ناصر محمد الجهني

العمالة المتسولة وصدقات رمضان

الأربعاء - 08 يونيو 2016

Wed - 08 Jun 2016

نستقدم الأيدي العاملة إلى هذا البلد من أجل العمل وتقديم خدمات مقابل أجر، للمساهمة في التنمية وليس في تعطيلها، للعمل وليس للبطالة والتجمع والتسيب والتسول، لكن ما يلحظه الجميع هو العدد الهائل من العمالة التي اتخذت من التسول مهنة وتركت ما تم استقدامها من أجله.. تجمعات عند مكائن الصرف الآلي وإشارات المرور ومداخل الأسواق وأبواب المساجد وفي محطات الوقود. عمالة سائبة هائمة امتهنت التسول ولا نعلم من استقدمهم، ولماذا تم استقدامهم، ومن سمح باستقدامهم، وكيف تركوا على هذه الحال بدون متابعة أو رقابة أو محاسبة.

مجاميع غفيرة منتشرة في كل مكان تشكل عبئا اقتصاديا ومشكلة اجتماعية وخطرا أمنيا متزايدا، ومع ذلك ليس هناك من يلتفت إليهم أو يحاسبهم أو يمنعهم أو يسائلهم عما يفعلون. أين مسؤولو الشركات التي استقدمتهم؟ وأين الجهات الحكومية المعنية كالجوازات وهيئة مكافحة التسول؟ ثم أين وزارة العمل عن محاسبة الشركات التي استقدمتهم؟ وكأنه لا يكفي أن يقوم عدد من شركات القطاع الخاص باستقدام الأيدي العاملة على حساب أعداد كبيرة ومتزايدة من أبنائنا وبناتنا المعطلين عن العمل، لتقوم شركات أخرى باستقدام عمالة لا عمل لها، تضايق بها حتى أصحاب الحاجة الحقيقية من أبناء البلد، وتترك عمالتها تستشري وتتكاثر في شوارعنا وفي أحيائنا وعلى أبواب منازلنا، مكونة بؤرة مهيأة للجريمة، للسرقة والقتل والاغتصاب والاختطاف والتخريب وإثارة الفوضى.

ومع الأسف فإن الكثيرين في هذا المجتمع يسهمون في دعم هذه العمالة السائبة، وفي تزايد أعدادها ودفعها للتسول بتقديم الأموال لأفرادها من باب التصدق وفعل الخير وكسب الأجر، وهم لا يعلمون أنهم بتصدقهم على هؤلاء إنما هم في حقيقة الأمر يسهمون في تواجدهم وتكاثرهم ويدعمون تبطلهم وتسيبهم، وبالتالي يسهمون في الجريمة التي يرتكبون. ومع هذا الشهر الكريم وتزايد أفعال الخير يتزايد العطاء لهذه الفئة ويزداد انتشارها بالتالي، ومن ثم تكبر تبعاتها ويتنامى خطرها، علما بأن هناك عددا من سبل الخير وطرق التصدق وكسب الأجر من الأولى اتباعها، كالجمعيات الخيرية ودور الرعاية ومراكز الخدمات الاجتماعية. هناك محتاجون حقيقيون الأولى البحث عنهم ودعمهم والتصدق عليهم، ثم هناك الأحق والأجدر.. الذين لا يسألون الناس إلحافا.

على شركات القطاع الخاص المستقدمة لهذه العمالة أن تقوم بدورها لإيقاف هذا العبث ودرء هذا الخطر. وعلى الجهات الحكومية ذات الاختصاص أن تؤدي دورها بإيقاف وترحيل كل من يتسول من العمالة ومعاقبة شركاتهم التي استقدمتهم للعمل لديها، بتحميلها تكاليف ترحيل المتسيب من عمالتها، وخصم أعدادهم من الأعداد المخصصة لها للاستقدام. وعلى المواطن - قبل الجميع - أن يدفع صدقته لمستحقيها بدلا من أن يدفعها لهؤلاء ويسهم في الأذى من حيث يعتقد الخير.