مصطفى عثمان إسماعيل

العلاقات الدولية في الإسلام.. مبادئ أم نظريات

الثلاثاء - 24 مايو 2016

Tue - 24 May 2016

بعد الحرب العالمية الثانية وفشل النظرية المثالية كنظرية علمية منظمة للعلاقات الدولية، عقب الزخم الذي وجدته بعد الحرب العالمية الأولى خاصة بعد تبنيها من قِبل الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت ودرو ويلسون من خلال المبادئ العشرة لودرو ويلسون، كثرت النظريات العلمية المنظمة للعلاقات الدولية. النظرية المثالية التي كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية تقوم على افتراض أن الدول تتصرف تجاه بعضها بصورة مثالية.

قواعد قائمة على التعاون وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. بمعنى آخر أن العلاقات بين الدول تقوم على المبادئ والقيم أكثر من المصالح. عندما وقعت الحرب العالمية الثانية شن كثيرٌ من علماء العلاقات الدولية حملة شعواء على أصحاب النظرية المثالية بحجة أنها فشلت في إيقاف الحرب وأنها لم تعد صالحة لمعالجة العلاقات الدولية المتشابكة والمتسعة حيث ازداد عدد الدول المستقلة وتوسعت المصالح المشتركة وظهرت الأحلاف الاقتصادية والعسكرية وانتهت عصبة الأمم وقامت على أعقابها منظمة الأمم المتحدة.

لم تكن الولايات المتحدة مشاركة بصورة فاعلة في الحرب العالمية الأولى أو في صياغة عصبة الأمم بينما شاركت بفعالية في الحرب العالمية الثانية وفي صياغة وتبني ميثاق الأمم المتحدة التي أعلن عن تأسيسها في سان فرانسسكو بالولايات المتحدة في عام 1945.

سيطرت النظرية الواقعية على العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية ومن أشهر علمائها الأمريكي «مورجنتاو». وتسمى أيضاً بنظرية القوة أو نظرية المصالح. وهي تقوم على أساس أن العلاقات بين الدول تُبنى على المصالح ولا مجال فيها للأخلاق أو القيم أو المبادئ. التطورات التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية مثل الحرب الباردة والاستقطاب الذي حدث بين الحلفين، حلف وارسو وحلف الناتو، ثم انهيار الاتحاد السوفيتي وسيطرة الولايات المتحدة على مركب العلاقات الدولية وصعود بعض القوى كمجموعة البركس (روسيا، الصين، البرازيل، الهند وجنوب أفريقيا) إضافةً للتطورات التي حدثت نتيجة للعولمة، من انتشار للديمقراطية ومشاركة الرأي العام في قضايا العلاقات الدولية وسيطرة الاقتصاد الحر أو الاقتصاد الرأسمالي والشركات العابرة للقارات والشعور المتزايد للمجتمع الدولي بأهمية القيم والأخلاق في العلاقات الدولية، لكل هذه المتغيرات تقاربت النظريات التي تنظم العلاقات الدولية ونشأت نظريات جديدة وأصبح علم نظريات العلاقات الدولية من أكثر العلوم تقدماً وتطوراً وثراءً في البحوث والدراسات الخاصة بالعلوم السياسية.

ضمن هذه البحوث والدراسات والنظريات نشط عدد من علماء العلاقات الدولية في الكتابة عن نظرية الإسلام في العلاقات الدولية وأصدروا عددا من الكتب والمقالات المنشورة. النظرية العلمية تقوم على افتراضات ثم تجارب وتحليلات تنتهي بتأكيد هذه الافتراضات أو رفضها. بمرور الزمن قد يأتي عالم آخر فيفند هذه النظرية ويشكك في صحتها وقد يأتي بنظرية أخرى تقوم مكانها. من هنا جاء السؤال هل للعلاقات الدولية في الإسلام نظرية مثلها مثل النظريات العلمية الأخرى، قابلة للإلغاء والتعديل أم إن الذي جاء به الإسلام عبارة عن مبادئ عامة ثابتة لا تقبل التغيير والتعديل؟.

هنا انبرى آخرون يرفضون تسمية العلاقات الدولية في الإسلام بنظرية أو نظريات العلاقات الدولية في الإسلام، ويفضلون أن يطلق عليها مبادئ العلاقات الدولية في الإسلام باعتبار أن هذه المبادئ من الثوابت كمبادئ الحرية والعدالة والمساواة والوفاء بالعهود.

جاء في مؤلف العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية لشيخ الأزهر الأسبق الإمام محمد أبوزهرة تحت باب مبادئ العلاقات الدولية في الإسلام، أن منهجية دراسة العلاقات الدولية في الإسلام تستمد من المصدرين الأساسيين للإسلام: القرآن الكريم والسنة الشريفة، وهي التي تشكل إطاراً مرجعياً ومعياراً عاماً من المفترض أن تستند إليه النظريات والرؤى التي تتبناها الدول الإسلامية في علاقاتها الدولية. فالدولة الإسلامية بطبيعتها دولة عالمية التوجه تسمو على الإقليمية والعنصرية القائمة على قومية معينة. و"نواصل".

وزير الخارجية السوداني الأسبق