عبدالغني القش

أطول إجازة صيفية.. تتحول لكابوس!

الأحد - 29 مايو 2016

Sun - 29 May 2016

يجمع علماء النفس على أن الإجازة فرصة مواتية للترويح عن النفوس، وسبب لإدخال الأنس عليها، وتجديد النشاط، ووقت مناسب لاستثمار مدة زمنية في أمور مفيدة ربما لا تتاح للمرء في أيام العمل والدراسة.

وقد بدأ الطلاب والطالبات هذا الأسبوع أطول إجازة صيفية تمر بهم منذ عشرة أعوام، وبدأت معها علامات متعددة من السآمة وسريعا تسللت إليها الكآبة.

وغني عن القول إنه في الإجازة يتغير النمط الحياتي اليومي، ويتم التخلص من الارتباط الروتيني، على طريقة روّحوا عن أنفسكم، وساعة وساعة، وكنا إذا خلونا سلونا.

لكن المؤلم أنها تتحول إلى روتين ممل، وعبء ثقيل إن لم نستثمرها من أجل إثراء أرواحنا وأنفسنا بما ينفعها، وإن لم نفكر بالطريقة المثلى لقضائها، وبما يحقق الهدف منها، فإن أياما من العيش على سهر بلا عائد وعبث بلا طائل يعني مللا عجيبا، وسآمة قاتلة، وفراغا مقيتا، فيخيم على الأسر الضيق وتغشاهم الكآبة، فتتحول الإجازة لنوع من الأمراض النفسية وتصبح مشكلة اجتماعية معضلة، حتى إن بعضهم يرى أنه أمام أطول كابوس!

والمشهد يفترض فيه كثافة للفعاليات وتنوع في الأنشطة وتعدد في البرامج، بحيث يكون هناك إرضاء للذائقة وإشباع للميول، وهذا التحدي الخطير يبدو - مع بالغ الأسف - أنه لم يتم أخذه بعين الاعتبار؛ فما زالت هيئة السياحة والتراث الوطني تمارس نشر الفقاعات الإعلامية التي لا نلمسها؛ فنحن على أرض الواقع نرى فعاليات تتكرر، وأسعارا ملتهبة للفنادق وما في حكمها، وهو ما أدى للذهاب خارج البلاد لقضاء الإجازة، ولا ملامة، فنحن نعيش وضعا سياحيا لا يرضي أحدا، في حين أن الهيئة ترى خلاف ذلك!

العروض لا ترضي الطموحات ولا تحقق التطلعات؛ فأسعار الفنادق في مستوى لا يتفق مع إمكانيات الأسر ذات الدخل المحدود، والفعاليات يبدو أنها لم تواكب حرارة الصيف الملتهبة وما زالت في سباتها الشتوي.

والعجيب أن الكل يتهرب من المسؤولية؛ فالأمانات تقذف بها نحو الهيئة والهيئة تعيدها للجهات، وكانت بعض الغرف التجارية والجمعيات الخيرية تجتهد في إقامة مهرجانات ولكنها توقفت، ليكون المواطن هو الحلقة الأضعف، يتجرع المرارة ويتكبد الحسرة!

والمرجو هو إيكال أمر إقامة المهرجانات واستغلال المناسبات لشركات متخصصة، بحيث تظهر الفعالية بحلة قشيبة تجذب المتلقي وتنال استحسانه، وهذه رسالة تفوق حرارتها حرارة الصيف لوزارة الترفيه التي نعلّق عليها آمالا في هذا المجال.

ومناشدة بتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في الشركات الكبرى والبنوك، بحيث ينعكس ذلك على المجتمع، ومن أسف أن يترك الحبل على الغارب، فمن شاء شارك ومن لم يرد أحجم، في ظل غياب الرقابة فضلا عن المحاسبة.

إن الواقع يؤكد الفراغ الكبير الذي سيعيشه شبابنا وفتياتنا، وهو ما أدى بالبعض للانجراف وراء كل ناعق، واتباع تيارات عدة ومشارب مختلفة ربما كان البعض منها خطيرا، من أسباب ذلك عدم وجود ما يشغلهم فيقضوا أوقاتهم في النافع المفيد.

ونداء لهيئة السياحة والتراث الوطني ووزارة الترفيه والأمانات والغرف التجارية وغيرها من الجهات أن يقوموا بواجبهم تجاه مجتمعهم، وبالشكل الذي يحقق التطلعات ويرضي الطموحات، حتى لا تتحول الإجازة لكابوس، فهل من استجابة عاجلة؟!