مبادرة إيطالية بـ4 محاور للعب دور جديد في ليبيا وأفريقيا
السبت - 14 مايو 2016
Sat - 14 May 2016
بعد مرور نصف عقد على بدء الثورة الليبية عام 2011 يحارب الجيش الليبي الشرقي المقاتلين الإسلاميين في بنغازي، فيما تحاول حكومة موقتة متحدة في طرابلس، بقيادة فايز السراج وبرعاية الأمم المتحدة إعادة النظام وفقا للاتفاق السياسي الليبي الذي أبرم في ديسمبر الماضي. ووعد الاتحاد الأوروبي حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بتقديم مساعدة مالية تبلغ قيمتها 100 مليون يورو. لكن ما زالت ترتسم علامة استفهام كبيرة حول الدور الذي يجب أن تلعبه أوروبا بشكل عام، وإيطاليا بشكل خاص، في ليبيا خاصة بسبب تاريخ إيطاليا وليبيا المضطرب.
عندما أعلنت إيطاليا الحرب من جانب واحد على الإمبراطورية العثمانية عام 1911 لاحتلال محافظة طرابلس، التي أصبحت لاحقا «ليبيا الإيطالية»، أثار النزاع القومية البلقانية، مما شكل إحدى بوادر الحرب العالمية الأولى. وبعد قرن من الزمن، وقفت إيطاليا ضد التدخل العسكري في ليبيا - المنقسمة بين الفصائل المتمركزة في طبرق وطرابلس والميليشيات القبَلية والإسلامية - على الرغم من أن الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، أيدت الغارات الجوية. إلا أن إيطاليا اختارت أن تدعم «حكومة الوفاق الوطني الليبية» من خلال تجديد دورها في ليبيا كداعم خارجي بدلا من محتل أو جهة مشارِكة فاعلة.
المتوسط والهجرة
وأعد ماوريتسيو جيري مساعد باحث في الدراسات الدولية بجامعة أولد دومينيون، دراسة مطولة نشرت على موقع «منتدى فكرة» تناولت الرؤية المستقبلية للوضع الليبي.
وقال إنه من مصلحة إيطاليا العمل على الدبلوماسية والتعاون في حوض البحر الأبيض المتوسط لأسباب جغرافية وتاريخية جلية. فقد وقفت ذات مرة في وسط الساحة المتعددة الأعراق في الإمبراطورية الرومانية، حيث كان النورمانديون والعرب والأتراك والبربر وآخرون يهاجرون ويتاجرون قبل بروز الدول القومية والحدود المغلقة. واليوم، استعاد حوض المتوسط دوره كمحور للهجرة، لكن أزمة اللاجئين جعلت من البحر مكانا للموت واليأس. فانقلاب القوارب الذي أدى إلى مقتل المئات أحدث مثال على ذلك.
مقايضة أوروبية
وفيما يبقى حل النزاع السوري مستعصيا، فإن التركيز الأوروبي على ليبيا ضروري لتفادي أي انهيار آخر أو أزمة لاجئين ليبية جديدة. وعملت الدولة الإيطالية وأوروبا بخطوات من أجل تطوير حل لهذه الكارثة الإنسانية الهائلة، فطلِب من ليبيا إغلاق حدودها مقابل المساعدة على النهوض مجددا بعد المرحلة الكارثية التي تلت موت القذافي. فإيطاليا التي تؤيد الموقف المصري الرسمي لا تؤمن أن التدخل العسكري في ليبيا هو الحل. كما لا يمكن النجاح في محاربة توسع تنظيم داعش، أو أزمة الهجرة من خلال الجهود العسكرية الخارجية.
نهضة تنموية
وبالأحرى، لا يمكن تحقيق الشرعية إلا عبر تعزيز المؤسسات الأمنية في الحكومة الليبية الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز المجتمع المدني الليبي، مع التشديد على الشمولية. ويجب أن تدعم الحكومات الخارجية جهود حكومة ليبيا الموقتة لإرجاع النازحين إلى بيوتهم وطرد تنظيم داعش من ليبيا. كما يجب على الحكومة أن تدعم تشكل هويات سياسية واجتماعية في المجتمع المدني الليبي، عبر تطوير بنية المجتمع من أحزاب سياسية إلى منظمات غير حكومية محلية. كذلك على إيطاليا أن تشجع التبادل الثقافي، فتعيد الحكومة مثلا فتح المعهد الثقافي الإيطالي الذي أغلق مع السفارة الإيطالية في فبراير 2015، بناء على طلب الليبيين.
