ضابط في الجيش الهندي يوثق مقاومة بلاده للإمبراطورية البريطانية
السبت - 14 مايو 2016
Sat - 14 May 2016
أدلى لورد لينليثجو، نائب الملك البريطاني في الهند سبتمبر 1939، بتصريح قال فيه إن الإمبراطورية البريطانية، بما في ذلك الهند، دخلت الحرب ضد ألمانيا – وهو قرار اتخذته بريطانيا دون التشاور مع أي قائد هندي في تلك المرحلة.
وبذلك بدأ صراع دموي على جبهتين:
ضد ألمانيا وحلفائها في قوى المحور.
ضد الوطنيين الهنود الذين شعروا بخداع بريطانيا.
ولو كانت «تقاتل حقا من أجل الديمقراطية، لكان عليها منطقيا أن تتخلى عن إمبراطورتيها وتطبق الديمقراطية بشكل كامل في الهند»، كما يقول الكاتب سريناث راجافان في كتابه «حرب الهند: الحرب العالمية الثانية وصنع جنوب آسيا الحديثة» الصادر عن بازيك بوكس.
نكتة ما بعد العشاء
لكن استقلال الهند لم يتحقق حتى عام 1947، وفي هذه الأثناء، كان موقف بريطانيا تجاه استقلال الهند ساخرا ومستهترا، حتى إن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل كان يعدّه مثل «نكتة ما بعد العشاء»، واقترح إلقاء القبض على الزعيم الهندي المهاتما غاندي وتقييده «من قدميه ورجليه أمام بوابات دلهي، وأن يدوسه فيل ضخم يركبه نائب الملك البريطاني في الهند».
والمناضلون الهنود الوطنيون، أمثال غاندي وجواهر لال نهرو، أزعجوا الإمبراطورية طوال فترة الحرب، واعتقلتهم السلطات البريطانية وزجت بهم في السجون بتهمة معارضة إرسال أبناء بلدهم إلى ساحات القتال.
أكبر جيش
واختار الغالبية العظمى من المواطنين الهنود الانضمام إلى صفوف بريطانيا لقتال ألمانيا واليابان، وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، دربت الهند ونشرت 2.5 مليون عسكري، حيث شكلت ما يقول الكاتب إنه «أكبر جيش متطوع في التاريخ».
مراحل معقدة
ويقدم راجافان، وهو ضابط سابق في الجيش الهندي، في كتابه سردا مبسطا لإحدى أكثر مراحل الحرب العالمية الثانية تعقيدا، والتي كادت في لحظة من اللحظات أن تهدد التحالف البريطاني – الأمريكي.
ويقول إن المرء يشعر بتعاطف أكيد مع العساكر الهنود الذين أرسلوا إلى مسافات تصل إلى آلاف الأميال عن وطنهم لخوض الحرب. ويقود ضباط من النخبة جنودا بالكاد تلقوا التدريبات الأساسية ولا يحملون سوى أسلحة قديمة، ومعظم الضباط البريطانيين غير متعاطفين وغير متفهمين مع أوضاع المتطوعين الخاصة ويطالبونهم بالقيام بمهمات قتالية صعبة دون توفير التدريبات اللازمة.
وعلى سبيل المثال، كان على الجنود الذين ينتمون للديانة السيخية، المكلفين بالدفاع عن هونج كونج، أن يحلقوا شعورهم لكي يتمكنوا من ارتداء القبعات الفولاذية الجديدة، وهو أمر كان يناقض تعاليم ديانتهم. في النهاية، قاتل الجنود الهنود السيخ بشجاعة، حتى إن نسبة الضحايا الذين سقطوا في إحدى وحداتهم المقاتلة وصلت إلى أكثر من 65%.
غياب الاهتمام
أحد المتطرفين الهنود، وكان معتقلا سياسيا اسمه سوبهاس تشاندرا بوس، أعجب بقوة الجيش الألماني واعتقد أنه يمكن استغلاله لدعم قضية الاستقلال في الهند. استطاع الرجل أن يفر من السجن ويهرب إلى برلين، حيث التقى مع وزير الخارجية النازي جوشيم فون ريبتروب وناقش معه إمكان تشكيل فيلق «الهنود الأحرار» من سجناء الحرب والمعارضين. فكان الرد الألماني ضعيفا وغير مشجع، فتوجه تشاندرا بوس إلى اليابان لنفس الهدف، لكنه فشل في مسعاه أيضا.
وفي المقابل، في الوقت الذي كان فيه تشاندرا بوس يتآمر على بريطانيا وعلى بلاده، استطاعت القوات الهندية أن تفشل هجوما ضخما لفرقتين مدرعتين بقيادة ثعلب الصحراء الجنرال رومل في شمال أفريقيا.
ومع أن الذخيرة نفدت، إلا أنهم استمروا في المقاومة و»ألقوا بالحجارة على الجنود الألمان»، واستطاعوا أسر 20 جنديا ألمانيا وقتل نحو 200 آخرين.
وكانت بريطانيا تخشى كثيرا أن اليابانيين، من خلال انتصارهم على الهند، يمكن أن يشكلوا حركة آسيوية عامة تطردهم خارج القارة، ولذلك وقفت لندن بقوة ضد أي دعم يمكن أن تقدمه أمريكا من أجل استقلال الهند، هذا الأمر وضع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في موقف صعب، لكنه اختار ألا يتحدى رئيس الوزراء البريطاني تشرشل حول تلك المسألة.
