بالاعتماد على المقابلات الشخصية وتاريخ ناسا وبعض الوثائق التي رفعت عنها صفة السرية أخيرا يروي رولاند وايت المختص بالشؤون الفضائية والطيران في كتابه «إلى داخل الأسود» الصادر عن دار توتشستون القصة الخفية للأحداث التي سبقت وترافقت مع إطلاق المركبة الفضائية الأمريكية «كولومبيا».
ويسلط الضوء على الأشخاص الذين كرسوا أنفسهم لمساعدة أمريكا على النجاح في عصر استكشاف الفضاء، ففي 12 أبريل، 1982، انطلقت «كولومبيا» من قاعدة كيب كانافيرال وكانت أكثر مركبة فضائية تطورا على الإطلاق، وتعد:
المنافسة في الفضاء
ومنذ البداية، كانت هناك منافسة واضحة بين ناسا وبين المؤسسة العسكرية الأمريكية، وفي الوقت الذي حاولت ناسا الانتصار في سباق الفضاء على المؤسسة، صممت القوى الجوية الأمريكية منشأة فضائية مأهولة للدوران حول الأرض بهدف الاستطلاع تخدمها طائرة فضائية اسمها (داينا-سور).
وخشي الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور من أن وضع عناصر عسكرية في الفضاء فوق الاتحاد السوفيتي يؤدي للحرب.
ولكن الأجهزة الالكترونية بدأت تصبح أصغر حجما، وأصبح بالإمكان التخلي عن وجود أي ضباط من القوى في الفضاء لرعاية الكاميرات والمرايا، حيث إن قمرا صناعيا تجسسيا أصبح بإمكانه أداء المهمة بشكل فعال وعملي.
ولكن البنتاجون كان يتوق إلى توسعة سلطاته وسعى إلى بناء مركبات فضائية لأهداف عسكرية فقط، على أن يتم إطلاقها من قواعد جوية عسكرية، إلا أن ناسا انتصرت في النهاية وأصبحت جميع المركبات الفضائية تطير تحت رعاية مدنية.
تكنولوجيا فضائية
وبدأ مشروع المركبة الفضائية في أوائل 1972، تردد الرئيس ريتشارد نيكسون في البداية تخصيص مبالغ مالية ضخمة في مشاريع ناسا الجريئة، خاصة وأن اثنين من مقراتها الرئيسية الثلاثة كانت في ألاباما وتكساس، والتي لم تصوت لنيكسون في 1968.
ويقول الكاتب أن نيكسون لم يتقنع بفكرة المركبة إلا في أواخر 1971، عندما سافر إلى اجتماع قمة عالمي على متن طائرة بوينج 707، بينما حضر الرئيس الفرنسي على متن طائرة كونكورد الأسرع من الصوت، الأمر الذي جعل نيكسون يرغب في أن تمتلك أمريكا تكنولوجيا فضائية متطورة لا تمتلكها أي دولة أخرى.
وامتلكت مركبة كولومبيا تكنولوجيا متطورة للغاية، فلكل واحد من المحركات الرئيسية بحجم سيارة صغيرة فقط، ومع ذلك كان ينتج قوة تفوق قوة جميع محركات سفينة (تايتانيك)، وللوصول إلى المدار، كان على الآلة التي يبلغ وزنها 85 طنا أن تحقق تسارعا يصل إلى 17.500 ميل في الساعة، ولا بد أن تهبط برفق فيما بعد على مدرج المطار.
المهمة الأولى
ويتحدث الكتاب عن التحديات التي واجهتها كولومبيا وشجاعة رائدي الفضاء جون يونج وروبرت كريبن اللذان كانا على متنها في أول مهمة لها، بالرغم من أنه لم يكن هناك اختبار لإطلاق المكوك الفضائي بشكل غير مأهول في البداية كما حدث في حالة (أبولو) سابقا.
ينقل وايت القارئ إلى داخل مقصورة الطيار في كولومبيا ويشرح أدق التفاصيل، بما في ذلك المصطلحات الغريبة الموجودة على لوحة التحكم.
ولكن بالرغم من الإعداد المحكم للرحلة وكل الترتيبات التي سبقت الإطلاق، لم تجر الأمور كما كان مخططا لها في الأساس.