ميثاق الهجرة
لكن تعزيز المؤسسات الأمنية والمجتمع المدني غير كاف: فمن دون التطور الاقتصادي، لن تسير الأمور على ما يرام في البلاد.
وإيطاليا هي حاليا أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي التي تعنى كثيرا بالتطور الاقتصادي ليس في ليبيا فحسب، بل في باقي أنحاء أفريقيا أيضا. وأخيرا اقترحت الحكومة الإيطالية، التي يترأسها الإصلاحي الشاب والرئيس السابق لفلورنسا ماتيو رينزي، «ميثاق الهجرة» على الاتحاد الأوروبي. وهو يسعى لدعم تطوير أفريقيا عبر اتفاقات تعزز التضامن الاقتصادي لمحاربة الظروف الاقتصادية الهشة التي تقود ملايين الناس للهجرة نحو الشمال الأكثر ازدهارا.
وللأسف، رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخطة على الفور، بالرغم من إعراب معظم الممثلين بالاتحاد الأوروبي عن اهتمامهم بها، ومن بينهم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك.
مبادرة إيطالية
ومن شأن هذا الاقتراح تعزيز السيطرة على الهجرة من الدول الأفريقية، وخاصة ليبيا، مقابل المساعدة الاقتصادية الأوروبية لتطوير اقتصادات أكثر ثراء واستقرارا في البلدان المذكورة، بطرق مشابهة للاتفاق الحالي مع الحكومة التركية.
وإذا كان سيتم حل مشكلة اللاجئين من خلال سلام دائم في الشرق الأوسط ومن خلال الشفقة التي أظهرها أخيرا بعضهم كبابا الفاتيكان، فستحل أخيرا مشكلة الهجرة لأسباب اقتصادية من قبل حكومات مستقرة وديمقراطية حققت التنمية المستدامة.
فالتوصل إلى حل سياسي يقبله الاتحاد الأوروبي وأفريقيا على حد سواء سيتطلب وقتا، لكن الدعم والتعاون المتبادليْن هما السبيل الوحيد الذي سينجح. ونحن بحاجة للبدء في هذا الطريق عاجلا وليس آجلا.
عندما أعلنت إيطاليا الحرب من جانب واحد على الإمبراطورية العثمانية عام 1911 لاحتلال محافظة طرابلس، التي أصبحت لاحقا «ليبيا الإيطالية»، أثار النزاع القومية البلقانية، مما شكل إحدى بوادر الحرب العالمية الأولى. وبعد قرن من الزمن، وقفت إيطاليا ضد التدخل العسكري في ليبيا - المنقسمة بين الفصائل المتمركزة في طبرق وطرابلس والميليشيات القبَلية والإسلامية - على الرغم من أن الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، أيدت الغارات الجوية. إلا أن إيطاليا اختارت أن تدعم «حكومة الوفاق الوطني الليبية» من خلال تجديد دورها في ليبيا كداعم خارجي بدلا من محتل أو جهة مشارِكة فاعلة.
المتوسط والهجرة
وأعد ماوريتسيو جيري مساعد باحث في الدراسات الدولية بجامعة أولد دومينيون، دراسة مطولة نشرت على موقع «منتدى فكرة» تناولت الرؤية المستقبلية للوضع الليبي.
وقال إنه من مصلحة إيطاليا العمل على الدبلوماسية والتعاون في حوض البحر الأبيض المتوسط لأسباب جغرافية وتاريخية جلية. فقد وقفت ذات مرة في وسط الساحة المتعددة الأعراق في الإمبراطورية الرومانية، حيث كان النورمانديون والعرب والأتراك والبربر وآخرون يهاجرون ويتاجرون قبل بروز الدول القومية والحدود المغلقة. واليوم، استعاد حوض المتوسط دوره كمحور للهجرة، لكن أزمة اللاجئين جعلت من البحر مكانا للموت واليأس. فانقلاب القوارب الذي أدى إلى مقتل المئات أحدث مثال على ذلك.
