جدة والحداثة.. ذكرى كتاب
الاثنين - 09 مايو 2016
Mon - 09 May 2016
تستطيع، دون أن يماريك في ذلك أحد، أن تعتد كتاب «الخطيئة والتكفير» للدكتور عبدالله الغذامي، فصلا مهما من فصول الثقافة في المملكة العربية السعودية، وتستطيع، كذلك، أن تجعل السنة التي صدر فيها هذا الكتاب (1405هـ، 1985م)، فيصلا بين ما قبلها وما بعدها. فلقد جاء هذا الكتاب على حين فترة لم يكن لنقد الأدب فيها شأن، ولعلك لو جعلت تفتش عن أثر نقدي له خطره في السنوات العشر التي ختم بها القرن الرابع عشر الهجري، فإنك لن تظفر بشيء ذي بال، ولقد أخذت نفسي بتتبع آثار المؤلفين السعوديين في نقد الأدب ودرسه، فلم أحل منها بطائل، فما أخرجته المطبعة ما بين 1391-1400 (1971-1980)، لا يكاد يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وعلى أن الحياة الأدبية عرفت في المدة التي أخرج فيها الغذامي كتابه - كتبا اتخذ مؤلفوها نقد الأدب ذريعة للدرس والنظر، فإن أيا منها لم ينل من الذيوع والانتشار، والضجيج والصخب، بعض ما ناله كتاب «الخطيئة والتكفير»، وأنت تعرف أنه ما إن صدر كتاب «الخطيئة والتكفير» حتى احتفل به نادي جدة الأدبي، الذي كان الغذامي نائبا لرئيس مجلس إدارته، وعقدت حوله الندوات، ثم لج الخصام بينه وبين فريق من المثقفين، وما هي حتى حاز جائزة «مكتب التربية لدول مجلس التعاون الخليجي»، ولما حال عليه الحول اجتمع أعيان جدة ونخبها في «اثنينية عبدالمقصود خوجه»، عام 1406 (1986)، وما فيهم إلا من أثنى على الكتاب ومؤلفه الشاب الطلعة، ولعلها المرة الأولى، وأظنها الأخيرة، التي ذكر فيها مصطلح «البنيوية» في شعر! حين حيا العالم اللغوي الجليل أبوتراب الظاهري الكتاب وصاحبه:
بنيوية في وشيها الأنماط
وتشوق لغيتها وتلك شناط
وأذكر، وقد كنت في الفصل الدراسي الأول في الجامعة، أنني ابتعت كتاب «الخطيئة والتكفير»، من مكتبة تهامة، وما كنت لأبتاع الكتاب وأحرص على قراءته، وأنا حديث عهد بالجامعة، لولا أن الكتاب أصبح مادة صحفية شهية، فلا يكاد يمر يوم إلا وأقرأ فيه كلمات عنه،
ولا يظلنا أسبوع إلا وللغذامي حديث في هذه الصحيفة أو تلك، وحين خلوت بالكتاب ذي الغلاف الزهري، جعلت أتأمل عنوانه الغريب: «الخطيئة والتكفير»، ثم رأيت أسفل منه عبارة «من البنيوية إلى التشريحية»، ولصق هذه الأخيرة كلمة أعجمية التوى بها لساني «Deconstruction»، وأسفل منها عبارة «قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر». ولا زلت أذكر الحيرة التي استولت علي ساعة قرأت هذا العنوان الطويل العجيب، لكن عجزي ودهشي وحيرتي لم يصرفني عن قراءة هذا الكتاب الغريب العجيب، فاستعنت الله في قراءته، وأدركت أن في الكتاب شيئا جديدا، وأنه يلذ لي أن أقرأه، مهما استغلق علي وغمض، حتى إذا مضيت أقرأ الصفحة تلو الصفحة، وجدتني في بحر لجي من المصطلحات، فلما عسر علي أكثرها، رضيت من الغنيمة بالإياب، وقصرت غايتي منه على أن أقرأ هذه الصفحة ثم تلك الصفحة، متى كان فيهما شيء سهل يسير، حتى إذا بلغت الصفحات التي وقف فيهن الغذامي على حياة الشاعر حمزة شحاته، إذا بي أقرأ، فأفهم، ثم إذا فهمت أحسنت التعبير عن ذلك القدر من القراءة والفهم!
[email protected]
وعلى أن الحياة الأدبية عرفت في المدة التي أخرج فيها الغذامي كتابه - كتبا اتخذ مؤلفوها نقد الأدب ذريعة للدرس والنظر، فإن أيا منها لم ينل من الذيوع والانتشار، والضجيج والصخب، بعض ما ناله كتاب «الخطيئة والتكفير»، وأنت تعرف أنه ما إن صدر كتاب «الخطيئة والتكفير» حتى احتفل به نادي جدة الأدبي، الذي كان الغذامي نائبا لرئيس مجلس إدارته، وعقدت حوله الندوات، ثم لج الخصام بينه وبين فريق من المثقفين، وما هي حتى حاز جائزة «مكتب التربية لدول مجلس التعاون الخليجي»، ولما حال عليه الحول اجتمع أعيان جدة ونخبها في «اثنينية عبدالمقصود خوجه»، عام 1406 (1986)، وما فيهم إلا من أثنى على الكتاب ومؤلفه الشاب الطلعة، ولعلها المرة الأولى، وأظنها الأخيرة، التي ذكر فيها مصطلح «البنيوية» في شعر! حين حيا العالم اللغوي الجليل أبوتراب الظاهري الكتاب وصاحبه:
بنيوية في وشيها الأنماط
وتشوق لغيتها وتلك شناط
وأذكر، وقد كنت في الفصل الدراسي الأول في الجامعة، أنني ابتعت كتاب «الخطيئة والتكفير»، من مكتبة تهامة، وما كنت لأبتاع الكتاب وأحرص على قراءته، وأنا حديث عهد بالجامعة، لولا أن الكتاب أصبح مادة صحفية شهية، فلا يكاد يمر يوم إلا وأقرأ فيه كلمات عنه،
ولا يظلنا أسبوع إلا وللغذامي حديث في هذه الصحيفة أو تلك، وحين خلوت بالكتاب ذي الغلاف الزهري، جعلت أتأمل عنوانه الغريب: «الخطيئة والتكفير»، ثم رأيت أسفل منه عبارة «من البنيوية إلى التشريحية»، ولصق هذه الأخيرة كلمة أعجمية التوى بها لساني «Deconstruction»، وأسفل منها عبارة «قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر». ولا زلت أذكر الحيرة التي استولت علي ساعة قرأت هذا العنوان الطويل العجيب، لكن عجزي ودهشي وحيرتي لم يصرفني عن قراءة هذا الكتاب الغريب العجيب، فاستعنت الله في قراءته، وأدركت أن في الكتاب شيئا جديدا، وأنه يلذ لي أن أقرأه، مهما استغلق علي وغمض، حتى إذا مضيت أقرأ الصفحة تلو الصفحة، وجدتني في بحر لجي من المصطلحات، فلما عسر علي أكثرها، رضيت من الغنيمة بالإياب، وقصرت غايتي منه على أن أقرأ هذه الصفحة ثم تلك الصفحة، متى كان فيهما شيء سهل يسير، حتى إذا بلغت الصفحات التي وقف فيهن الغذامي على حياة الشاعر حمزة شحاته، إذا بي أقرأ، فأفهم، ثم إذا فهمت أحسنت التعبير عن ذلك القدر من القراءة والفهم!
[email protected]