لماذا لم نتعظ من معاهدة ميونخ؟
الاثنين - 16 مايو 2016
Mon - 16 May 2016
معاهدة ميونخ، لمن لم يسمع بها، هي إحدى المعاهدات التي كان يقصد من خلالها إحلال السلام في أوروبا في ذلك الوقت، وأيضا الحفاظ على الوضع الاجتماعي والسياسي السائد في القارة الأوروبية بما يتماشى مع القوانين الدولية في تلك الفترة، والأهم وقبل كل شيء كانت كتسوية نهائية مع ألمانيا للقضاء على أي نوع من أنواع الاعتراض أو التذمر من قبل الجانب الألماني والمراد منه المطالبة بمطامع توسعية جديدة في أوروبا الوسطى والتي قد ينتج عنها حرب عالمية أخرى.
عقدت الدول الأعضاء في المعاهدة وهي بريطانيا، فرنسا، إيطاليا وألمانيا اجتماعا طارئا لمناقشة ما كان يسمى آنذاك بـ "أزمة السوديت" في محاولة لمناقشة الأمور العالقة بين الأطراف المعنية لتجنب الدخول في حرب بأي ثمن. كان الاعتقاد السائد بأنه بعد أن تحصل ألمانيا الاشتراكية القومية على إقليم السوديت من تشيكوسلوفاكيا فإنه لن يكون هناك أي مطامع توسعية إقليمية أخرى لتطالب بها، وبالتالي مع هذا "الطلب النهائي" والذي منح لها فإن المنطق والعقل يقولان بأن ألمانيا ستنضم إلى المجتمع الدولي عن طريق تعاونها الكامل وعدم إظهار جانبها العدائي.
هناك العديد من الأمثلة المشابهة لأزمة السوديت، على سبيل المثال طريقة التفاوض التقليدية التي أحاطت الاتفاق النووي مع إيران حتى برر لذلك بالقول إنه كان ضروريا لتفادي تأزم الوضع أكثر لأن الحرب ستكون النتيجة الحتمية لهذه المشكلة.
ربما تختلف معايير الإدراك والتقدير للأحداث من وقت لآخر. ما يثير السخرية حقا هو أن البرنامج النووي لإيران والذي لم يكن من المفترض أن يكون له وجود قد اكتسب شرعية من قبل مجموعة 5+1 وأصبح له حق الوجود لاستخدامه في "أغراض سلمية".
هل يرى أحد أي بصيص أمل للتعاون، التعايش السلمي وحسن الجوار من واقع السلوك الإيراني الحالي؟ مثل ألمانيا النازية هناك تناقض كبير بين ما تصرح به وبين سلوكها الحقيقي على أرض الواقع وهو أمر يدعو للإزعاج فعلا. ماذا عن إعطاء طهران 150 مليار دولار؟ هل أي من هذه الأموال سوف تساعد في الحفاظ على دمشق بمنأى عن الجيش السوري الحر؟ هل أي من هذه الأموال سوف تذهب إلى حزب الله؟ وهل سيتم إرسال أي من هذا المال إلى أيدي الحوثيين؟ أو سيتم استخدامها لدعم العمليات الإرهابية المستمرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط؟
في مقابلة أجريت معه مؤخرا اعترف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بعض الإرهابيين يمكن أن يحصلوا على "بعض" من المليارات التي سوف تحصل عليها إيران بعد تخفيف العقوبات عنها وذلك بعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني. وتابع "في الوقت الراهن، نحن لا نرى أن التسليم المبكر لجزء من الأموال قد تم صرفه من أجل هذا الغرض في هذه المرحلة من الوقت. ولكني متأكد من أنه سيتم تخصيص بعض المال لهذا السبب في وقت لاحق".
وبمناسبة الحديث عن هذا هل هناك أي شخص مطمئن من بنود هذا الاتفاق النووي مع إيران؟ وبطبيعة الحال من يستطيع أن ينسى تكنولوجيا الصواريخ المتطورة التي من شأنها أن تعطى لإيران، كل هذا تحت مسمى "تنفيذ" بنود الاتفاق النووي؟
وإذا كانت هذه ليست سوى مجرد بعض الأسئلة المتداولة بكثرة بين الناس والتي تجبر المرء أن يتمعن في بنود هذا الاتفاق النووي وهل حقا من مصلحة أحد أن ينفذ؟ ربما كان الأجدر وضعه بإيجاز وبشكل مباشر أيضا، لكن بالنظر إلى الأحداث الجارية من واقع نهج السلوك الإيراني الموجود والمتبع منذ عام 1979 هل الجانب الإيراني حقا هو الطرف الذي يمكننا الجلوس معه بثقة حول نفس الطاولة للتفاوض على الرغم من المعرفة المسبقة بأنه لن يحافظ على وعوده أو جانبه من الاتفاق؟
إذا كان هناك أي شيء سيتحقق فعلا من الاتفاق النووي فسيكون توفير المجال نسبيا لإيران حتى يسمح لها بأن تكون حرة لصنع قنبلة نووية بعد 15 عاما.
