يا قليل الأدب
دبس الرمان
دبس الرمان
الجمعة - 27 مايو 2016
Fri - 27 May 2016
بينما السيارات تمشي متحاشرة في أحد الشوارع الرئيسية مد قائد السيارة المجاورة يده من نافذته المشرعة ليرمي عقب سيجارته في الشارع ساهما عن أدنى أدبيات الأماكن العامة. وحين وقفنا في الإشارة التالية فوجئت بسيارة تمشي فوق الرصيف لتحشر نفسها أمام سيارتي وتأخذ دوري متجاهلة بصاحبها أدنى قوانين السير. وحين تصفحت موقع تويتر وجدت أحدهم يعلق على أحد المقالات بقمة التطاول في الألفاظ والتدني في أساليب الحوار وناعتا إياي بأحد المصطلحات العنصرية العتيقة على مرأى ومشهد من الجميع بدون خجل أو مواربة.
لنلق نظرة فاحصة على عناوين الكتب في المكتبات، ونظرة أخرى على عناوين المقالات في الصحف والمجلات، ولنواجه أنفسنا بصراحة ونسأل، كيف نعرف أننا نكتب أو نقرأ أو حتى نشاهد ما يقدم الجديد أو الجيد. لماذا نحن واثقون أننا لا ندور في حلقة مفرغة من التكرار الفكري على مدى العقد الأخير من تاريخنا. ولماذا تتوجه العقول الجائعة للمعرفة والأنفس الباحثة عن المغزى للقراءة بكل اللغات ولشتى المدارس الفكرية ما عدا لغتنا ومدرستنا؟ أليس ذلك طبيعيا لأمة لا فكرة لديها عن مكتسباتها الحضارية، ولا تعرف من هم أدباؤها ومفكروها وما كتبوا وما نظموا وما وثقوا حتى قبل مائة عام؟
ترى أين ذهبت ثرواتنا الفكرية والمعرفية؟ وأين هم رموز حضارتنا لنلجأ إليهم فيشعرونا بالفخر والقيمة والهوية، وأننا لسنا مجرد عبء على البشرية، وكائنات مستهلكة لما يصنعه الآخرون فكريا واقتصاديا فعليه من الطبيعي أن يكون مصيرنا التبعية؟ أين ذهب العقاد والغزالي وعبدالوهاب المسيري ليساعدونا على فهم عمقنا ومدى أصالتنا وأهمية وجودنا وكينونتنا في جسم الحضارة البشرية. أين اختفى حمزة شحاته وطاهر زمخشري ومحمد حسن فقي، ليساعدونا على فهم أنفسنا ومجتمعنا، واكتشاف إرثنا الاجتماعي فنتمسك بالقيم ونطرح المتخلف ونبني المزيد على الجميل؟
ها هي الحضارات الأخرى تتغنى بجمال أدبيات جلال الدين الرومي، وتنهل من حكم جبران خليل جبران. وها نحن نرمي علب المشروبات الغازية على الطرقات، ونقتبس النصوص ونهمل نسبها لأصحابها، ونسقط على أدوار الآخرين في الإشارات والمحلات، ضاربين عرض الحائط آلاف السنوات من المكتسبات الحضارية والأدبية التي لم يعلمونا إياها، ولم يشعرونا بقيمتها وجمالياتها. وعليه فلا مانع من العودة للعصور الغابرة التي كان الناس فيها يعيشون وسط قاذوراتهم، ويقضون الأعوام في الحروب والنزاعات على شرف نسب، أو لحية عراف. فمن لا يعرف جمال الأدب فمن الطبيعي أن لا يمانع بشاعة قلة الأدب.
[email protected]
لنلق نظرة فاحصة على عناوين الكتب في المكتبات، ونظرة أخرى على عناوين المقالات في الصحف والمجلات، ولنواجه أنفسنا بصراحة ونسأل، كيف نعرف أننا نكتب أو نقرأ أو حتى نشاهد ما يقدم الجديد أو الجيد. لماذا نحن واثقون أننا لا ندور في حلقة مفرغة من التكرار الفكري على مدى العقد الأخير من تاريخنا. ولماذا تتوجه العقول الجائعة للمعرفة والأنفس الباحثة عن المغزى للقراءة بكل اللغات ولشتى المدارس الفكرية ما عدا لغتنا ومدرستنا؟ أليس ذلك طبيعيا لأمة لا فكرة لديها عن مكتسباتها الحضارية، ولا تعرف من هم أدباؤها ومفكروها وما كتبوا وما نظموا وما وثقوا حتى قبل مائة عام؟
ترى أين ذهبت ثرواتنا الفكرية والمعرفية؟ وأين هم رموز حضارتنا لنلجأ إليهم فيشعرونا بالفخر والقيمة والهوية، وأننا لسنا مجرد عبء على البشرية، وكائنات مستهلكة لما يصنعه الآخرون فكريا واقتصاديا فعليه من الطبيعي أن يكون مصيرنا التبعية؟ أين ذهب العقاد والغزالي وعبدالوهاب المسيري ليساعدونا على فهم عمقنا ومدى أصالتنا وأهمية وجودنا وكينونتنا في جسم الحضارة البشرية. أين اختفى حمزة شحاته وطاهر زمخشري ومحمد حسن فقي، ليساعدونا على فهم أنفسنا ومجتمعنا، واكتشاف إرثنا الاجتماعي فنتمسك بالقيم ونطرح المتخلف ونبني المزيد على الجميل؟
ها هي الحضارات الأخرى تتغنى بجمال أدبيات جلال الدين الرومي، وتنهل من حكم جبران خليل جبران. وها نحن نرمي علب المشروبات الغازية على الطرقات، ونقتبس النصوص ونهمل نسبها لأصحابها، ونسقط على أدوار الآخرين في الإشارات والمحلات، ضاربين عرض الحائط آلاف السنوات من المكتسبات الحضارية والأدبية التي لم يعلمونا إياها، ولم يشعرونا بقيمتها وجمالياتها. وعليه فلا مانع من العودة للعصور الغابرة التي كان الناس فيها يعيشون وسط قاذوراتهم، ويقضون الأعوام في الحروب والنزاعات على شرف نسب، أو لحية عراف. فمن لا يعرف جمال الأدب فمن الطبيعي أن لا يمانع بشاعة قلة الأدب.
[email protected]