محنة صناع السياسة العرب
الخميس - 05 مايو 2016
Thu - 05 May 2016
أثارت المقابلة التي أجراها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الصحفي جيفري جولدبيرج ونشرتها مجلة أتلانتك الأمريكية في عدد أبريل، الذعر والخوف في نفوس الكثيرين في العالم العربي. وعلى الفور دبجت المقالات وكتبت التعليقات وامتلأ الفضاء الإسفيري بالصراخ والعويل والهجوم حتى من الناس الذين لم يسمعوا باسم هذه المجلة من قبل.
وأوباما، جريا على عادة سكان البيت الأبيض في أيامهم الأخيرة، قام بزيارات وداعية لعدد من الدول في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
هذه الزيارات الوداعية أثلجت صدور بعض الناس لأن هذه هي المرة الأخيرة التي يرون فيها وجهه كرئيس دولة.
ويعتقد هؤلاء الناس أنه بذهاب أوباما ستتحسن الأحوال وتعود الأمور إلى طبيعتها وسنصبح مرة أخرى حلفاء أمريكا التقليديين الذين تحتضنهم وترعاهم.
لكن هذا لا يعدو كونه سذاجة واضحة وأمنيات حبيسة الصدور لن تتحقق على أرض الواقع.
وهي تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، بأن صناع السياسة عندنا والخبراء العالميين ببواطن السياسة الأمريكية لم يتعلموا شيئا خلال نصف القرن المنصرم.
وللحالمين بالتغيير بعد ذهاب أوباما الوشيك، أقول لهم اسمعوا جيدا ما تقوله السيدة هيلاري كلينتون مرشحة الرئاسة الأمريكية التي قد تكون لها حظوظ في خلافة أوباما.
إن هذه السيدة التي كانت سيدة أولى ثم وزيرة للخارجية وقد تصبح رئيسة للولايات المتحدة، لا تكف في كل خطبها وأحاديثها عن إعلان تأييدها المطلق لإسرائيل.
وقد قالت بالحرف الواحد في اجتماع للجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية إن أول شيء ستفعله بعد دخولها البيت الأبيض هو دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة واشنطن.
وقالت أيضا «إننا لن نسمح للأعداء (وتقصدنا نحن العرب) بمجرد التفكير في دق إسفين بيننا وبين الإسرائيليين». وأضافت «إنني كرئيسة لأمريكا، سوف أعارض بقوة أية محاولة من الأطراف الخارجية لفرض حل على إسرائيل ولو كانت هذه الأطراف هي مجلس الأمن الدولي نفسه».
هذا يعني ببساطة أن الإرهابيين الإسرائيليين قد تلقوا الضوء الأخضر للاستمرار في استباحة الدم الفلسطيني، وفي بناء المستوطنات، وتهويد القدس، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ورفض أية مبادرة جديدة للسلام.
طبعا أصبحت يد إسرائيل طليقة للعبث بمقدرات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة خاصة في ضوء الضعف العربي العام، وانشغال الدول العربية بمشكلاتها ونزاعاتها الداخلية وانعدام الإرادة السياسية القوية التي تستنهض الهمم وتقوي العزيمة في مواجهة صلف وغرور العدو الإسرائيلي.
ولا يجب أن ننسى أيضا مرشح الرئاسة الأمريكي الآخر دونالد ترامب الذي لم يخف عداءه للعرب والمسلمين والمهاجرين الآخرين.
وقد قال هذا المرشح إنه لن يعتمد على البترول القادم من منطقة الشرق الأوسط ولن يرضخ إلى التهديد وليس في عقله وقلبه ذرة من الاحترام أو التقدير للعرب والمسلمين.
ومع اقتراب نهاية أيام أوباما، فإن بعض الكتاب السياسيين والمعلقين عندنا ما زالوا يمطروننا بالكلام المضلل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
كيف إذن يمكن أن نتعامل مع هذا الموقف؟ أرجو ألا تقولوا: ندفع المزيد من الأموال لشركات العلاقات العامة النصابة التي ما زالت تحوم حولنا لإقناعنا بقدرتها على تحسين صورتنا.
وأرجو أيضا ألا نتغنى بالعلاقات التاريخية الراسخة التي لم يعد لها أي وجود في ذاكرة السياسيين الأمريكيين. كما أرجو ألا نهرول نحو المعاهد الأمريكية ومنتديات التفكير أو الصحفيين والكتاب الأمريكيين للكتابة عنا بأمل تحسين صورتنا.
إننا نحتاج إلى وسيلة أخرى مختلفة تماما وهي الوصول إلى الأفراد العاديين، وليس بالضرورة الأكاديميين أو كتاب الرأي، الذين لهم معرفة ودراية بتوجهات الرأي العام الأمريكي.
وهؤلاء الناس العاديون هم الأكثر تأثيرا والأصدق فكرا والذين لا يطمعون في نهب أموالنا من خلال بيع الترام لنا.
