محمد العقلا

ثقافة الحقوق

الأحد - 05 يونيو 2016

Sun - 05 Jun 2016

تعتبر ثقافة الحقوق من أهم الثقافات التي ينبغي للمرء أن يحرص على معرفتها والتزود بها، فهي تحميه في المقام الأول من إشكاليات قد يقع فيها وهو في غنى عنها، ومما يؤخذ على المواطن العربي بصفة عامة والسعودي بصفة خاصة هو تدني خلفيته الحقوقية بما له من حقوق وما عليه من واجبات ولجوؤه بصفة دائمة إلى البحث عن واسطة أو شفاعة في سبيل قضاء مصالحه واستخراج حقوقه، وهو في غنى عن ذلك لو اطلع على الأنظمة وتعامل بموجبها واستفسر عن الإجراءات النظامية في هذا الخصوص.

ومن الإيجابيات التي يحققها الفرد المثقف والملم والمطلع على هذه الحقوق احترام الطرف المقابل له وتقديره بل وخشيته، وقد أشارت المواطنة الفلسطينية ليلى خالد - التي تم اعتقالها عام 1971 في بريطانيا عقب قيامها ومجموعة معها بخطف طائرة إسرائيلية والهبوط بها بمطار هيثرو بلندن، نجم عنه سقوط قتلى وجرحى من الركاب ومن بعض الخاطفين - في مقابلة مع قناة الجزيرة قبل عدة سنوات إلى أنها عندما أدخلت السجن وجدت لوحة معلقة داخل كل زنزانة توضح حقوق السجين ومدونة بشكل واضح، وقالت إنها قرأتها بشكل جيد واستوعبتها، وعندما مثُلت أمام القاضي تعامل معها بفوقية وازدراء لكونها عربية فما كان منها إلا أن خاطبت القاضي قائلة لو سمحت أنا أعرف القانون جيدا وأطالب بتطبيقه فورا ومن ذلك عدم استجوابي دون وجود محام، فاستجاب لها على الفور وتغيرت نظرته لها وتم تعيين محام لها، ومن ثم تمكنت بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل معرفتها بالأنظمة والقوانين من عدم استدراجها وتوريطها لا سيما وأن ما أقدمت عليه من وجهة نظرهم يعتبر كبيرا وخطيرا لأنهم (أي البريطانيين) للأسف الشديد نظروا إلى النتيجة وهي خطف الطائرة وأهملوا المقدمة وهي احتلال اليهود لوطن ليلى خالد وهي فلسطين، وقتل وتشريد أهلها والاستيلاء على ممتلكاتهم.

وقد نصحت ليلى خالد عبر تلك المقابلة جميع العرب أن يعرفوا ما لهم من حقوق لكي يستفيدوا ولا يكونوا مغفلين، فالقانون كما يقال لا يحمي المغلفين.

وفي الجانب المقابل نجد أن بعض العاملين في القطاعين الحكومي والخاص يحرصون كل الحرص على حرمان المواطن والمقيم من أبسط حقوقهما وتجدهم يلجؤون إلى ممارسة شتى وسائل الإذلال والمماطلة بل والمساومة معهم بهدف سلب حقوقهم أو انتقاصها، ولا أدري ما المصلحة المترتبة على مثل هذه التصرفات التي تؤدي إلى إضعاف درجة الانتماء للقطاع الذي يعملون فيه، فضلا عن إشغال المحاكم والهيئات والجمعيات الحقوقية بقضايا كان المجتمع في غنى عنها.

وللأسف الشديد تجد أن بعض العاملين في القطاعين الحكومي والخاص عندما تسألهم عن السبب في التعنت والاستبداد والاستفزاز تجد إجابتهم أوهن من بيت العنكبوت، وفي هذا المقام فإني أقترح على وزارة الخدمة المدنية والجهات ذات العلاقة مثل معهد الإدارة العامة والجامعات إعداد وتنفيذ دورات متخصصة معترف بها لأغراض الترقية عن تنمية مهارات العاملين في مجال الثقافة الحقوقية فهل يتحقق هذا الأمر؟. أرجو ذلك.

[email protected]