مها الحريب

مكة بين جشع التجار وشوق الزائرين

الثلاثاء - 07 يونيو 2016

Tue - 07 Jun 2016

مكة المكرمة مهوى القلوب والأرواح، قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها في صلاتهم كل يوم وألسنتهم تلهج بالدعاء لزيارتها والصلاة فيها، مكة التي أعرفها منذ نعومة أظفاري كانت تتسع للجميع بكل أجناسهم وطبقاتهم، لم يكن على المرء أن يحمل هم السكن فيها بل بمبلغ معقول يجد له غرفة أو شقة دون أن يحسب عناء المبالغ الضخمة التي سيدفعها، أما الآن فقد اختلف الأمر وارتفعت الأسعار بشكل صاروخي! فإذا قررت زيارة مكة في رمضان فأمامك ثلاثة خيارات للسكن:

الأول في المنطقة المركزية وهي الفنادق المطلة على الحرم والقريبة جدا منه، وهذه أسعارها تخضع لأمرين: وقت سفرك وإطلالة الغرفة، فالأسعار تقفز قفزة مهولة في هذا الشهر الفضيل وتزداد جنونا في العشر الأواخر، فسعر غرفة في العشر الأواخر تبدأ من 35 ألفا لتصل في بعض الفنادق إلى 95 ألفا للغرفة غير المطلة لأن الإطلالة على الحرم تكبدك زيادة مضاعفة وترفع السعر بحسب الفندق ليصل إلى 100 ألف في بعضها! هذا في الفنادق ذات الخدمات الجيدة ومستوى النظافة العالي.

أما الخيار الثاني فإذا كنت تبحث عن أسعار تناسب دخلك وقدرتك المالية فإما أن تسكن فنادق بعيدة جدا عن الحرم وحينها عليك أن تخرج باكرا لتلحق بصلاة المغرب والتراويح لأن الطرق تصبح مكتظة في حال تأخرك ويكون عليك افتراش ساحات الحرم انتظارا للتهجد فلا يمكنك العودة لسكنك أبدا حتى تنتهي الصلوات وهذا يفسر جزءا من ظاهرة الافتراش، كما يتوجب عليك تحمل عناء الوقوف والمصارعة أحيانا لتأخذ لك مكانا في الباصات التي توصلك للمواقف أو للمناطق القريبة من سكنك بحسب الخطة المرورية المفروضة.

والخيار الثالث فنادق قريبة قليلا من الحرم لكن مستوى النظافة فيها متدن جدا ومثير للغثيان وحينها احتسب الأجر وتذكر سبب قدومك للعبادة وتجاهل ما تراه.

هذا يا سادة باختصار المشهد في فنادق مكة، تفاوت مهول في الأسعار ونوعية الخدمات المقدمة دون ضوابط واضحة. والحديث عن الفنادق في مكة ذو شجون يجعلنا نتساءل كيف حول التجار بيت الله الحرام لكعكة يتسابقون على أكلها دون أي اعتبار للمواطن ودخله!

أين وزارة التجارة عن كل هذا الجنون ألا يفترض إلزام الفنادق بحد معقول يناسب الجميع خصوصا أن مكة أرض للعبادة وليست مدينة سياحية؟ ولو افترضنا أن السياحة الدينية تدر دخلا جيدا فدبي مثلا في الإجازات أسعار السكن فيها منطقية ومعقولة مع توفر الخدمة الممتازة والخيارات المتعددة للفنادق.

ختاما لا بد من وقفة جادة وتدخل عاجل حتى لا يعود الذهاب لمكة لمن استطاع إليه سبيلا، وحتى لا تكون حكرا على الأثرياء.