فبعد أقل من ساعة من انطلاق المركبة من قاعدة كيب كانافيرال بدأت بعض المشاكل الجدية تلوح في الأفق. فالبلاط الذي كان مصمما لحمايتها من الاحتراق لدى عودتها ودخولها مرة أخرى الغلاف الجوي للأرض لم يكن موجودا على الغلاف الحراري للمركبة، الأمر الذي يؤثر على سلامة المركبة ورواد الفضاء لدى عودتهم إلى الأرض.
ولذلك لجأت ناسا إلى «المكتب القومي للاستطلاع»، وهو عبارة عن وكالة تجسس سرية تابعة للبنتاجون، لمساعدتها في حل المشكلة.
وكان الجميع يعرفون أن نجاح المهمة يعتمد على المهارة والتوقيت الدقيق والحظ، وللوقوف على تفاصيل ما حدث بعد ذلك، يجري الكاتب الكثير من المقابلات مع أشخاص شهدوا تفاصيل ما حدث خلال تلك المهمة، كما يقتبس الكثير من الوثائق المتعلقة بالمشروع من البداية إلى النهاية.
تكلفة المشروع
ويشير الكتاب إلى أن الاتحاد السوفيتي بنى مركبة فضائية وأطلقها مرة واحدة فقط، ومن ثم ألغى المشروع بسبب ارتفاع تكاليفه وعدم وجود مهمة محددة له، ولكنه لا يشير إلى التكلفة الحقيقية للمشروع في أمريكا.
في البداية، قالت ناسا إن إطلاق المركبة سيكلف في كل مرة نحو 110 مليون دولار، ولكن مجلة ساينس العلمية الأمريكية توقعت في 1979 أن الأداء الموعود للمركبة شبه مستحيل تقريبا بتلك التكلفة.
وتبين فيما بعد أن المجلة كانت على حق، حيث إن النتيجة كانت إطلاق المكوك في 135 رحلة بدلا من الـ400 المتوقعة، ووصلت تكلفة كل إطلاق للمركبة إلى 1 مليار دولار.
رولاند وايت كاتب مختص بالشؤون الفضائية والطيران، وله ثلاثة كتب سابقة في هذا المجال: «فولكان 607»، «سرب العنقاء»، و«جبهة العاصفة».
الكتب الثلاثة كانت من بين الأكثر مبيعا.
ويسلط الضوء على الأشخاص الذين كرسوا أنفسهم لمساعدة أمريكا على النجاح في عصر استكشاف الفضاء، ففي 12 أبريل، 1982، انطلقت «كولومبيا» من قاعدة كيب كانافيرال وكانت أكثر مركبة فضائية تطورا على الإطلاق، وتعد:
- أول طائرة ذات أجنحة مدفوعة بقوة صاروخية.
- لا يتجاوز حجمها مساحة طائرات الركاب العادية.
- قادرة على الطيران في الفضاء والعودة إلى الأرض، ومن ثم العودة إلى الفضاء مجددا.
المنافسة في الفضاء
ومنذ البداية، كانت هناك منافسة واضحة بين ناسا وبين المؤسسة العسكرية الأمريكية، وفي الوقت الذي حاولت ناسا الانتصار في سباق الفضاء على المؤسسة، صممت القوى الجوية الأمريكية منشأة فضائية مأهولة للدوران حول الأرض بهدف الاستطلاع تخدمها طائرة فضائية اسمها (داينا-سور).
وخشي الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور من أن وضع عناصر عسكرية في الفضاء فوق الاتحاد السوفيتي يؤدي للحرب.
ولكن الأجهزة الالكترونية بدأت تصبح أصغر حجما، وأصبح بالإمكان التخلي عن وجود أي ضباط من القوى في الفضاء لرعاية الكاميرات والمرايا، حيث إن قمرا صناعيا تجسسيا أصبح بإمكانه أداء المهمة بشكل فعال وعملي.
ولكن البنتاجون كان يتوق إلى توسعة سلطاته وسعى إلى بناء مركبات فضائية لأهداف عسكرية فقط، على أن يتم إطلاقها من قواعد جوية عسكرية، إلا أن ناسا انتصرت في النهاية وأصبحت جميع المركبات الفضائية تطير تحت رعاية مدنية.
