التغريدة التي دخلت التاريخ ولم تخرج منه
الأحد - 05 يونيو 2016
Sun - 05 Jun 2016
«دخول الحمام مش زي خروجه» كما يقول المثل الشعبي وذات الأمر ينطبق على عالم الشبكات الاجتماعية. خلال الأشهر القليلة الماضية شهدنا حملات للنبش في التاريخ الالكتروني لبعض الشخصيات الإعلامية المشهورة أو المسؤولين في الجهات الحكومية أو الخاصة.
لم يخطر ببال «الضحية» أن يجد أحدهم تغريدته التي كتبها من سنين طويلة ولكن همة نباشي الماضي لا تعرف المستحيل. ولأن خوادم قوقل وتويتر لا تعرف للماضي معنى، فما تكتبه في الانترنت يبقى فيه للأبد حتى لو غيرت وجهك مسافات السنين. والأسوأ من مجرد بقائه في الانترنت أن أثره يظل يتبعك.
لهذا قامت ضجة حول مفهوم يمكن ترجمته بـ «حق المرء أن يُنسى». تخيل معي: شاب مقبل على حياته كتب تغريدة ما لم تعجب البعض، أو ارتكب جريمة صغيرة، أو فعل ما فعل فقامت مواقع إخبارية بنشر الخبر. عناكب قوقل ضمت الخبر إلى قاعدة بيانات البحث لكي تظهر لك أخبار صاحبنا المقبل على حياته في أولى نتائج البحث.
تمر السنين وما زال الخبر يتصدر نتائج البحث. يتخرج صاحبنا بعد سنين من الكد والتعب ويتقدم إلى عدة وظائف ويُفاجأ بالرفض المتكرر دون سبب، فالكل يبحث عن اسمه ويجد ذات الخبر. يتزوج وينجب الأبناء والأحفاد الذين لا تتوقف أسئلتهم عن تلك الحادثة التي قادهم إليها قوقل. «حق المرء أن ينسى» يعني أن يكون لهذا الشاب الحق في أن تمحى هذه الصفحات من تاريخه الالكتروني لكيلا تظل عائقا أمام مستقبله. محكمة العدل الأوروبية أقرت هذا الحق قبل سنين قليلة وألزمت مواقع البحث التي يأتي على رأسها قوقل بقبول طلبات الحذف. ما إن أتيح الأمر حتى هرع عشرات الآلاف من مستخدمي قوقل لرفع طلبات الإلغاء والتي تتراوح كلها ما بين «ضحايا» تشهير أو مجرمين سابقين قضوا فترة محكوميتهم إلى سياسيين ونافذين يرغبون في إعادة كتابة التاريخ.
قد لا تجد الشخصيات العامة بما فيهم المسؤولون أو الإعلاميون أدنى تعاطف مع حذف تاريخهم الأسود القديم كالذي يجده صاحبنا الشاب المقبل على الحياة، ولكن لدينا هنا معضلة التمييز بين الشخصيات العامة والشخصيات غير العامة. فمعلم تاريخ في أطراف محافظة شرورة قد لا يكون شخصية عامة، ولكن هل هذا يعني أنه لن يصبح شخصية عامة في يوم من الأيام؟ وهل يصبح إخفاء تاريخه الالكتروني -فيما لو قدر له أن يصبح وزيرا للزراعة في يوم من الأيام- نوع من تزوير تاريخه الشخصي؟ لا أحد يملك الإجابات الواضحة على هذه الأسئلة، بما فيها قوقل نفسها التي سخرت جيشا من المحامين للتعامل مع هذه الطلبات.
ما ذكرت ليس سوى لمحة مبسطة عن الثمن الباهظ الذي قد ندفعه بالتواجد في الشبكات الاجتماعية. فالخطأ البسيط قد يتحول فجأة إلى حفلة من الردح والنبش ليصبح هذا الخطأ تاريخا مكتوبا يقرؤه كل الناس حاضرا ومستقبلا بما فيهم أبناؤك وأحفادك. الجوانب الأخرى لهذا الثمن الباهظ تتضمن مثلا إتاحة المجال للشركات الخاصة دراسة سلوكك على الانترنت وفهم تصرفاتك ومن ثم بيع تلك المعلومات واستخدامها بأشكال غير شرعية سواء من جهات رسمية (كما تفعل وكالة الأمن القومي الأمريكية) أو جهات خاصة كما تفعل كل الشركات الكبرى تقريبا.
