المنظومة الإرشادية لتحقيق أمن المجتمعات

الثلاثاء - 07 يونيو 2016

Tue - 07 Jun 2016

المجتمعات تشهد الكثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسلوكية غير المتوقعة وغير المنسجمة مع النسيج الاجتماعي والبيئي الذي اعتاد عليه أفرادها، مدعومة بثورة هائلة من الاتصالات المتطورة والأجهزة الحديثة، مما يصل ببعض أفراد المجتمع إلى فقدان التوازن والسيطرة على مجريات حياتهم ومن ثم تؤثر على اختياراتهم وقراراتهم التي قد لا يحمد عقباها في بعض الأحيان، أو قد تشكل خطرا على الآخرين وبالتالي على المجتمع في نفس الوقت.

ومن هنا دق ناقوس الخطر للالتفات إلى هؤلاء المتأثرين بهذه الأفكار والاتجاهات المستوردة في بعضها أو المركبة في بعضها الآخر مع ما يشوبها من الغموض والتشدد والغرور والخوف من الاستماع أو التحاور مع الآخر، مما خلق نوعا من العزلة جعلتهم يضطرون إلى إنشاء مجتمع صغير خاص بهم لتنمو فيه هذه الأفكار والآراء المتطرفة الخطيرة التي تهدد المجتمعات على كافة فئاتها وجوانبها.

أصبحت الحاجة ماسة والضرورة ملحة إلى أن تفعّل هذه المجتمعات المنظومات الإرشادية وتوفر كافة الخدمات والبرامج النفسية والاجتماعية لكل شرائح المجتمع مع اختلافاتهم المهنية والدراسية والعمرية، وذلك انطلاقا من حقائق هي أن المجتمع مبني على الأفراد، وأن كل فرد من أفراد المجتمع يشكل مكونا من مكونات بنائه، وأن لكل فرد وظيفة مهمة في هذا المجتمع وهو عنصر فعّال فيه، وأن الإنسان كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر، ويعيش في جماعة، وأن الجماعة لا تستمر إلا بالتوافق والانسجام مع أفرادها.

إن المنظومة الإرشادية الفعّالة على كافة المستويات كفيلة بأن توفر الأمن الداخلي للمجتمعات لأنه يوفر البيئة الآمنة المناسبة للعمل والبناء، ويشكل حافزا للإبداع والانطلاق إلى آفاق المستقبل.

والرعاية الإرشادية التي تقدمها المنظومة من خلال الخدمات والبرامج المختلفة لها دور كبير في تعزز وترسخ قيم حب الوطن والتضحية من أجله والانتماء والولاء له، والإيمان بالثوابت الدينية والاجتماعية الأصيلة التي توحّد النسيج الاجتماعي والثقافي وبالتالي تظهر الهوية الوطنية كشعار وسمة لهذا المجتمع دون آخر.

إن نواتج المنظومة الإرشادية بما تحويه من برامج وخدمات إرشادية متكاملة ومتواصلة تمكن الفرد من انتهاج السلوك الذي يؤمنه من الأخطار التي تهدد حياته أو ممتلكاته أو مجتمعه من خلال ما يملكه من الوعي والاستبصار ومن المهارات والقدرات الذاتية والحياتية، والحرص على استقرار الأمن مع الحرص على حياة بقية أفراد المجتمع وعدم التعدي والتجاوز، كما أن مقومات الحماية الفردية تستوجب توفير الأمن لبقية أفراد المجتمع.

ولا بد في هذا المقام من إبراز دور الخدمات والبرامج الإرشادية وأهميتها في تحقيق الأمن الداخلي للمجتمعات على كافة الأصعدة في وسائل الإعلام المختلفة وبرامج التواصل الاجتماعي للمساهمة بشكل فاعل في إثارة الرأي الأكاديمي والمناقشات العلمية وورش العمل لتعزيز الثقافة الإرشادية ودورها المهم في تحقيق الرؤى والغايات المنشودة منها.