«شعراء سفراء» والسؤال لماذا الشاعر؟
الجمعة - 27 مايو 2016
Fri - 27 May 2016
حين تقرأ كتاب «شعراء سفراء» للكاتب إبراهيم مضواح الألمعي الصادر عن مجلة دبي الثقافية يناير 2016م الذي يتناول واحدا وعشرين شاعرا كانوا سفراء لأوطانهم، ومنذ البداية ومن خلال شهادة الأديب الكبير وديع فلسطين يحاول الكاتب وبطريقة غير مباشرة أن يجيب عن السؤال الأهم وهو لماذا الشاعر؟ إذ يقول على لسان الأديب «تمنيت لو أن السلك الدبلوماسي كله أسند إلى رجال فكر وأدب وشعراء؛ لأنهم أقدر من سواهم على تقديم القيم الروحية الأصيلة التي توثق الصلات بين الشعوب، وتعين على تحقيق التفاهم العميق بين الثقافات والحضارات»، ويبقى علينا عزيزي القارئ أن نجيب على سؤالين مهمين قبل عرض الكتاب وهما: هل هناك قواسم مشتركة بين السفير والشاعر؟ وماذا لو عدنا إلى التاريخ هل كان الشاعر يمارس نفس الدور ولكن دون لقب «سفير»؟
بين السفير والشاعر صفات مشتركة وهي: سرعة البديهة، الثقافة العالية، اتساع الرؤية، الحكمة، جمال اللغة واختيار المفردة؛ إذا فالشاعر دبلوماسي وسفير بطبعه، وفي العصر الجاهلي قبل تشكل الدول والمجتمعات الحديثة كان للشاعر مكانة كبيرة في قبيلته بل هو الناطق الرسمي لها، ولنا في الشعر الجاهلي بشر بن أبي خازم الأسدي الذي عاش بين العقد الثالث والعقد الأخير من القرن السادس الميلادي مثل، إذ يقول في بعض أبياته:
وقد كان عندي لابن ضباء مقعد
نهاء وروض بالصحارى منور
وتسعة آلاف بحر بلاده
تسف الندي ملبونة وتضمر
ففي قول الشاعر « كان عندي « دليل على أنه كان أشبه بناطق رسمي باسم «أسد « وهي قبيلة الشاعر وفي بيت آخر يقول:
ألا أبلغ بني سعد رسولا
ومولاهم فقد حليت صرام
والبعد عن الجفاء والقطيعة، وهي لغة الحكمة التي يتمتع بها السفير.
وإذا تصفحنا الكتاب نجد أن جميع الشعراء عملوا في عدة أعمال قبل أن يصبحوا سفراء ما عدا الشاعر نزار قباني الذي التحق بالسلك الدبلوماسي بعد تخرجه من الجامعة عام 1945م، ويلفت نظرك الشاعر فؤاد الخطيب الذي عمل مع الشريف حسين بن علي وكيل وزارة الخارجية عام 1916م، ومستشار الأمير عبدالله بن الحسين عام 1926م، ومستشار الملك عبدالعزيز عام 1945م، ثم سفير المملكة السعودية في أفغانستان؛ وهذا يدل على أن الكفاءات العربية في ذلك الزمن كانت تتنقل بين الدول العربية بحرية، وإذا تأملت سيرة الشاعر إبراهيم العريض ذلك البحريني الذي ولد وعاش في الهند إلى أن حصل على شهادة الثانوية عام 1925م، وفي عام 1927م عاد إلى البحرين وكيف تمكن من اللغة العربية بل وأصبح شاعرا عملاقا فيها وحافظا على هويته العربية ومؤمنا بقضاياها.
أما الشاعر أحمد بن علي آل مبارك الذي عمل سفيرا في الكويت وغانا وقطر ذلك الأديب الكبير يقول عن مكتبته، في قصيدة «مكتبتي»:
إذا زرت بيتي على غرة
فإن جليسي به الدفتر
فيا دار كتبي ويا خلوتي
وسلوة قلبي متى أضجر
ويستوقفنا الشاعر محمد صالح باخطمة الذي يصفه، صابر عبدالدايم فيقول: «الخيط التأملي في شعر محمد صالح باخطمة لا ينقطع حتى في التجارب الإنسانية التي تنفتح على قضايا الإنسان ومشاكله فتنأى عن الدوران الحبيس في فلك الذات»، ويتبين القارئ من خلال قراءة مرثية للشاعر حمزة شحاته الذي يقول فيها:
يا من علمني أن الكلمات
رغم الصمت ورغم الكتمان
رغم الخوف ورغم النسيان
تحيا وتعيش لكل زمان
الكتاب عبارة عن عملية توثيقية لظاهرة لفتت نظر المؤلف؛ فأراد رصدها وهي فعلا تستحق الاهتمام ولكن هل يكفي ذلك؟ باعتقادي لا، لكن سوف يكون محفزا ودافعا إلى بحوث أكثر تعمقا ترصد كل جوانبها، كما أن الكتاب يحمل بين يديه دعوة إلى القراءة وأهمية الثقافة في حياة الإنسان حيث إنه من خلالها يمكن أن يتبوأ مركزا مرموقا في مجتمعه.
