مها الحريب

هل نعرف حقا قدر رمضان؟

الأربعاء - 15 يونيو 2016

Wed - 15 Jun 2016

إدراك رمضان نعمة عظيمة تستوجب شكر المولى سبحانه، فكم كان بيننا من يعد له الأيام حتى خطفته يد المنون ومضى عليه قدر الله. في كل رمضان كنت أعاهد نفسي أن رمضان هذا سيكون مختلفا عن سابقيه، لكن تبدأ المغريات من حولي تجذبني شيئا فشيئا، التفت لأعدها فأجدها كثيرة جذابة تتشكل وتتلون حتى تضعف إرادتي أمامها.

في السابق كان رمضاننا مختلفا وبسيطا، ينحصر بين طاش ما طاش وبين مائدة الحاضر الغائب الشيخ الطنطاوي، رحمه الله. لم نكن نراجع قوائم القنوات حتى نجرد كل المسلسلات ونختار لنا جدولا يوميا لمتابعتها، بل للأسف قد نضبط عليها أوقاتنا! في رمضاننا القديم لم نكن مهووسين باستعراض طقوسنا الرمضانية وما فيها من أوان براقة نتفنن في صفها قبل كل أذان مغرب ونذيل الصورة بالدعاء.

لا أقول بألا يظهر الإنسان أثر نعمة الله عليه، بل هو من شكر الله، لكن أن يصبح شغلنا الشاغل التباهي باللباس والأواني وبكل ما نقدمه وما نفعله فهذا ما لا يُحمد. ربما هذه الأفعال ترتبط بنا نحن النساء، لكن يبدو أن العدوى انتقلت للرجال أيضا، وأصبح الكل مدمنا لاستعراض سفرته في سناب شات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن نفكر لوهلة أن مثل هذه السلوكيات قد تخدش نفوس المحتاجين وتؤلمهم.

رمضان يا كرام ليس شهرا للمسلسلات أو الثياب أو الأواني والبهرجة، بل هو هبة ربانية يهديها الله لمن يشاء من عباده، يستحق منا الجد والعمل الصالح ما دام في العمر بقية.

رمضان ليس طقوسا شكلية تخفي وراءها خواء روحيا لم يرتو من معين رمضان الصافي. وإني لأتعجب حقيقة من الخمود التام في الأسواق والإعلام، بل والبيوت في سائر السنة، ثم ما يحصل من استنفار غير معقول في هذا الشهر المبارك.

ختاما لست أدعي المثالية، فأنا يصيبني ما يصيب الناس في هذا الشهر. يبدو أنه فيروس يصاب به الجميع إلا من رحم ربي، لكنني أتأمل أحوال مجتمعنا وما يحل بنا للأسف من الانغماس في القشور.

وأرجو أن يشملنا الله برحمته في هذا الشهر، فكلما تذكرت حديث المصطفى «رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له» دعوت الله في وجل ألا تسلبنا الدنيا وما فيها من مغريات بركة رمضان ولا فضله.