سوزان سليم

فيينا في الانتظار

الاثنين - 09 مايو 2016

Mon - 09 May 2016

في عمر التاسعة وجدت نفسي في اكتئاب وأزمة حياتية كبيرة.

وجدت أني كبرت ولم أكتب كتاب أطفال مشهورا، ولم أظهر في التلفاز، ولم أخترع اختراعات عبقرية، ولم أصبح من أغنى الأطفال في العالم، وستنتهي طفولتي ولست من النوابغ!

كلما فعلت شيئا ذكرتني نفسي بألا أفرح فهناك من هم أصغر مني وقد فعلوا أشياء أكبر!

أخبرني أخي الصغير حين كان في الحادية عشرة أنه سيكتب سيناريو ويرسله إلى التلفاز، وقلت له - وأنا في الثامنة عشرة - إني سأفعل ذلك أيضا فقال: أنت كبيرة، «راحت عليك»!

نقرأ كثيرا عن «نوابغ» حفظوا القرآن في سن مبكرة، وألفوا كتبا، ورسموا لوحات عظيمة، وأنجزوا إنجازات وهم صغار لم ننجزها نحن كبارا، وحين نتعلم مهارة نرى أشخاصا أصغر وأمهر...

قد يدفعنا هذا للاستعجال وملاحقة الساعات، ويجعلنا نريد تعلم الرسم والكتابة والتصوير وخسارة الوزن وإنجاز كل شيء في سنة واحدة قبل أن نبلغ عمرا محددا.

قد نشعر بضيق الوقت والإحباط وبالتقصير والنقص وننتقد أنفسنا وربما نستسلم، وتهدأ شعلة الحماس للعمل وشعلة الحماس لتعلم مهارات جديدة، وشعلة الطموح، حتى تسكن.

لدينا استعجال على إنجاز كل شيء في عمر صغيرة، وبعد أن نتعدى هذا العمر، نحبط ونترك كثيرا مما أردنا تحقيقه.

كلٌ منا له رحلة حياة، وكلٌ مقدر له أن ينجز ما يريد، أو ينجح في الوصول إليه في العمر الذي كتبه الله له.

علينا توزيع ما نريد فعله على سنوات عمرنا. والسنين التي عشناها ولم يبد أننا أنجزنا فيها -أعطتنا تجارب حياة وعرفتنا على أشخاص وعلمتنا معارف، ستساعدنا على أن ننجز أعمالا مميزة في العمر المكتوب أن ننجز فيه.

حتى في عمر الثمانين -إن أحيانا الله - نستطيع أن ننجز، فبعد أن يكبر الأولاد وتبدأ حياتهم، لا تنتهي حياة آبائهم.

كتب الموسيقي بيلي جول في السبعينيات أغنية عنوانها فيينا. يقول في مقطع منها: «متى ستدرك أن فيينا تنتظرك؟» وفيينا تعبير عن بقية الحياة، أي لا تستعجل وتقلق فلديك بقية حياتك.

ما جعله يختار هذه المدينة، أنه رأى فيها عجوزا في التسعين تكنس الشوارع، واستغرب ذلك، فلم لا ترتاح بدل تعب العمل؟ وسأل أباه عن ذلك، فأجابه بأن هذا عملها، وهي سعيدة به، تشعر أنها مفيدة ولم تحل إلى التقاعد.