثر من أفكار اصطلح المجتمع على اعتبارها والنظر إليها وشكل منها في تصورنا نموذجا جيدا ومناسبا، وهي ليست – في الحقيقة – أفكارنا وتصوراتنا وقناعاتنا.
ولكي أؤكد هذا الأمر أشير إلى أمرين، الأول ما نلمسه وندركه ونلاحظه من تناقضات بين ما يطرحه الكاتب نظريا وما يمارسه؛ حيث نجد بونا شاسعا في ذلك، وأعرف شخصيا كاتبا شهيرا جدا لا يسكت أبدا عن العمل والعطاء والتفاني والإنتاج إلى آخره من المفاهيم التي تأتي في هذا السياق، وهو في الحقيقة ذلك الرجل المهمل الذي تشكو مؤسسته من عدم قيامه بأي دور أو عمل، وهو في الوقت نفسه الرجل الذي غطى الغبار باب مكتبه، وأصبح مضربا للمثل في الإهمال وعدم الاهتمام، وتعطيل مصالح الناس.
والأمر الآخر ما نشاهده ونلمسه من أن كتابنا للأسف يتداعون لنصرة قضية ما أو زميل ما بطريقة عجيبة غريبة غير موضوعية، وفي الوقت نفسه ينقضون على من يخالفهم في الاتجاه انقضاضا حين تتأمله تدرك تماما أنه منظم ومرتب ومتفق عليه، وكذلك الحال تجد هرولة وتسرعا في الكتابة حين تثار قضية ضد جهة ما أو حين يوضع «هاشتاق» لإثارة موضوع معين وقد يكون دافع هذه الإثارة أساسا دافعا شخصيا أو مصلحة خاصة لم يتنبه إليها الكاتب، وهنا تضيع جميع مبادئ الكتابة، وتسقط كل الأدبيات والأعراف والتقاليد التي يفترض أن يلتزم الكاتب بها وينطلق منها.
وهكذا يبدو أننا للأسف قد (وقد هنا للتكثير) نكتب بعواطفنا لا بعقولنا، وقد نكتب بصورة انطباعية تنطلق من رؤية العموم، وقد نتقمص شخصيات لا تمثلنا، ونرتدي رداء مستعارا، وقد ننطلق في الكتابة من مثالية لا نتمثلها في سلوكنا اليومي، وهذه كلها أسباب تجعل من كتابتنا خطابا مثاليا مصطنعا، وتقلل من قيمة الكتابة، وتحد من تأثيرها.
وإذا كان أمر الكتابة ومنطلقها بهذه الصورة وعلى هذه الحال؛ فما الفائدة إذن من كتابة لا تترجم قناعة الإنسان بشكل واضح، ولا تجسد تفكيره وتصوره بصورة حقيقية، ولا تنطلق من منطلقات موضوعية وحقيقية غير منكهة برتوش الانطباع؟
هل نحن الذين نكتب؟ وكيف نكتب؟ سؤالان جديران بالطرح، مع أن إجابتهما شبه محسومة عند الكثيرين؛ فنحن الذين نمسك بزمام القلم أو نداعب بأصابعنا حروف اللغة على لوحة المفاتيح حقيقة، لكننا لسنا في كل الأحوال ذلك الكائن الذي يعبر عن قناعاته وأفكاره وتصوره لكل ما يحيط به بشكل دقيق وموضوعي نابع من الإحساس الخاص والقناعة الخاصة والتصور الخاص.
كثير من الأفكار التي نثيرها ونتحدث عنها ونؤكد على أهميتها ليست – في الغالب – أكثر من أفكار اصطلح المجتمع على اعتبارها والنظر إليها وشكل منها في تصورنا نموذجا جيدا ومناسبا، وهي ليست – في الحقيقة – أفكارنا وتصوراتنا وقناعاتنا.
ولكي أؤكد هذا الأمر أشير إلى أمرين، الأول ما نلمسه وندركه ونلاحظه من تناقضات بين ما يطرحه الكاتب نظريا وما يمارسه؛ حيث نجد بونا شاسعا في ذلك، وأعرف شخصيا كاتبا شهيرا جدا لا يسكت أبدا عن العمل والعطاء والتفاني والإنتاج إلى آخره من المفاهيم التي تأتي في هذا السياق، وهو في الحقيقة ذلك الرجل المهمل الذي تشكو مؤسسته من عدم قيامه بأي دور أو عمل، وهو في الوقت نفسه الرجل الذي غطى الغبار باب مكتبه، وأصبح مضربا للمثل في الإهمال وعدم الاهتمام، وتعطيل مصالح الناس.
والأمر الآخر ما نشاهده ونلمسه من أن كتابنا للأسف يتداعون لنصرة قضية ما أو زميل ما بطريقة عجيبة غريبة غير موضوعية، وفي الوقت نفسه ينقضون على من يخالفهم في الاتجاه انقضاضا حين تتأمله تدرك تماما أنه منظم ومرتب ومتفق عليه، وكذلك الحال تجد هرولة وتسرعا في الكتابة حين تثار قضية ضد جهة ما أو حين يوضع «هاشتاق» لإثارة موضوع معين وقد يكون دافع هذه الإثارة أساسا دافعا شخصيا أو مصلحة خاصة لم يتنبه إليها الكاتب، وهنا تضيع جميع مبادئ الكتابة، وتسقط كل الأدبيات والأعراف والتقاليد التي يفترض أن يلتزم الكاتب بها وينطلق منها.
وهكذا يبدو أننا للأسف قد (وقد هنا للتكثير) نكتب بعواطفنا لا بعقولنا، وقد نكتب بصورة انطباعية تنطلق من رؤية العموم، وقد نتقمص شخصيات لا تمثلنا، ونرتدي رداء مستعارا، وقد ننطلق في الكتابة من مثالية لا نتمثلها في سلوكنا اليومي، وهذه كلها أسباب تجعل من كتابتنا خطابا مثاليا مصطنعا، وتقلل من قيمة الكتابة، وتحد من تأثيرها.