فهد الحازمي

برنامج التحول الوطني والبيانات المفتوحة

السبت - 11 يونيو 2016

Sat - 11 Jun 2016

أكثر من 90% من حجم المعرفة البشرية تم إنتاجها في العامين السابقين فقط.

كان هذا في 2013 أما اليوم فلا شك أن النسبة أكبر. هذا النمو الهائل في حجم البيانات، وحجم العتاد والأدوات اللازمة لتخزينها ومعالجتها أدى إلى تطور العديد من الممارسات والمفاهيم. سأتحدث اليوم فقط عن البيانات المفتوحة. اخترت هذا الموضوع لأنه يأتي متزامنا مع إعلان تفاصيل خطة التحول الوطني كما يأتي في ظل اهتمام عالمي متزايد بتوفير ودعم البيانات الحكومية المفتوحة.

البيانات المفتوحة باختصار هي منصة الكترونية تنشر فيها بيانات المؤسسات الحكومية والخاصة كالإحصاءات الحكومية في قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها وتكون متاحة للاستخدام لأي زائر. قد يتساءل البعض عن جدوى مثل هذا الأمر. أولى وأهم الفوائد المترتبة على مشاركة البيانات الحكومية هي في تعزيز مبدأ الشفافية الحكومية -أحد ركائز رؤية السعودية 2030-. فحينما يرى المواطن والمتابع والراصد أداء مختلف القطاعات الحكومية يستطيع أن يكون فكرة واضحة مدعومة بالأرقام عن حجم الإنجاز الفعلي بعيدا عن التصريحات التي تدغدغ الأحلام.

الفائدة الأخرى المترتبة على مشاركة البيانات الحكومية تكمن في تحسين كفاءة أداء الجهات الحكومية، وهذه نتيجة المراقبة الشعبية. فضلا عن الفوائد الاقتصادية المترتبة على مشاركة بيانات القطاع الحكومي. ففي الولايات المتحدة الأمريكية أدى نشر البيانات المفتوحة عن مختلف المجالات والقطاعات إلى تحسين الكثير من القرارات الحكومية ورفع جودتها ناهيك بتعزيزها للشفافية وفتحها المجال للعديد من الخدمات والمنتجات الجديدة المعتمدة كليا على التنقيب في هذه البيانات ومعالجتها. تخيل مثلا أن القيمة الاقتصادية المحتملة من نشر البيانات المفتوحة تقدر بنحو خمسة مليارات دولار سنويا. أما في أوروبا فقد قدرت القيمة الاقتصادية للبيانات المفتوحة بنحو 40 مليار يورو سنويا في كافة دول الاتحاد الأوروبي. وخليجيا قدرت إحدى الدراسات عوائد البيانات المفتوحة لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة بنحو 1.7 مليار درهم وذلك من خلال مشاركة البيانات الحكومية.

يمكننا القول بثقة إن نجاح وتحقق رؤية السعودية 2030 لا يمكن أن يكتمل دون مراقبة عامة ومتابعة شعبية لأداء مختلف القطاعات لتشجيع أوجه التقدم ومعالجة أوجه الخلل. حتى لا يتحول كل هذا الحديث حول الرؤية والخطة إلى أحلام يقظة، لا بد أن يتمكن المهتمون -من باحثين وأكاديميين ومواطنين- من متابعة نقاط القوة والضعف ومسارات التقدم والتعثر. ولا يوجد طريق أضمن لتحقيق هذا الأمر كتوفير بيانات أداء مختلف القطاعات متاحة وبشكل شفافية على الانترنت. هذه الخطوة لن تحسن من أداء تلك القطاعات فحسب، بل ستوفر فضاء جديدا لإبداع الخدمات والمنتجات القائمة على البيانات.

في لندن على سبيل المثال استخدمت البيانات المفتوحة الخاصة بالمواصلات من أجل تطوير تطبيقات متعددة مما وفر على الحكومة عشرات الملايين كل عام، وذات الأمر حصل في الولايات المتحدة الأمريكية في عدة مدن كبوسطن والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.

لحسن الحظ أن منصة البيانات المفتوحة السعودية بدأت بالفعل قبل سنين قليلة وتشمل مئات الجداول من قطاعات مختلفة بما فيها الصحة والسكن والخدمات الاجتماعية والنقل والمواصلات وسوق العمل.. إلخ. وهذه الخطوة على تأخرها (حيث سبقتنا في هذا المجال عدة دول عربية كتونس والمغرب والأردن والبحرين) إلا أنها مشكورة وتستحق الدعم والإشادة لأنها توفر مصدرا غنيا وثريا.

لكن في ظل جهل الكثير من المهتمين بوجودها وصعوبة استخدامها، أعتقد أنه من الضروري تسهيل الوصول إلى تلك البيانات من خلال واجهات يسيرة الاستخدام ليعرف المواطن العادي -وبنقرات بسيطة- أي الأهداف أو المشاريع تحقق وأيها لم يتحقق.