منى سالم باخشوين

لا أريد هذا البرنامج!

الأحد - 05 يونيو 2016

Sun - 05 Jun 2016

ماذا تفعل لو أنك مصاب بمرض عضوي أو نفسي يزداد سوءا إذا ما فاجأك أحدهم وأخافك ثم أخبرك بعد أن «استمتع» برد فعلك من خوف واضطراب وضعف أو غضب عارم، أخبرك أنه فقط يمزح معك؟

أعرف بعض الحالات التي تعرضت لمثل هذه المواقف فنتج عن ذلك أزمات قلبية وأعراض مرضية أخرى كارتفاع مفاجئ في سكر الدم أو الضغط أو انقطاع التنفس أو سوى ذلك.

تخيل أن يحدث ذلك معك ثم يخبرك المتسبب أنه يحب هذا النوع من «المقالب» وأنه يستمتع بهذا الذي يحصل «للضحية»، ويبدأ في الضحك أمامك وكأن ما حدث مسرحية كوميدية.

تخيل أيضا أن هذا يحدث بإشراف فريق محترف جدا وبتكلفة مادية كبيرة وبحرص وطلب من مؤسسات إنتاج ضخمة لقنوات عربية معروفة وتعرض هذه البرامج في شهر رمضان.

أتحدث عن رأيي الشخصي حين أقول إن مثل هذه البرامج هي برامج لا تضيف أي إضافة جيدة لكل من يشاهدها. هي فقط تضييع للوقت. بالطبع ذلك ينطبق على كثير وكثير من برامجنا، ولكن أضف إلى تضييع الوقت ذلك الكم من «السماجة» التي تشعر بها في كل لحظة من لحظات البرنامج. أستغرب أن تُدفع الملايين لأجل القيام ببرنامج يخيف الآخرين ويستخف بعقولهم وشخصياتهم واتزانهم. ويتعرض خلاله الضيف لفقدان التحكم بأعصابه وردود فعله وقد يبدو بصورة غير لائقة أمام الجمهور وهو يكيل الشتائم غير اللائقة أبدا وقد يقوم بالتعدي على من أمامه بالضرب والركل. ما معنى كل ذلك؟ وما الهدف الذي تصل إليه هذه البرامج؟ وماذا يستفيد المشاهد؟ كل هذا التوتر والتجاوز في الألفاظ و»البهدلة» والمبالغ الكبيرة والتعرض ربما لقضايا ومطالبات بتعويض مادي. كل هذا لأن معد البرنامج يجد ما يفعله مضحكا ويزيد من شهرته ورصيده ويسمح له بأن يقترب من المشاهير والمشهورات بالذات واحتضانهن أثناء نوبات الفزع التي يتعرضن لها. ما هذا الذي نفعله بعقولنا ومستوى برامجنا؟ أعلم أن من يؤيد مثل هذا البرنامج سيقول لست مجبرة على مشاهدته. نعم، لا هذا البرنامج ولا سواه من البرامج التي تستخف بعقلي، ولكن هناك من يشاهده ولا يعلم أن هذا استخفاف بعقليته وبسمعة الجهات التي تعرضه والبلد الذي ينتجه.

وأعلم أيضا أن هناك كثيرا من البرامج التي تعرض خلال رمضان وهي مليئة بنفس الكم من السخف والإيحاءات من المقدمة للبرنامج، وأعلم أن كل ما علينا فعله هو إغلاق التليفزيون أثناء هذه البرامج ولكن المشكلة لا تتوقف عند ذلك فقط ولا يعني إغلاقي للتليفزيون أنه لا يوجد من يشاهد ذلك ويؤيده على غير علم بما تجلبه هذه التفاهات على أدمغتنا وأعصابنا من نقص وسوء.

يكفينا إسفافا، ويكفينا استيرادا لبرامج هي مضيعة للوقت والعقل. ولنقف وقفة اعتراض على كل ما يشوه ذائقتنا في رمضان وفي كل وقت.

[email protected]