ناصر محمد الجهني

عاداتنا وتقاليدنا.. مع وقف التنفيذ

الثلاثاء - 14 يونيو 2016

Tue - 14 Jun 2016

عندما يصدر من أحدنا فعل سيئ، نبادر إلى وصف ذلك الفعل بأنه «غريب على عاداتنا وتقاليدنا»، «لا يتفق مع عاداتنا وتقاليدنا»، «مرفوض بحكم عاداتنا وتقاليدنا»، سواء كان ذلك في أحاديثنا ونقاشاتنا العامة، أو في وسائل الإعلام. ولا أعرف حقيقة ما هي عاداتنا وتقاليدنا تلك، ولا أين ومتى يتم تطبيقها، إذ من المفروض أن تكون العادات والتقاليد أفعالا ومفاهيم متعارفا عليها في المجتمع، ومطبقة من قبل عموم أفراده، واقعا معاشا، ممارسة يومية فعلية، لا مثالية ننشدها، أو وهما نتخيله، أو أمنية نحلم بها.

ونحن، إن أردنا الشفافية ومواجهة النفس، قد استمرأ كثيرون منا الكذب والزيف والنفاق والتطاول والغيبة والإهمال والمغالطة واللامبالاة وحتى الظلم، وهذا غيض من فيض، لدرجة أنها وبحكم التعريف أصبحت عادات وتقاليد، أمورا معروفة، بديهية، مفروغا منها، سواء كان ذلك في حياتنا الأسرية، أو ممارساتنا اليومية، أو علاقاتنا الاجتماعية، وحتى العملية منها. غدت هذه الخصال المقيتة للأسف جزءا منا حتى أصبحنا نعرّف بها من الآخرين، أصبحت جزءا من شخصيتنا.

وما دام هذا هو واقعنا الفعلي، فما الذي نقصده عندما نردد عبارة «عاداتنا وتقاليدنا؟»، إن كان المعني جزءا من تاريخنا، فتاريخنا فيه ما فيه، كما أنه ماض وليس واقعا معاشا، وإن كان مثالية ننشدها، فلماذا لا نطبقها، وإن كان وهما وسرابا، فمن نضلل وعلى من نتحايل غير أنفسنا.

إننا وبكل أسف دائما ما نخلط بين واقعنا الفعلي المعاش وبين ما يجب أن يكون عليه هذا الواقع، هذا إذا تجرأنا واعترفنا بحقيقة واقعنا وممارساتنا، وتوفرت لدينا الشجاعة الكافية لمواجهة أنفسنا ومصارحتها، لا أن ندعي المثالية، وبالتالي لن نغالط إلا ذاتنا، فسوء التشخيص لن يؤدي إلا إلى تفاقم المرض.

عاداتنا وتقاليدنا هي ما نعيشه ونمارسه واقعا فعليا، وهذا الواقع فيه من السوء ما فيه بكل أسف. عاداتنا وتقاليدنا ليست أماني ولا أحلاما أو أوهاما، وهي بالتأكيد ليست واردة في بيان أو تقرير أو اتفاقية أو ميثاق شرف أو لوائح أو حتى نص حكم، إلا إن كان حكما قد صدر مع وقف التنفيذ.