لهذه الأسباب لن تنجح مقاطعة إم بي سي
الاثنين - 30 مايو 2016
Mon - 30 May 2016
أشهر حملة مقاطعة في التاريخ بدأتها روزا باركس في أحد باصات مدينة مونتوقمري بولاية ألاباما الأمريكية، بعد أن رفضت الوقوف ومنح مقعدها لرجل أبيض، كما كانت تقتضي قوانين الفصل العنصري في خمسينات القرن الماضي. تلى ذلك الموقف التاريخي حملة مقاطعة من قبل السود الذين يشكلون نسبة 75% من زبائن شركة الباصات استمرت حتى قضت المحكمة العليا بعدم دستورية التمييز العنصري.
وأما أغرب حملات المقاطعة فهو اليوم العالمي لعدم الشراء والذي يصادف موعده تاريخ «الجمعة السوداء» - أكبر مناسبة تسوق في الولايات المتحدة – احتجاجا على ثقافة الاستهلاك والمادية الطاغية.
وإذا كان في القائمة متسع لأكثر حملات المقاطعة يأسا ولا جدوى فستفوز بها الحملات الرمضانية الداعية إلى مقاطعة قناة أو مسلسل تلفزيوني. الدراما ما تزال هي الحديث الرمضاني الأول وحملات مقاطعتها لن تنجح أبدا في تحقيق هدفها المنشود لأسباب بسيطة لا علاقة لها بالحملة نفسها.
حملات المقاطعة هي سلاح الضعيف، وآخر الحلول في يد من يحاول فرض تغيير اجتماعي أو اقتصادي. والهدف المنشود من هذه الحملات هو إجبار شركة أو مؤسسة ما على تعديل سياستها عبر تقويض مصدر ربحها الأول؛ المستهلكين أو المشاهدين. ولكنها غالبا ما تفشل لأنها تتطلب إجماع عدد كبير من الناس على الإيمان بهدف مشترك والتصرف بطريقة واحدة في مواجهة مؤسسة غالبا ما تكون ضخمة الحجم وواسعة الانتشار مما يصعب من قدرة المقاطعين على تهديدها.
وحتى لو اتفق الجميع على الهدف، فإن حملة المقاطعة تظل تضع مؤيديها بين قرارين متضاربي المصالح: ففي كفة هناك مصلحة الجماعة والتي يحققها التزام كل فرد بالتوقف عن الاستهلاك، وفي الكفة الأخرى هناك مصلحة الفرد والتي يحققها مواصلة الاستهلاك والاستمتاع بدراما رمضانية على قناة تلفزيونية أو قشطة من شركة ألبان. وكما تفشل حملات التوعية بالنظافة في الحدائق والشطآن في منع مرتاديها من رمي أعقاب السجائر لأن سيجارة واحدة في نظرهم لن تشوه صورة كورنيش، تفشل حملات الانترنت التي تستهدف الجميع في تغيير التصرفات على أرض الواقع لأن الفرد حتى لو آمن برسالة الحملة فإن دوره يبقى هامشيا مقارنة بضخامة الهدف. وكما يموت مصاب دون أن يتصل أحد بالإسعاف بسبب اعتقاد كل من مر أن شخصا آخر قد أدى هذه المهمة الاجتماعية، تموت حملات المقاطعة حين ينظر إليها كفرض كفاية إذا قام به فرد سقط عن الجميع. وربما قد تكون تطبيقات التواصل قد سهلت تمرير منشورات المقاطعة على الملايين، إلا أنها في الوقت ذاته تمنحهم العذر لتجاهلها لأنها تستهدف الكل فتهمش الجميع.
المقاطعة ضريبة يدفعها المستهلك عبر امتناعه عن خياره المفضل ومتعته الأسهل. وشرط دفع هذه الضريبة هو إيمان المستهلك بأن ما سيجنيه في المقابل يستحق التضحية. وما يبدو غائبا عن وعي أصحاب الحملات التي تلبس قناع الدين والأخلاق هو أن سمو نية الحملة – كما يفترضون – لن يحولها مباشرة من رسائل واتس اب إلى خسائر تشغيلية في دفاتر الشركة ما لم تقدم بديلا يرقى لمنافسة المقاطع. فالاستهلاك طاقة اقتصادية لا تفنى ولا تخلق من العدم ينتقل خلالها المستهلكون عبر البدائل بحثا عن أفضل مردود.
