عادل حوشان

ابن باز يحرّم والمطلق يتبرع والدعاة يجمعون أموال القاتل

الأربعاء - 15 يونيو 2016

Wed - 15 Jun 2016

في مراجعة سريعة لأحكام التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، يتضح أن رأي فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله وفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قاطعان تجاه التبرع بالتحريم.

بينما يجيز الشيخ المطلق التبرع بل ويبادر.

في الجانب الآخر تسود ثقافة إعتاق الرقاب في بعض التجمعات القبلية في مناطق مختلفة من المملكة، وهو عمل إنساني بالتأكيد لكن المقاصد التي من شأنها أن تحرّك بعض العاملين على تبني موضوع الإعتاق يتضح في كثير منها أنها من أجل جمع المال، أي الفائدة المالية من وراء البحث عن مصادر كافية لجمع التبرعات التي يشترطها أهل القتيل.

في نهاية الأمر المال يتجه من القاتل إلى أهل القتيل، بغض النظر عن تفاصل قضية القتل التي تختلف من حالة إلى حالة أخرى، إنما نحن أمام قضية قتل وعفو وجمع مال من أجل إعتاق، تبرز فيها في الغالب مجموعات تعرف من أين تبدأ وإلى أين تنتهي في جمع المال.

في موقع المركز السعودي للتبرع بالأعضاء «يمكن لمتبرع واحد توفي دماغيا أن ينقذ حياة ما يصل إلى 8 أشخاص وتحسين حياة أكثر من 50 آخرين».

المركز يعلن أنه يتعاون مع العديد من المؤسسات الصحية من دول الخليج بالإضافة إلى وزارة الصحة وبعض الجمعيات الأهلية.

أما في حقل المعتقد الديني في أيقونة المركز، يبدو الأمر فارغا بلا معلومات.

أحد أهم المبادرات حسب المركز هي مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإصدار قرار هيئة كبار العلماء عام 1402 بجواز نقل الأعضاء بينما لا يوجد حسب إشارات المركز أي فتوى تجيز التبرع بالأعضاء تحت الرقم 99 أو الصفحة 336، ما اضطر المركز إلى الإشارة إلى قرار مجمع الفقه الإسلامي في العام 1407 بعمّان الأردن باعتبار «أن الوفاة الدماغية تعادل الوفاة الشرعية ويترتب عليها جميع الأحكام المقرة شرعا بالوفاة».

بالعودة إلى «بشوت» المجاميع التي تعرضها وسائل الأعلام الرقمية ومقاطع الفيديو التي «تُمجّد» هذه التجمعات بصفتها عرفاً قبلياً لإحياء القتلة نجد أن من باب أولى أن يتم الالتفات إلى قضية التبرع بالأعضاء باعتبارها أهم شرعيا وأخلاقيا للمساهمة في «إحياء» من يمكن أن يكون في حياتهم تطبيقا للآية الكريمة «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا». والامتثال إلى اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الشخصية بمسألة التبرع.

بدون غطاء شرعي في مسألة التبرع بالأعضاء للمتوفين دماغيا، وليس فقط غطاء بالفتوى بل بالمبادرة في دفع المجتمع للاهتمام بحياة إخوانهم مرضى الكلى والقلب والقرنية وصمامات القلب والكبد والرئة والبنكرياس وهم بالآلاف، وللحاجة هم أحوج من قاتل ارتكب «جريمة» يعاقب عليها القانون والنظام، بدون هذا الغطاء وهذه المبادرات ستظل حياة بشر من أهلنا في خطر بالإمكان تلافيه بجهد بسيط من هيئة كبار العلماء وجهد أكبر من المجتمع في فهم هذه الحالة بدلا من الركض خلف تجمعات تستجدي جمع المال والشفاعات للحصول على مكاسب دنيوية في معظمها.

على إحدى الجهات التشريعية أن تتبنى موضوع التبرع بالأعضاء وزراعة هذا الهدف وهذه القيمة في كافة الشرائح، في الأسرة والتعليم والجمعيات والتجمعات والمناسبات.

دراسة حالة التبرع بالأعضاء شرعا أصبحت ضرورة قصوى ومساهمة هيئة كبار العلماء مع المؤسسات المدنية المعنية أصبحت واجبا وحياة البشر المحتاجين لإخوانهم لا يمكن نسيانها أو تأجيلها أو التساهل بها أو تضييق الأبواب الواسعة أمامها وأمامهم.

[email protected]