إبراهيم الأنصاري

صحراء الطوارق... بالأمس للنفايات واليوم للعصابات

الاثنين - 16 مايو 2016

Mon - 16 May 2016

بعد حقبة السباق النووي وما صاحبه من استغلال أراضي الدول الفقيرة في جعلها مسرحا لتجارب لا يمحو تعاقب السنين أثرها، ثم قيام دول العالم الأول بتحويل صحاري ومياه دول العوالم الأخرى إلى مدافن لنفاياتها النووية والكيميائية الضارة وهذه الممارسات كان للصحراء الكبرى حظها الوافر منها اعتمادا على سعة الصحراء وضعف وترهل الدول المطلة عليها يضاف إلى ذلك التعتيم على تلك الممارسات وسهولة إخفائها بل وإنكارها جملة وتفصيلا. بعد كل ذلك يبدو أن صحراء الطوارق على موعد جديد مع الموبقات، فهي اليوم تعدّ مسرحا في الهواء الطلق لأركان الجريمة المنظمة (المخدرات، السلاح، الاتجار بالبشر) وهي كذلك فضاء للجماعات المتطرفة بمختلف مسمياتها.

فمنذ سنوات عدة تحول تجار المخدرات في أمريكا الجنوبية من استهداف أمريكا الشمالية إلى جعل السوق الأوروبية هي الوجهة الجديدة، وعبر مراحل تراكمية تحولت منطقة الصحراء والساحل إلى أحد أهم ممرات الجريمة المنظمة فعبرها تنقل شحنات المخدرات إلى سواحل المتوسط في مقابل صفقات لا تخلو من أن يكون السلاح هو ثمن تلك البضاعة، وهذا الأمر ما كان ليتم لولا توفر نوع من التوافق بين أنظمة هشة منتفة وعصابات متمرسة ودول نافذة تراقب الوضع عن كثب وكأن ما يجري هو تمهيد لخلق منطقة هشة قابلة للتشكل والاستغلال بشكل أكثر اتساعا وأقل تكلفة، فإذا علمنا أن خطورة هذه العصابات وتاريخها الدموي وصل بها الأمر أن كانت طرفا في تغيير مجريات الحرب العالمية الثانية معتمدة على إمبراطورية مالية ضخمة وعلاقات معقدة والقدرة على الدخول في حرب شوارع لا تبقي ولا تذر، فإذا كان الأمر بهذه الخطورة كيف يمكن تفسير هذا التجاهل لمنطقة بهذا الاتساع، وثالثة الأثافي هي جماعات العنف المسلح التي دخلت هي أيضا على خط استثمار تلك التجارة للحصول على ما يلزمها من تمويل مقابل التغاضي تارة والتأمين تارة باعتبار قوة نفوذ تلك الجماعات في تلك الصحاري.

وأخيرا فإن العالم اليوم ليس له حديث إلا مكافحة الإرهاب وكل ما زاد الحديث عنه زاد هو قوة وانتشارا وعنفا، فمن حديث عن جماعة محاصرة في تورابورا إلى دول بقضها وقضيضها تحت سيطرة تلك التنظيمات، فهل ما نسمعه من الدول العظمى من الدعوة إلى محاربة الإرهاب حقيقة؟.