مصادرة جزء من المناطق الحدودية التشيكية كانت نقطة انعطاف في تاريخ أوروبا والعالم. بعد وصول الجيش الألماني إلى مدينة براغ في شهر مارس عام 1939 كان الأمر واضحا، وإن كان متأخرا جدا، هتلر كان مؤيدا للحكم الاستعماري والذي يعني بأنه لن يتوانى عن استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على كل ما يؤمن بأنه حق من حقوق ألمانيا.
بعد انتهاء الحرب كان هناك ما يقارب 75.000.000 قتيل حول العالم. لم يكن الأمر يستدعي إراقة كل هذه الدماء، ولم يكن ينبغي له أن يحدث في المقام الأول.
من بين العديد من الأحداث التي ينبغي لنا أن نتعظ منها معاهدة ميونخ لأن هذه الأمور تبقى عالقة في ذاكرة الناس للأبد. الثورات، مثل البلاشفة في روسيا أو حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني (الأكثر شهرة بالحزب النازي) في ألمانيا يؤمنان بمبدأ أنه مهما كانت خطورة القرار الواجب اتخاذه في لحظة معينة سواء لدفع الخطر أو تحقيق الغاية فيجب أن يؤخذ به في سبيل الوصول للهدف.
بمعنى أنه يبرر القيام بأي عمل مهما كلف الأمر لتحقيق الهدف والوصول للنتيجة المرجوة، بغض النظر عن مخالفته للأعراف الدولية أو الأخلاق العامة، وعليه يجب التصرف على هذا النحو. إيران اتبعت نفس النهج للوصول لغاياتها.
بصفة عامة الحركات الثورية تميل إلى فعل ما يمليه عليها قادتها، وإيران بذلت الكثير من الوقت والجهد في فعل ما يمليه عليها هؤلاء القادة وهم قادة الثورة. هدف إيران هو السيطرة الكاملة على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وهذا الاتفاق النووي يمهد الطريق لها للوصول لهذه الغاية وتنفيذها.
عقدت الدول الأعضاء في المعاهدة وهي بريطانيا، فرنسا، إيطاليا وألمانيا اجتماعا طارئا لمناقشة ما كان يسمى آنذاك بـ "أزمة السوديت" في محاولة لمناقشة الأمور العالقة بين الأطراف المعنية لتجنب الدخول في حرب بأي ثمن. كان الاعتقاد السائد بأنه بعد أن تحصل ألمانيا الاشتراكية القومية على إقليم السوديت من تشيكوسلوفاكيا فإنه لن يكون هناك أي مطامع توسعية إقليمية أخرى لتطالب بها، وبالتالي مع هذا "الطلب النهائي" والذي منح لها فإن المنطق والعقل يقولان بأن ألمانيا ستنضم إلى المجتمع الدولي عن طريق تعاونها الكامل وعدم إظهار جانبها العدائي.
هناك العديد من الأمثلة المشابهة لأزمة السوديت، على سبيل المثال طريقة التفاوض التقليدية التي أحاطت الاتفاق النووي مع إيران حتى برر لذلك بالقول إنه كان ضروريا لتفادي تأزم الوضع أكثر لأن الحرب ستكون النتيجة الحتمية لهذه المشكلة.
ربما تختلف معايير الإدراك والتقدير للأحداث من وقت لآخر. ما يثير السخرية حقا هو أن البرنامج النووي لإيران والذي لم يكن من المفترض أن يكون له وجود قد اكتسب شرعية من قبل مجموعة 5+1 وأصبح له حق الوجود لاستخدامه في "أغراض سلمية".