وفي حين أن المقاطعة هي حق يعاقب من خلاله الفرد والمجتمع أي مؤسسة تخالف قيمه، فإنها خيار سلبي لا يتجاوز أثره التنفيس والانتقام. العجلة الاقتصادية تملك أداة أخرى تسمى المنافسة يصوت من خلالها الناس عبر قرارات استهلاكهم لصاحب الفكرة الأفضل. ومن يدري.. ففي ظل غياب استطلاعات الرأي الاجتماعية، فإن التحلق الرمضاني حول قناة تمت شيطنتها منذ نشأتها هو تصويت حسم الريموت نتيجته.
وأما أغرب حملات المقاطعة فهو اليوم العالمي لعدم الشراء والذي يصادف موعده تاريخ «الجمعة السوداء» - أكبر مناسبة تسوق في الولايات المتحدة – احتجاجا على ثقافة الاستهلاك والمادية الطاغية.
وإذا كان في القائمة متسع لأكثر حملات المقاطعة يأسا ولا جدوى فستفوز بها الحملات الرمضانية الداعية إلى مقاطعة قناة أو مسلسل تلفزيوني. الدراما ما تزال هي الحديث الرمضاني الأول وحملات مقاطعتها لن تنجح أبدا في تحقيق هدفها المنشود لأسباب بسيطة لا علاقة لها بالحملة نفسها.
حملات المقاطعة هي سلاح الضعيف، وآخر الحلول في يد من يحاول فرض تغيير اجتماعي أو اقتصادي. والهدف المنشود من هذه الحملات هو إجبار شركة أو مؤسسة ما على تعديل سياستها عبر تقويض مصدر ربحها الأول؛ المستهلكين أو المشاهدين. ولكنها غالبا ما تفشل لأنها تتطلب إجماع عدد كبير من الناس على الإيمان بهدف مشترك والتصرف بطريقة واحدة في مواجهة مؤسسة غالبا ما تكون ضخمة الحجم وواسعة الانتشار مما يصعب من قدرة المقاطعين على تهديدها.
وحتى لو اتفق الجميع على الهدف، فإن حملة المقاطعة تظل تضع مؤيديها بين قرارين متضاربي المصالح: ففي كفة هناك مصلحة الجماعة والتي يحققها التزام كل فرد بالتوقف عن الاستهلاك، وفي الكفة الأخرى هناك مصلحة الفرد والتي يحققها مواصلة الاستهلاك والاستمتاع بدراما رمضانية على قناة تلفزيونية أو قشطة من شركة ألبان. وكما تفشل حملات التوعية بالنظافة في الحدائق والشطآن في منع مرتاديها من رمي أعقاب السجائر لأن سيجارة واحدة في نظرهم لن تشوه صورة كورنيش، تفشل حملات الانترنت التي تستهدف الجميع في تغيير التصرفات على أرض الواقع لأن الفرد حتى لو آمن برسالة الحملة فإن دوره يبقى هامشيا مقارنة بضخامة الهدف. وكما يموت مصاب دون أن يتصل أحد بالإسعاف بسبب اعتقاد كل من مر أن شخصا آخر قد أدى هذه المهمة الاجتماعية، تموت حملات المقاطعة حين ينظر إليها كفرض كفاية إذا قام به فرد سقط عن الجميع. وربما قد تكون تطبيقات التواصل قد سهلت تمرير منشورات المقاطعة على الملايين، إلا أنها في الوقت ذاته تمنحهم العذر لتجاهلها لأنها تستهدف الكل فتهمش الجميع.
المقاطعة ضريبة يدفعها المستهلك عبر امتناعه عن خياره المفضل ومتعته الأسهل. وشرط دفع هذه الضريبة هو إيمان المستهلك بأن ما سيجنيه في المقابل يستحق التضحية. وما يبدو غائبا عن وعي أصحاب الحملات التي تلبس قناع الدين والأخلاق هو أن سمو نية الحملة – كما يفترضون – لن يحولها مباشرة من رسائل واتس اب إلى خسائر تشغيلية في دفاتر الشركة ما لم تقدم بديلا يرقى لمنافسة المقاطع. فالاستهلاك طاقة اقتصادية لا تفنى ولا تخلق من العدم ينتقل خلالها المستهلكون عبر البدائل بحثا عن أفضل مردود.
وفي حين أن المقاطعة هي حق يعاقب من خلاله الفرد والمجتمع أي مؤسسة تخالف قيمه، فإنها خيار سلبي لا يتجاوز أثره التنفيس والانتقام. العجلة الاقتصادية تملك أداة أخرى تسمى المنافسة يصوت من خلالها الناس عبر قرارات استهلاكهم لصاحب الفكرة الأفضل. ومن يدري.. ففي ظل غياب استطلاعات الرأي الاجتماعية، فإن التحلق الرمضاني حول قناة تمت شيطنتها منذ نشأتها هو تصويت حسم الريموت نتيجته.