مقايضة أوروبية
وفيما يبقى حل النزاع السوري مستعصيا، فإن التركيز الأوروبي على ليبيا ضروري لتفادي أي انهيار آخر أو أزمة لاجئين ليبية جديدة. وعملت الدولة الإيطالية وأوروبا بخطوات من أجل تطوير حل لهذه الكارثة الإنسانية الهائلة، فطلِب من ليبيا إغلاق حدودها مقابل المساعدة على النهوض مجددا بعد المرحلة الكارثية التي تلت موت القذافي. فإيطاليا التي تؤيد الموقف المصري الرسمي لا تؤمن أن التدخل العسكري في ليبيا هو الحل. كما لا يمكن النجاح في محاربة توسع تنظيم داعش، أو أزمة الهجرة من خلال الجهود العسكرية الخارجية.
نهضة تنموية
وبالأحرى، لا يمكن تحقيق الشرعية إلا عبر تعزيز المؤسسات الأمنية في الحكومة الليبية الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز المجتمع المدني الليبي، مع التشديد على الشمولية. ويجب أن تدعم الحكومات الخارجية جهود حكومة ليبيا الموقتة لإرجاع النازحين إلى بيوتهم وطرد تنظيم داعش من ليبيا. كما يجب على الحكومة أن تدعم تشكل هويات سياسية واجتماعية في المجتمع المدني الليبي، عبر تطوير بنية المجتمع من أحزاب سياسية إلى منظمات غير حكومية محلية. كذلك على إيطاليا أن تشجع التبادل الثقافي، فتعيد الحكومة مثلا فتح المعهد الثقافي الإيطالي الذي أغلق مع السفارة الإيطالية في فبراير 2015، بناء على طلب الليبيين.
ميثاق الهجرة
لكن تعزيز المؤسسات الأمنية والمجتمع المدني غير كاف: فمن دون التطور الاقتصادي، لن تسير الأمور على ما يرام في البلاد.
وإيطاليا هي حاليا أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي التي تعنى كثيرا بالتطور الاقتصادي ليس في ليبيا فحسب، بل في باقي أنحاء أفريقيا أيضا. وأخيرا اقترحت الحكومة الإيطالية، التي يترأسها الإصلاحي الشاب والرئيس السابق لفلورنسا ماتيو رينزي، «ميثاق الهجرة» على الاتحاد الأوروبي. وهو يسعى لدعم تطوير أفريقيا عبر اتفاقات تعزز التضامن الاقتصادي لمحاربة الظروف الاقتصادية الهشة التي تقود ملايين الناس للهجرة نحو الشمال الأكثر ازدهارا.
وللأسف، رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخطة على الفور، بالرغم من إعراب معظم الممثلين بالاتحاد الأوروبي عن اهتمامهم بها، ومن بينهم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك.
مبادرة إيطالية
ومن شأن هذا الاقتراح تعزيز السيطرة على الهجرة من الدول الأفريقية، وخاصة ليبيا، مقابل المساعدة الاقتصادية الأوروبية لتطوير اقتصادات أكثر ثراء واستقرارا في البلدان المذكورة، بطرق مشابهة للاتفاق الحالي مع الحكومة التركية.
- إنشاء صندوق أوروبي يؤمن استثمارات نافعة اجتماعيا في البلدان الأفريقية.
- من شأن هذا «الميثاق» أن ينشئ أيضا «سندات أفريقية» على غرار «يوروبوند» - وهي سندات حكومية أصدرتها بلدان منطقة اليورو الـ19 على نحو مشترك لمساعدة الشركاء الأفريقيين على الاستثمار في الابتكار والتنمية.
- من شأن هذا «الميثاق» أن يعوض أيضا التكاليف المستحقة على البلدان التي ستعتمد قانون اللجوء لمن هو بحاجة إليه.
- يتم اختيار المهاجرين لأسباب اقتصادية وفقا لبعض الشروط، على غرار الولايات المتحدة، أي قبول هجرة من تلقى تدريبا تحضيريا وتعلم لغة البلد الذي ينوي الهجرة إليه فحسب.
وإذا كان سيتم حل مشكلة اللاجئين من خلال سلام دائم في الشرق الأوسط ومن خلال الشفقة التي أظهرها أخيرا بعضهم كبابا الفاتيكان، فستحل أخيرا مشكلة الهجرة لأسباب اقتصادية من قبل حكومات مستقرة وديمقراطية حققت التنمية المستدامة.
فالتوصل إلى حل سياسي يقبله الاتحاد الأوروبي وأفريقيا على حد سواء سيتطلب وقتا، لكن الدعم والتعاون المتبادليْن هما السبيل الوحيد الذي سينجح. ونحن بحاجة للبدء في هذا الطريق عاجلا وليس آجلا.