فهد الحازمي

أكبر فصل دراسي في العالم

الأحد - 29 مايو 2016

Sun - 29 May 2016

في خريف 2011 أُعلن بيتر نورفيك وسباستيان ثرون عن كورس الكتروني مجاني في الذكاء الصناعي. لم تمر أيام قليلة حتى وصل عدد المسجلين في الكورس إلى رقم فلكي (160,000 طالب) من مئات الدول حول العالم بما يعتبر سابقة هي الأولى من نوعها في عالم الانترنت. لم يكن كورس الذكاء الصناعي هو الأول في عالم التعليم المفتوح، فقد سبقتهم إلى الانترنت «أكاديمية خان» التي تتمتع بآلاف المقاطع التعليمية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وباقي المجالات التعليمية. سرعان ما تحولت هذه المبادرات المبكرة إلى شركات ومؤسسات كبرى مثل كورسيرا ويوداسيتي أو أكاديمية خان غير الربحية. هذه التحولات جذرية لأن الدراسة في الجامعات الكبرى لم تعد امتيازا لا يناله إلا أقلية من الطلاب والباحثين بل أصبح بإمكان أي شخص يملك اتصالا بالانترنت أن يتتلمذ فيها ويؤدي نفس الواجبات والمتطلبات المتوقعة في تلك الجامعات.

لكن ما الذي يجعل التعليم الالكتروني متفوقا، أو لنقل جذابا للطلاب؟ فقط اذهب إلى أي قاعة محاضرات كبيرة أو اسأل أي محاضر جامعي. المحاضرات الجامعية طويلة ومملة. لكن بالمقابل، تتراوح المقاطع في التعليم الالكتروني من خمس دقائق إلى ربع ساعة كحد أقصى. المسألة الأخرى هي التفاعلية. في قاعات المحاضرات العامة لا يحتاج المحاضر إلى أي تغذية راجعة من الطلاب حول ما فهموه وما لم يفهموه. فالتعليم هنا يصبح شبيها بمحاضرة أو ما أسماه فيلسوف التعليم باولو فيريري بالتعليم المصرفي. فالمعلم يحشو المعلومات في ذهن الطالب بدون أي اعتبار لاختلافات الطلاب واستيعابهم. أما في التعلم الالكتروني وبفضل الوسيلة التقنية فالطالب يتفاعل مع المادة بالإجابة عن الأسئلة والاستفسار من زملائه الافتراضيين وتقييم أدائه. هذا التغير في العلاقة بين المعلم والطالب يجعل التعليم الالكتروني خيارا فعالا ومنافسا في كفاءته للطريقة التقليدية في التعليم، إن لم يكن أفضل بالطبع.

التجارب المحلية في التعليم الالكتروني جديرة بالذكر والإشادة. رواق إحدى التجارب العربية الرائدة في التعليم المفتوح حيث تقدم في رواق مجموعة كبيرة من الكورسات بمختلف التخصصات وبجودة عالية ومتقنة. في رواق حاليا ما يتجاوز 230,000 طالب مسجل من 172 دولة من مختلف أنحاء العالم. كورسات رواق تغطي العديد من المجالات من علوم الحاسبات والبزنس والعلوم الصحية والطبيعية إلى الإنسانيات. لتدرك ما يمكن أن يفعله التعليم المفتوح، أعلنت رواق مؤخرا عن مبادرة «سنديان» والتي تستهدف أطفال النازحين للحصول على تعليم مجاني يعوض حرمانهم من التعليم.

أفضلية وأسبقية التعليم الالكتروني لا تعني أن يتوقف الطلاب عن حضور الجامعات. فالتعليم أو الشهادة الجامعية أكبر بكثير من مجموع المعرفة المكتسبة في قاعات المحاضرات. بل هي خبرة حياتية وتحديات يومية مختلفة تصقل المهارات الشخصية الضرورية -والتي في بعض الأحيان تتجاوز أهميتها قيمة الشهادة-. لكن حينما تفكر في أولئك الذين لا يستطيعون الالتحاق بالجامعات لمختلف الأسباب والعوائق أو الذين يطمحون في تجربة تعليمية من جامعة عريقة ستجد أن التعليم الالكتروني يوفر حلا ناجعا لتعويض هذه الفئات.

التعليم الالكتروني فرصة كبيرة لتعزيز المساواة. فالذي حرمته ظروف الحياة من الحصول على تعليم كاف سيظل يصارع بقية حياته لتأمين أساسيات العيش الكريم. تقرأ اليوم العشرات من القصص في أوروبا وأمريكا عن خبراء تقنيين ومبرمجين وغيرهم ممن لم يتلقوا الحظ الكافي من التعليم.

عمار جواد، لاجئ سوري في أوروبا قضى عددا من السنوات في الدنمارك. ولكن في خلال 5 سنوات وبفضل التعليم الالكتروني يتنقل عمار اليوم بين كبار الشركات التقنية.