خالد عبدالرحيم المعينا

ماذا يعني لك العمر؟

الجمعة - 27 مايو 2016

Fri - 27 May 2016

كنت أقرأ إحدى المجلات الخليجية عندما استوقفني مقال عن العمر، قال الكاتب فيه إن الكثيرين في منطقتنا يقتلون أجسادهم بمجرد بلوغهم الأربعين من العمر، وبعضهم يستسلم للكآبة والمرض وهو لا يزال في هذا السن المبكرة.

هذا هو واقع الحال عندنا أما في الغرب وفي جنوب شرق آسيا فالعمر هو مجرد أرقام، أو أنه سلوك معين في مرحلة معينة من حياة الإنسان.

وعندنا يتحدث الناس كثيرا عن العمر ويشعرون أنهم على أعتاب الموت بمجرد وصولهم إلى سن الستين، وبعضهم يدعو إلى تجديد الشباب بزوجة شابة لاعتقادهم بأن الزواج من فتاة صغيرة يعيد شباب العمر.

والحياة الكسولة التي يعيشها الناس عندنا تجمد أجسادهم وعقولهم أيضا فيصبحون أحياء كالأموات وتراهم مترهلين وكسولين كأنهم في انتظار الموت. وبالطبع فإن الموت نهاية كل كائن حي لكن هل خلقنا الله سبحانه وتعالى لكي نربع أيدينا وننتظر الموت بمجرد دخولنا في العقد الرابع من العمر؟

وقد نجد العذر لبعض الذين لا يجدون منافذ لإفراغ طاقتهم وبالتالي يذبلون في وقت مبكر وقبل أن يتقدم بهم العمر، أما الذين يقضون كل أوقاتهم في مناقشة موضوع الخادمات والسائقين والموضوعات التافهة الأخرى فإنهم يشعرون بتقدم العمر وهم لا يزالون في مقتبله.

وللتقدم في العمر في البلاد الأخرى في الغرب وجنوب شرق آسيا مثلا متعة خاصة حيث ينتظر الناس بلوغ سن التقاعد في الستين ليبدؤوا حياتهم وينطلقوا في السفر إلى المناطق السياحية ليستمتعوا بالفلوس التي ادخروها طوال حياتهم العملية.

وتجد الرجل الغربي وهو في سن الستين يتسلق جبل كلمنجارو أعلى قمة في أفريقيا ويشترك في سباق الماراثون الذي يستمر لمدة ستة أيام ليشعر بعد ذلك بأنه في كامل لياقته وأنه في حالة نفسية ممتازة.

وهذا الرجل الذي يتسلق قمم الجبال ويجري المسافات الطويلة ينظر إلى الشباب على أنهم كسالى وغير مهتمين بالحياة وليس لهم أهداف معينة يركزون على الوصول إليها.

وقالت امرأة غربية تبلغ الستين من العمر «ما أنت إلاّ ما تفعله بحياتك. والحياة لا يحددها العمر فهناك أشخاص وصلوا إلى التسعين ولا يزالون بصحة جيدة وفي لياقة جسدية كاملة».

أما النساء عندنا فمجرد وصولهن إلى الأربعين تجدهن يشكين من هشاشة العظام، والخشونة، والوزن الزائد والاكتئاب النفسي.

وهؤلاء النسوة يشخن في عمر مبكر بسبب عدم الحركة وعدم تعرضهن لأشعة الشمس الضرورية لتزويدهن بفيتامين «د» وعدم وجود هوايات رياضية يمارسنها.

وعلى الرغم من أننا نلاحظ هذه الأيام الفتيات الشابات وهن يمارسن رياضة المشي بانتظام لكن المنشآت الرياضية قليلة وبعيدة إذا توفرت، غير أن المرأة السعودية، رغم كل هذه العوائق، مصممة على أن تمارس رياضة المشي المهمة كلما أمكنها ذلك.

وللتذكير فقط، فإن الناس في أنحاء العالم لا يربطون النضج بالعمر فكلاهما أمران مختلفان ومستقلان عن بعضهما بعضا، حيث تختلف عملية النضج من إنسان لآخر وتتم في أوقات تختلف من شخص لآخر أما عندنا فبعض الناس لا ينضجون أبدا.

عليه، فإن ما نفعله في حياتنا لا يجب أن يحدده العمر وحماسنا للحياة وإقبالنا عليها يجب ألاّ يضعف مهما بلغ بنا العمر في حساب السنوات. والذي يجب أن يكبر وينضج هو مجموعة المثل والقيم الإسلامية السمحة التي نشأنا عليها وزرعت فينا منذ الصغر.

وعلينا ما دمنا على قيد الحياة أن ننشئ مجتمعا مدنيا يركز على روح المغامرة، والتعلم المستمر والاكتشاف. وفي هذا تحضرني مقولة بيكاسو، الرسام الإسباني الشهير عندما سئل وهو في السبعين من العمر ما هي أعظم أعمالك فقال إنني لم أبدأ بعد!

وعندنا بلا شك نماذج من الرجال والنساء الذين لم يتوقف نشاطهم وتشبثهم بالحياة لمجرد بلوغهم الستين، وهناك نساء سعوديات ذهبن إلى جبال الهملايا وتسلقن جبال كلمنجارو وهن كبيرات في السن، واحتفل رجل سعودي بعيد ميلاده الستين بالمشي لمسافة 108 كيلو مترات في القطب الشمالي ومؤخرا ذهب رجل من مدينة جدة إلى منغوليا وهو في الثامنة والثمانين من العمر. وبالأسف فإن الإعلام لم يركز بالصورة الكافية على هذه النماذج المشرقة ولم يشعر المجتمع بالإثارة الكافية على أعمالهم.

وعلينا أن نؤمن بالمقولة الشهيرة «إن العمر ووصولك إلى مرحلة معينة منه هما أمران مختلفان تماما»، وعليه فإن الشباب والكهولة هما الشعور الذي يحسه المرء في قلبه وعقله ليس أكثر من ذلك.

وأختتم بقول امرأة كورية تبلغ الخامسة والثمانين عندما سألتها صحفية عربية شابة لماذا تشاركين في كثير من المناسبات، ولماذا لا تبقين في بيتك وأنت في هذا السن؟ فكان ردها: أنا لا أقبع في مكاني في انتظار الموت.

ولا غرو أن المجتمعات التي تحتضن مثل هذه المرأة تتطور وتزدهر.

[email protected]