محمد حطحوط

الشيخ السديس يفاجئ أخي الأكبر

الاثنين - 13 يونيو 2016

Mon - 13 Jun 2016

كان مصدوما أخي الذي يكبرني بسنوات - تركي- بعد عودته من رحلة روحية شملت المدينة ومكة. مصدوم إيجابيا من الخدمات التي تقدمها الدولة ممثلة في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والاهتمام بالتفاصيل والعمل الدؤوب وآلاف الساعات التي تقدم لخدمة هاتين البقعتين الطاهرتين. مصدوم أن الحرم المكي يحيط به – مثلا - 14 ألف دورة مياه!! لدرجة أن أخي الأكبر – عبدالله - توقف قليلا غير مستوعب للخبر مرة أخرى، وغير مصدق! معقولة 14 ألف دورة مياه!! هذا رقم كبير جدا ومجرد تخيلها على الواقع يجعل الإنسان يكذب رقما مثل هذا!

قلت لعبدالله: وأزيدك من الشعر بيتا.. تبلغ المساحة الإجمالية للحرم المكي 1.164.128 مترا مربعا وهذا رقم فلكي وكبير، ومع هذا يتم غسله يوميا خمس مرات بأفضل أنواع المنظفات والمطهرات وأزكى أنواع الطيب والبخور من جميع أنحاء العالم! خمس مرات يعني كل خمس ساعات يتم الانتهاء من غسلة كاملة، شاملة للطواف والمسعى والساحات وجميع أدوار الحرم وأقبيته. الحرم المدني في المقابل تبلغ مساحته الإجمالية 360.133 مترا مربعا، ويلقى ذات العناية والاهتمام، ويشمل التنظيف كذلك برنامجا دوريا للقباب والأسطح وجميع المناطق العمياء التي لا يراها الزائر، لأن الهدف هو تنظيف هذه البقعة الشريفة وتجميلها وتطييبها.

هذه المنظومة يقوم بها أكثر من 5000 موظف وموظفة تابعين للرئاسة، لا يدخل في ذلك آلاف العمال من الشركات التي تتولى بعض المشاريع الخاصة هنا وهناك. البعض يظنها مهمة بسيطة، فهو يعتقد أن للحرم عشرة أبواب كحد أقصى، بينما هناك أكثر من مئتي باب للحرم المكي لوحده، ومئة باب للمدني، ولكل باب منها سيل من التنظيم والترتيبات الأمنية واللوجستية والدينية والخدمية.

الجميل في الأمر هو أن الرئاسة لم تهتم بالبناء والطوب فقط، وإنما هناك خط مواز لتفعيل الهدف الأسمى من ذلك، وهو عمارة المسجد بالذكر ونشر العلم وحلق الدروس. مكتبة الحرمين كمثال فيها لوحدها أكثر من 400 ألف عنوان لكتاب نوعي في بابه ومخطوط نادر! بل المبهج أن الحرمين تجاوزا خطوط الزمان والمكان، وللتقنية حضور كبير من خلال تعليم القرآن ونقله لأصقاع الدنيا، فهذا مهندس مسلم من سويسرا يُسمع يوميا من بلده عبر التقنية لشيخه في الحرم، وهذه عجوز موريتانية تراجع وردها في الحرم وهي في منزلها بنواكشوط. ولديهم ثلاثة تطبيقات متخصصة في الجوال تقدم عملا احترافيا جميلا.

أخي الأكبر عبدالله ظل مدهوشا بابتسامة جميلة من هذه الأرقام، ولم يصدق وهو يمتلك مهارة التفكير النقدي، حتى رأى بعينه مقطع الفيديو الذي أصدرته الرئاسة نفسها (المأرز) ومقطع (وطهر بيتي) وهما مقطعان غاية في الجمال والروعة، ستجد فيهما تفاصيل أغلب الناس لا يعرفها عن مكة المكرمة والمدينة المنورة، على ساكنها أفضل صلاة وأتم سلام! شكرا للشيخ عبدالرحمن السديس، وللطابور الطويل خلفه من رجال ونساء نذروا حياتهم لخدمة بيوت الله.