هل يرى أحد أي بصيص أمل للتعاون، التعايش السلمي وحسن الجوار من واقع السلوك الإيراني الحالي؟ مثل ألمانيا النازية هناك تناقض كبير بين ما تصرح به وبين سلوكها الحقيقي على أرض الواقع وهو أمر يدعو للإزعاج فعلا. ماذا عن إعطاء طهران 150 مليار دولار؟ هل أي من هذه الأموال سوف تساعد في الحفاظ على دمشق بمنأى عن الجيش السوري الحر؟ هل أي من هذه الأموال سوف تذهب إلى حزب الله؟ وهل سيتم إرسال أي من هذا المال إلى أيدي الحوثيين؟ أو سيتم استخدامها لدعم العمليات الإرهابية المستمرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط؟
في مقابلة أجريت معه مؤخرا اعترف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بعض الإرهابيين يمكن أن يحصلوا على "بعض" من المليارات التي سوف تحصل عليها إيران بعد تخفيف العقوبات عنها وذلك بعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني. وتابع "في الوقت الراهن، نحن لا نرى أن التسليم المبكر لجزء من الأموال قد تم صرفه من أجل هذا الغرض في هذه المرحلة من الوقت. ولكني متأكد من أنه سيتم تخصيص بعض المال لهذا السبب في وقت لاحق".
وبمناسبة الحديث عن هذا هل هناك أي شخص مطمئن من بنود هذا الاتفاق النووي مع إيران؟ وبطبيعة الحال من يستطيع أن ينسى تكنولوجيا الصواريخ المتطورة التي من شأنها أن تعطى لإيران، كل هذا تحت مسمى "تنفيذ" بنود الاتفاق النووي؟
وإذا كانت هذه ليست سوى مجرد بعض الأسئلة المتداولة بكثرة بين الناس والتي تجبر المرء أن يتمعن في بنود هذا الاتفاق النووي وهل حقا من مصلحة أحد أن ينفذ؟ ربما كان الأجدر وضعه بإيجاز وبشكل مباشر أيضا، لكن بالنظر إلى الأحداث الجارية من واقع نهج السلوك الإيراني الموجود والمتبع منذ عام 1979 هل الجانب الإيراني حقا هو الطرف الذي يمكننا الجلوس معه بثقة حول نفس الطاولة للتفاوض على الرغم من المعرفة المسبقة بأنه لن يحافظ على وعوده أو جانبه من الاتفاق؟
إذا كان هناك أي شيء سيتحقق فعلا من الاتفاق النووي فسيكون توفير المجال نسبيا لإيران حتى يسمح لها بأن تكون حرة لصنع قنبلة نووية بعد 15 عاما.
مصادرة جزء من المناطق الحدودية التشيكية كانت نقطة انعطاف في تاريخ أوروبا والعالم. بعد وصول الجيش الألماني إلى مدينة براغ في شهر مارس عام 1939 كان الأمر واضحا، وإن كان متأخرا جدا، هتلر كان مؤيدا للحكم الاستعماري والذي يعني بأنه لن يتوانى عن استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على كل ما يؤمن بأنه حق من حقوق ألمانيا.
بعد انتهاء الحرب كان هناك ما يقارب 75.000.000 قتيل حول العالم. لم يكن الأمر يستدعي إراقة كل هذه الدماء، ولم يكن ينبغي له أن يحدث في المقام الأول.
من بين العديد من الأحداث التي ينبغي لنا أن نتعظ منها معاهدة ميونخ لأن هذه الأمور تبقى عالقة في ذاكرة الناس للأبد. الثورات، مثل البلاشفة في روسيا أو حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني (الأكثر شهرة بالحزب النازي) في ألمانيا يؤمنان بمبدأ أنه مهما كانت خطورة القرار الواجب اتخاذه في لحظة معينة سواء لدفع الخطر أو تحقيق الغاية فيجب أن يؤخذ به في سبيل الوصول للهدف.
بمعنى أنه يبرر القيام بأي عمل مهما كلف الأمر لتحقيق الهدف والوصول للنتيجة المرجوة، بغض النظر عن مخالفته للأعراف الدولية أو الأخلاق العامة، وعليه يجب التصرف على هذا النحو. إيران اتبعت نفس النهج للوصول لغاياتها.
بصفة عامة الحركات الثورية تميل إلى فعل ما يمليه عليها قادتها، وإيران بذلت الكثير من الوقت والجهد في فعل ما يمليه عليها هؤلاء القادة وهم قادة الثورة. هدف إيران هو السيطرة الكاملة على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وهذا الاتفاق النووي يمهد الطريق لها للوصول لهذه الغاية وتنفيذها.