الحل ببساطة هو أخذ الحضور الالكتروني على محمل الجد. سهولة الوصول للهواتف الذكية والكتابة في المواقع الاجتماعية يجعلها مقترنة بالتلقائية والعفوية مما يدفع بالبعض إلى الانطلاق في التعبير والكتابة دون أن يثمن العواقب جيدا. باختصار، تخيل أنك تتحدث أمام آلاف المستمعين دوما. وللحديث بقية.
لم يخطر ببال «الضحية» أن يجد أحدهم تغريدته التي كتبها من سنين طويلة ولكن همة نباشي الماضي لا تعرف المستحيل. ولأن خوادم قوقل وتويتر لا تعرف للماضي معنى، فما تكتبه في الانترنت يبقى فيه للأبد حتى لو غيرت وجهك مسافات السنين. والأسوأ من مجرد بقائه في الانترنت أن أثره يظل يتبعك.
لهذا قامت ضجة حول مفهوم يمكن ترجمته بـ «حق المرء أن يُنسى». تخيل معي: شاب مقبل على حياته كتب تغريدة ما لم تعجب البعض، أو ارتكب جريمة صغيرة، أو فعل ما فعل فقامت مواقع إخبارية بنشر الخبر. عناكب قوقل ضمت الخبر إلى قاعدة بيانات البحث لكي تظهر لك أخبار صاحبنا المقبل على حياته في أولى نتائج البحث.
تمر السنين وما زال الخبر يتصدر نتائج البحث. يتخرج صاحبنا بعد سنين من الكد والتعب ويتقدم إلى عدة وظائف ويُفاجأ بالرفض المتكرر دون سبب، فالكل يبحث عن اسمه ويجد ذات الخبر. يتزوج وينجب الأبناء والأحفاد الذين لا تتوقف أسئلتهم عن تلك الحادثة التي قادهم إليها قوقل. «حق المرء أن ينسى» يعني أن يكون لهذا الشاب الحق في أن تمحى هذه الصفحات من تاريخه الالكتروني لكيلا تظل عائقا أمام مستقبله. محكمة العدل الأوروبية أقرت هذا الحق قبل سنين قليلة وألزمت مواقع البحث التي يأتي على رأسها قوقل بقبول طلبات الحذف. ما إن أتيح الأمر حتى هرع عشرات الآلاف من مستخدمي قوقل لرفع طلبات الإلغاء والتي تتراوح كلها ما بين «ضحايا» تشهير أو مجرمين سابقين قضوا فترة محكوميتهم إلى سياسيين ونافذين يرغبون في إعادة كتابة التاريخ.
قد لا تجد الشخصيات العامة بما فيهم المسؤولون أو الإعلاميون أدنى تعاطف مع حذف تاريخهم الأسود القديم كالذي يجده صاحبنا الشاب المقبل على الحياة، ولكن لدينا هنا معضلة التمييز بين الشخصيات العامة والشخصيات غير العامة. فمعلم تاريخ في أطراف محافظة شرورة قد لا يكون شخصية عامة، ولكن هل هذا يعني أنه لن يصبح شخصية عامة في يوم من الأيام؟ وهل يصبح إخفاء تاريخه الالكتروني -فيما لو قدر له أن يصبح وزيرا للزراعة في يوم من الأيام- نوع من تزوير تاريخه الشخصي؟ لا أحد يملك الإجابات الواضحة على هذه الأسئلة، بما فيها قوقل نفسها التي سخرت جيشا من المحامين للتعامل مع هذه الطلبات.
ما ذكرت ليس سوى لمحة مبسطة عن الثمن الباهظ الذي قد ندفعه بالتواجد في الشبكات الاجتماعية. فالخطأ البسيط قد يتحول فجأة إلى حفلة من الردح والنبش ليصبح هذا الخطأ تاريخا مكتوبا يقرؤه كل الناس حاضرا ومستقبلا بما فيهم أبناؤك وأحفادك. الجوانب الأخرى لهذا الثمن الباهظ تتضمن مثلا إتاحة المجال للشركات الخاصة دراسة سلوكك على الانترنت وفهم تصرفاتك ومن ثم بيع تلك المعلومات واستخدامها بأشكال غير شرعية سواء من جهات رسمية (كما تفعل وكالة الأمن القومي الأمريكية) أو جهات خاصة كما تفعل كل الشركات الكبرى تقريبا.
الحل ببساطة هو أخذ الحضور الالكتروني على محمل الجد. سهولة الوصول للهواتف الذكية والكتابة في المواقع الاجتماعية يجعلها مقترنة بالتلقائية والعفوية مما يدفع بالبعض إلى الانطلاق في التعبير والكتابة دون أن يثمن العواقب جيدا. باختصار، تخيل أنك تتحدث أمام آلاف المستمعين دوما. وللحديث بقية.