سريناث راجافان زميل في مركز أبحاث السياسة في نيودلهي، الهند. حصل على الماجستير والدكتوراه من كلية (كينجز كوليدج) في لندن. قبل أن يعمل في المجال الأكاديمي، قضى ست سنوات كضابط مشاة في الجيش الهندي.
وبذلك بدأ صراع دموي على جبهتين:
ضد ألمانيا وحلفائها في قوى المحور.
ضد الوطنيين الهنود الذين شعروا بخداع بريطانيا.
ولو كانت «تقاتل حقا من أجل الديمقراطية، لكان عليها منطقيا أن تتخلى عن إمبراطورتيها وتطبق الديمقراطية بشكل كامل في الهند»، كما يقول الكاتب سريناث راجافان في كتابه «حرب الهند: الحرب العالمية الثانية وصنع جنوب آسيا الحديثة» الصادر عن بازيك بوكس.
نكتة ما بعد العشاء
لكن استقلال الهند لم يتحقق حتى عام 1947، وفي هذه الأثناء، كان موقف بريطانيا تجاه استقلال الهند ساخرا ومستهترا، حتى إن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل كان يعدّه مثل «نكتة ما بعد العشاء»، واقترح إلقاء القبض على الزعيم الهندي المهاتما غاندي وتقييده «من قدميه ورجليه أمام بوابات دلهي، وأن يدوسه فيل ضخم يركبه نائب الملك البريطاني في الهند».
والمناضلون الهنود الوطنيون، أمثال غاندي وجواهر لال نهرو، أزعجوا الإمبراطورية طوال فترة الحرب، واعتقلتهم السلطات البريطانية وزجت بهم في السجون بتهمة معارضة إرسال أبناء بلدهم إلى ساحات القتال.
أكبر جيش
واختار الغالبية العظمى من المواطنين الهنود الانضمام إلى صفوف بريطانيا لقتال ألمانيا واليابان، وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، دربت الهند ونشرت 2.5 مليون عسكري، حيث شكلت ما يقول الكاتب إنه «أكبر جيش متطوع في التاريخ».
مراحل معقدة
ويقدم راجافان، وهو ضابط سابق في الجيش الهندي، في كتابه سردا مبسطا لإحدى أكثر مراحل الحرب العالمية الثانية تعقيدا، والتي كادت في لحظة من اللحظات أن تهدد التحالف البريطاني – الأمريكي.
ويقول إن المرء يشعر بتعاطف أكيد مع العساكر الهنود الذين أرسلوا إلى مسافات تصل إلى آلاف الأميال عن وطنهم لخوض الحرب. ويقود ضباط من النخبة جنودا بالكاد تلقوا التدريبات الأساسية ولا يحملون سوى أسلحة قديمة، ومعظم الضباط البريطانيين غير متعاطفين وغير متفهمين مع أوضاع المتطوعين الخاصة ويطالبونهم بالقيام بمهمات قتالية صعبة دون توفير التدريبات اللازمة.
وعلى سبيل المثال، كان على الجنود الذين ينتمون للديانة السيخية، المكلفين بالدفاع عن هونج كونج، أن يحلقوا شعورهم لكي يتمكنوا من ارتداء القبعات الفولاذية الجديدة، وهو أمر كان يناقض تعاليم ديانتهم. في النهاية، قاتل الجنود الهنود السيخ بشجاعة، حتى إن نسبة الضحايا الذين سقطوا في إحدى وحداتهم المقاتلة وصلت إلى أكثر من 65%.
غياب الاهتمام
أحد المتطرفين الهنود، وكان معتقلا سياسيا اسمه سوبهاس تشاندرا بوس، أعجب بقوة الجيش الألماني واعتقد أنه يمكن استغلاله لدعم قضية الاستقلال في الهند. استطاع الرجل أن يفر من السجن ويهرب إلى برلين، حيث التقى مع وزير الخارجية النازي جوشيم فون ريبتروب وناقش معه إمكان تشكيل فيلق «الهنود الأحرار» من سجناء الحرب والمعارضين. فكان الرد الألماني ضعيفا وغير مشجع، فتوجه تشاندرا بوس إلى اليابان لنفس الهدف، لكنه فشل في مسعاه أيضا.
وفي المقابل، في الوقت الذي كان فيه تشاندرا بوس يتآمر على بريطانيا وعلى بلاده، استطاعت القوات الهندية أن تفشل هجوما ضخما لفرقتين مدرعتين بقيادة ثعلب الصحراء الجنرال رومل في شمال أفريقيا.
ومع أن الذخيرة نفدت، إلا أنهم استمروا في المقاومة و»ألقوا بالحجارة على الجنود الألمان»، واستطاعوا أسر 20 جنديا ألمانيا وقتل نحو 200 آخرين.
وكانت بريطانيا تخشى كثيرا أن اليابانيين، من خلال انتصارهم على الهند، يمكن أن يشكلوا حركة آسيوية عامة تطردهم خارج القارة، ولذلك وقفت لندن بقوة ضد أي دعم يمكن أن تقدمه أمريكا من أجل استقلال الهند، هذا الأمر وضع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في موقف صعب، لكنه اختار ألا يتحدى رئيس الوزراء البريطاني تشرشل حول تلك المسألة.
سريناث راجافان زميل في مركز أبحاث السياسة في نيودلهي، الهند. حصل على الماجستير والدكتوراه من كلية (كينجز كوليدج) في لندن. قبل أن يعمل في المجال الأكاديمي، قضى ست سنوات كضابط مشاة في الجيش الهندي.