أزمة داعش المالية هل تضعف قدراته القتالية؟

الأربعاء - 11 مايو 2016

Wed - 11 May 2016

بحث تنظيم داعش عن مصادر جديدة للتمويل، بعد تراجع عائداته بنحو 30 % في غضون تسعة أشهر، وهو ما أرغم التنظيم على فرض ضرائب جديدة في المناطق الخاضعة لسيطرته. وذكر معهد «أيه أتش أس» لمراقبة النزاعات أن داعش يلجأ لعدة طرق جديدة للتمويل، من بينها «فرض غرامات على الذين لا يجيبون بشكل صحيح على أسئلة عن القرآن»، وكذلك دفع غرامات بدلاً من توقيع عقوبات جسدية.

ويعني اللجوء إلى هذه الغرامات التي لا تجلب في نهاية المطاف أموالاً طائلة، أن الحالة المالية للتنظيم تقلصت بشكل ضخم.

على الأقل، وحسب تحليل المعهد «أيه اتش اس»، وهي شركة استشارية لخدمات معالجة المعلومات، في دراستها التي نشرت أخيرا على موقع دويشته فيله عن الحالة المالية لتنظيم داعش، كانت إيرادات داعش في منتصف 2015 نحو 80 مليون دولار شهريا، وتراجعت لتصل الآن لـ 56 مليون دولار.

وقال لودوفيكو كارلينو كبير المحللين في المعهد إن داعش لا يزال مسيطرا في المنطقة، لكن تراجع إيراداته يتزايد ويمثل تحدياً لبقاء التنظيم على المدى الطويل.

ضربات جوية

وحسب أيه.اتش.اس، فإن هجمات الروس والأمريكيين على الميليشيات الإرهابية زادت بشكل كبير. وفي الأشهر الـ 15 الماضية، فقد التنظيم نحو 22 % من الأراضي التي كان يسيطر عليها، كما يوضح كولومب ستراك، أحد المشاركين في الدراسة.

ويعد التحدي الأكبر لداعش هو فقدان سيطرته على كثير من الذين كانوا يسكنون بمناطق تقع تحت سيطرته، فبعد أن كان هناك 9 ملايين شخص في تلك المناطق، تراجع العدد ليصل الآن لنحو 6 ملايين، ويمثل هذا خسارة مادية كبيرة للتنظيم، فنصف إيراداته تنبع من الضرائب ومصادرة الأملاك. فمن يحيا في منطقة يسيطر عليها التنظيم عليه دفع الضرائب له، وكثيراً ما تتعرض أملاكه أيضاً للمصادرة، خاصة للمنتمين لأديان أو طوائف غير السنة.

عوائد التنظيم

وتأتي 43% من إيرادات داعش من عائدات النفط. وفي هذا الصدد تبدو الخسارة كبيرة، فقد نظمت الولايات المتحدة حملة مكثفة استهدفت صهاريج تخزين النفط والمنصات البحرية النفطية وعربات نقل النفط. ومثلت هذه الحملة تغيراً في الاستراتيجية الأمريكية، فقد كان التحالف يعد مثل هذه الأهداف خارج نطاق ضرباته حرصاً على عدم وقوع ضحايا بين المدنيين وتقليص الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية النفطية، التي قد تحتاجها فيما بعد حكومة جديدة في سوريا.

لكن الشاحنة التي تحمل 30 ألف لتر من النفط الخام، وتصل بسلام لهدفها توفر لداعش في كل نقلة مكسبا يقدر بنحو 4000 دولار. وهذا يؤدي لدعم كبير لدولة التنظيم، حسبما كتب الباحثان جورج كيوركتسوجلو وأليس د. كورتروبيس بجامعة جرينيتش البريطانية، في بحث تحليلي عن تجارة داعش في النفط.

وبعد اعتداءات باريس في نوفمبر 2015 غير الأمريكيون والأوروبيون استراتيجيتهم تجاه التنظيم، ودمروا بعد بضعة أسابيع من الحادث ثلث شاحنات النفط الخاصة بداعش، ويقدر عددها بنحو 900 شاحنة.

وإضافة لذلك، يتم تمويل التنظيم أيضاً من التبرعات، التي ساعدت بشكل ضخم في بداية الحرب الأهلية. وجزء كبير من هذه التبرعات جاءت من مؤسسات خاصة من منطقة الخليج.

مواجهة الإرهاب

وتساعد الضربات الجوية وتحركات الجيش السوري والجيش العراقي لمواجهة داعش في تقليص المناطق التي يسيطر عليها، وهو أمر يساعد في مقاومة التنظيم الإرهابي، فكلما تقلصت المنطقة التي يسيطر عليها تقلص دخله سواء من الضرائب أو حتى من الفدية والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات.

كذلك يمكن تقليص دخل التنظيم بطرق غير عسكرية، فبنوك العراق التي يسيطر عليها التنظيم ممنوعة من أداء معاملات دولية. كما امتنعت العراق عن تحويل رواتب موظفيها في هذه المنطقة، والتي تبلغ نحو 170 مليون دولار شهرياً، لأن عشر هذا المبلغ تقريباً يتم تحصيله من قبل داعش كضرائب. كما تم وضع الأفراد والمؤسسات التي تتعامل مع داعش على القائمة السوداء العالمية، ومن يتعامل معه لا يمكنه إجراء أي معاملات مصرفية بعد ذلك.

ورد التنظيم على هذه الخسارة بعدة إجراءات، من بينها تخفيض رواتب مقاتليه للنصف، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. لكن الخبير بشؤون الشرق الأوسط بجامعة ماينز الألمانية، جونتر ماير قال إن التنظيم تم إضعافه، لكنه لم يهزم، فمنذ فترة طويلة تم نقل آلاف المقاتلين من سوريا إلى ليبيا.

ويضيف ماير «ليبيا دولة فاشلة، وللتنظيم هناك مستقبل واضح، وحتى في حال هزيمته العسكرية في سوريا والعراق فلن يعني هذا نهايته»، لذلك يرى ماير أن هذا الضعف الذي يمر به داعش لا يعني تدمير التنظيم بالكامل في البلدان الإسلامية، ولا يعني خفض خطر الإرهاب الذي يهدد أوروبا.