تكنولوجيا فضائية
وبدأ مشروع المركبة الفضائية في أوائل 1972، تردد الرئيس ريتشارد نيكسون في البداية تخصيص مبالغ مالية ضخمة في مشاريع ناسا الجريئة، خاصة وأن اثنين من مقراتها الرئيسية الثلاثة كانت في ألاباما وتكساس، والتي لم تصوت لنيكسون في 1968.
ويقول الكاتب أن نيكسون لم يتقنع بفكرة المركبة إلا في أواخر 1971، عندما سافر إلى اجتماع قمة عالمي على متن طائرة بوينج 707، بينما حضر الرئيس الفرنسي على متن طائرة كونكورد الأسرع من الصوت، الأمر الذي جعل نيكسون يرغب في أن تمتلك أمريكا تكنولوجيا فضائية متطورة لا تمتلكها أي دولة أخرى.
وامتلكت مركبة كولومبيا تكنولوجيا متطورة للغاية، فلكل واحد من المحركات الرئيسية بحجم سيارة صغيرة فقط، ومع ذلك كان ينتج قوة تفوق قوة جميع محركات سفينة (تايتانيك)، وللوصول إلى المدار، كان على الآلة التي يبلغ وزنها 85 طنا أن تحقق تسارعا يصل إلى 17.500 ميل في الساعة، ولا بد أن تهبط برفق فيما بعد على مدرج المطار.
المهمة الأولى
ويتحدث الكتاب عن التحديات التي واجهتها كولومبيا وشجاعة رائدي الفضاء جون يونج وروبرت كريبن اللذان كانا على متنها في أول مهمة لها، بالرغم من أنه لم يكن هناك اختبار لإطلاق المكوك الفضائي بشكل غير مأهول في البداية كما حدث في حالة (أبولو) سابقا.
ينقل وايت القارئ إلى داخل مقصورة الطيار في كولومبيا ويشرح أدق التفاصيل، بما في ذلك المصطلحات الغريبة الموجودة على لوحة التحكم.
ولكن بالرغم من الإعداد المحكم للرحلة وكل الترتيبات التي سبقت الإطلاق، لم تجر الأمور كما كان مخططا لها في الأساس.
فبعد أقل من ساعة من انطلاق المركبة من قاعدة كيب كانافيرال بدأت بعض المشاكل الجدية تلوح في الأفق. فالبلاط الذي كان مصمما لحمايتها من الاحتراق لدى عودتها ودخولها مرة أخرى الغلاف الجوي للأرض لم يكن موجودا على الغلاف الحراري للمركبة، الأمر الذي يؤثر على سلامة المركبة ورواد الفضاء لدى عودتهم إلى الأرض.
ولذلك لجأت ناسا إلى «المكتب القومي للاستطلاع»، وهو عبارة عن وكالة تجسس سرية تابعة للبنتاجون، لمساعدتها في حل المشكلة.
وكان الجميع يعرفون أن نجاح المهمة يعتمد على المهارة والتوقيت الدقيق والحظ، وللوقوف على تفاصيل ما حدث بعد ذلك، يجري الكاتب الكثير من المقابلات مع أشخاص شهدوا تفاصيل ما حدث خلال تلك المهمة، كما يقتبس الكثير من الوثائق المتعلقة بالمشروع من البداية إلى النهاية.
تكلفة المشروع
ويشير الكتاب إلى أن الاتحاد السوفيتي بنى مركبة فضائية وأطلقها مرة واحدة فقط، ومن ثم ألغى المشروع بسبب ارتفاع تكاليفه وعدم وجود مهمة محددة له، ولكنه لا يشير إلى التكلفة الحقيقية للمشروع في أمريكا.
في البداية، قالت ناسا إن إطلاق المركبة سيكلف في كل مرة نحو 110 مليون دولار، ولكن مجلة ساينس العلمية الأمريكية توقعت في 1979 أن الأداء الموعود للمركبة شبه مستحيل تقريبا بتلك التكلفة.
وتبين فيما بعد أن المجلة كانت على حق، حيث إن النتيجة كانت إطلاق المكوك في 135 رحلة بدلا من الـ400 المتوقعة، ووصلت تكلفة كل إطلاق للمركبة إلى 1 مليار دولار.
رولاند وايت كاتب مختص بالشؤون الفضائية والطيران، وله ثلاثة كتب سابقة في هذا المجال: «فولكان 607»، «سرب العنقاء»، و«جبهة العاصفة».
الكتب الثلاثة كانت من بين الأكثر مبيعا.