أحمد حسن الأحمدي

صناعة الترفيه بين الواقع والمأمول

تفاعل
تفاعل

الأحد - 29 مايو 2016

Sun - 29 May 2016

في عام 2007 اصطحبت عائلتي في نزهة إلى حديقة الحيوان بمدينة الرياض، وأمام شباك التذاكر خاطبني الموظف المسؤول «عوائل فقط يا أستاذ» أجبته بابتسامة ثقة «معي عائلتي»، فقال لي «اليوم للنساء والأطفال فقط وغدا للرجال»! ظننت أن الأمر فيه لبس ولكن الموظف أشار إلى لوحة كبيرة تعتلي سور الحديقة وإذا بالتعليمات تطابق ما قاله لي الموظف، فقطعت تذاكر لزوجتي وابني وانضممت أنا لفريق «الرجال» المنتظرين لذويهم في مواقف السيارات وأيقنت عندئذ أن إدراكنا لعملية الترفيه فيه خلل كبير.

واليوم وبعد صدور الأمر الملكي بإنشاء «الهيئة العامة للترفيه» تباينت الرؤى وتسامت التطلعات بما يقر أننا بلد يفتقر بشدة لكل جوانب الترفيه بين أرجائه الواسعة رغم إمكانياته الكبيرة جدا وقدراته الكامنة على النهوض في هذا المجال، فبجانب الأهمية الاقتصادية لهذا الأمر هناك أهمية اجتماعية كبيرة في تقوية الانسجام والتجانس بين الشرائح المختلفة وإبراز المكنون الثقافي وتقوية أواصره بين الأجيال، وفتح آفاق جديدة للفرد خارج روتينه اليومي مما يحفزه على الإبداع وينمي سعة الأفق لديه تجاه جوانب أخرى عديدة في الحياة.

مجالات الترفيه المأمولة يجب أن تشمل كل ما من شأنه إضفاء البهجة والمتعة في الحس الإنساني وتتنوع على حسب اهتمامات الأفراد وفئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية وتكون ذات طابعين موسمي ودائم، كما يجب أن تحاكي الزمن الحديث للخروج بها من أجواء الرتابة النمطية التي تلبست المجتمع السعودي طيلة عقود من الزمن.

في ظل غياب بنية تحتية ملموسة لصناعة الترفيه واستمرار السجال حول بعض مقوماته كالسينما والمسرح، وفي ظل وجود قيود اجتماعية متباينة وتمييز بغيض بين فئاته (عزاب - عوائل) تظل التحديات غير واضحة المعالم، ولكن أملنا بعد الله عز وجل في «الهيئة العامة للترفيه» بأن تأخذ مسؤولياتها بكل إخلاص وحزم لتتغلب على هذه التحديات وتحقق ما عقدت عليه آمال القيادة والمواطنين.

وفي الختام إن صناعة الترفيه صناعة تجريبية تعتمد في مجملها على الخبرات المكتسبة في هذا المجال منذ أكثر من قرنين من الزمان، ولذلك فإن إتاحة المجال لاستقطاب الخبرات العالمية في هذا المجال سيوفر الكثير من الوقت والجهد إضافة إلى مزاياه الاستثمارية العديدة.