بين السفير والشاعر صفات مشتركة وهي: سرعة البديهة، الثقافة العالية، اتساع الرؤية، الحكمة، جمال اللغة واختيار المفردة؛ إذا فالشاعر دبلوماسي وسفير بطبعه، وفي العصر الجاهلي قبل تشكل الدول والمجتمعات الحديثة كان للشاعر مكانة كبيرة في قبيلته بل هو الناطق الرسمي لها، ولنا في الشعر الجاهلي بشر بن أبي خازم الأسدي الذي عاش بين العقد الثالث والعقد الأخير من القرن السادس الميلادي مثل، إذ يقول في بعض أبياته:
وقد كان عندي لابن ضباء مقعد
نهاء وروض بالصحارى منور
وتسعة آلاف بحر بلاده
تسف الندي ملبونة وتضمر
ففي قول الشاعر « كان عندي « دليل على أنه كان أشبه بناطق رسمي باسم «أسد « وهي قبيلة الشاعر وفي بيت آخر يقول:
ألا أبلغ بني سعد رسولا
ومولاهم فقد حليت صرام
والبعد عن الجفاء والقطيعة، وهي لغة الحكمة التي يتمتع بها السفير.
وإذا تصفحنا الكتاب نجد أن جميع الشعراء عملوا في عدة أعمال قبل أن يصبحوا سفراء ما عدا الشاعر نزار قباني الذي التحق بالسلك الدبلوماسي بعد تخرجه من الجامعة عام 1945م، ويلفت نظرك الشاعر فؤاد الخطيب الذي عمل مع الشريف حسين بن علي وكيل وزارة الخارجية عام 1916م، ومستشار الأمير عبدالله بن الحسين عام 1926م، ومستشار الملك عبدالعزيز عام 1945م، ثم سفير المملكة السعودية في أفغانستان؛ وهذا يدل على أن الكفاءات العربية في ذلك الزمن كانت تتنقل بين الدول العربية بحرية، وإذا تأملت سيرة الشاعر إبراهيم العريض ذلك البحريني الذي ولد وعاش في الهند إلى أن حصل على شهادة الثانوية عام 1925م، وفي عام 1927م عاد إلى البحرين وكيف تمكن من اللغة العربية بل وأصبح شاعرا عملاقا فيها وحافظا على هويته العربية ومؤمنا بقضاياها.
أما الشاعر أحمد بن علي آل مبارك الذي عمل سفيرا في الكويت وغانا وقطر ذلك الأديب الكبير يقول عن مكتبته، في قصيدة «مكتبتي»:
إذا زرت بيتي على غرة
فإن جليسي به الدفتر
فيا دار كتبي ويا خلوتي
وسلوة قلبي متى أضجر
ويستوقفنا الشاعر محمد صالح باخطمة الذي يصفه، صابر عبدالدايم فيقول: «الخيط التأملي في شعر محمد صالح باخطمة لا ينقطع حتى في التجارب الإنسانية التي تنفتح على قضايا الإنسان ومشاكله فتنأى عن الدوران الحبيس في فلك الذات»، ويتبين القارئ من خلال قراءة مرثية للشاعر حمزة شحاته الذي يقول فيها:
يا من علمني أن الكلمات
رغم الصمت ورغم الكتمان
رغم الخوف ورغم النسيان
تحيا وتعيش لكل زمان
الكتاب عبارة عن عملية توثيقية لظاهرة لفتت نظر المؤلف؛ فأراد رصدها وهي فعلا تستحق الاهتمام ولكن هل يكفي ذلك؟ باعتقادي لا، لكن سوف يكون محفزا ودافعا إلى بحوث أكثر تعمقا ترصد كل جوانبها، كما أن الكتاب يحمل بين يديه دعوة إلى القراءة وأهمية الثقافة في حياة الإنسان حيث إنه من خلالها يمكن أن يتبوأ مركزا مرموقا في مجتمعه.