ولنبدأ هذه العملية باختيار وجوه جديدة من الأمريكيين الصادقين في صداقتهم للعرب والذين لا يؤيدون إسرائيل في كل كبيرة وصغيرة وهم أجدى نفعا من شركات العلاقات العامة النصابة ومن الرؤوس الكبيرة التي نهرول نحوها.
وللفرحين بذهاب أوباما الوشيك أقول لهم إن القادم قد يكون أسوأ، وإننا إذا كنا نبكي من أوباما اليوم فربما نبكي عليه غدا فهو، رغم عيوبه ومناقصه، قد يكون آخر الرؤساء الأمريكيين المحترمين.
[email protected]
وأوباما، جريا على عادة سكان البيت الأبيض في أيامهم الأخيرة، قام بزيارات وداعية لعدد من الدول في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
هذه الزيارات الوداعية أثلجت صدور بعض الناس لأن هذه هي المرة الأخيرة التي يرون فيها وجهه كرئيس دولة.
ويعتقد هؤلاء الناس أنه بذهاب أوباما ستتحسن الأحوال وتعود الأمور إلى طبيعتها وسنصبح مرة أخرى حلفاء أمريكا التقليديين الذين تحتضنهم وترعاهم.
لكن هذا لا يعدو كونه سذاجة واضحة وأمنيات حبيسة الصدور لن تتحقق على أرض الواقع.
وهي تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، بأن صناع السياسة عندنا والخبراء العالميين ببواطن السياسة الأمريكية لم يتعلموا شيئا خلال نصف القرن المنصرم.
وللحالمين بالتغيير بعد ذهاب أوباما الوشيك، أقول لهم اسمعوا جيدا ما تقوله السيدة هيلاري كلينتون مرشحة الرئاسة الأمريكية التي قد تكون لها حظوظ في خلافة أوباما.
إن هذه السيدة التي كانت سيدة أولى ثم وزيرة للخارجية وقد تصبح رئيسة للولايات المتحدة، لا تكف في كل خطبها وأحاديثها عن إعلان تأييدها المطلق لإسرائيل.
وقد قالت بالحرف الواحد في اجتماع للجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية إن أول شيء ستفعله بعد دخولها البيت الأبيض هو دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة واشنطن.
وقالت أيضا «إننا لن نسمح للأعداء (وتقصدنا نحن العرب) بمجرد التفكير في دق إسفين بيننا وبين الإسرائيليين». وأضافت «إنني كرئيسة لأمريكا، سوف أعارض بقوة أية محاولة من الأطراف الخارجية لفرض حل على إسرائيل ولو كانت هذه الأطراف هي مجلس الأمن الدولي نفسه».
هذا يعني ببساطة أن الإرهابيين الإسرائيليين قد تلقوا الضوء الأخضر للاستمرار في استباحة الدم الفلسطيني، وفي بناء المستوطنات، وتهويد القدس، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ورفض أية مبادرة جديدة للسلام.
طبعا أصبحت يد إسرائيل طليقة للعبث بمقدرات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة خاصة في ضوء الضعف العربي العام، وانشغال الدول العربية بمشكلاتها ونزاعاتها الداخلية وانعدام الإرادة السياسية القوية التي تستنهض الهمم وتقوي العزيمة في مواجهة صلف وغرور العدو الإسرائيلي.
ولا يجب أن ننسى أيضا مرشح الرئاسة الأمريكي الآخر دونالد ترامب الذي لم يخف عداءه للعرب والمسلمين والمهاجرين الآخرين.
وقد قال هذا المرشح إنه لن يعتمد على البترول القادم من منطقة الشرق الأوسط ولن يرضخ إلى التهديد وليس في عقله وقلبه ذرة من الاحترام أو التقدير للعرب والمسلمين.
ومع اقتراب نهاية أيام أوباما، فإن بعض الكتاب السياسيين والمعلقين عندنا ما زالوا يمطروننا بالكلام المضلل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
كيف إذن يمكن أن نتعامل مع هذا الموقف؟ أرجو ألا تقولوا: ندفع المزيد من الأموال لشركات العلاقات العامة النصابة التي ما زالت تحوم حولنا لإقناعنا بقدرتها على تحسين صورتنا.
وأرجو أيضا ألا نتغنى بالعلاقات التاريخية الراسخة التي لم يعد لها أي وجود في ذاكرة السياسيين الأمريكيين. كما أرجو ألا نهرول نحو المعاهد الأمريكية ومنتديات التفكير أو الصحفيين والكتاب الأمريكيين للكتابة عنا بأمل تحسين صورتنا.
إننا نحتاج إلى وسيلة أخرى مختلفة تماما وهي الوصول إلى الأفراد العاديين، وليس بالضرورة الأكاديميين أو كتاب الرأي، الذين لهم معرفة ودراية بتوجهات الرأي العام الأمريكي.
وهؤلاء الناس العاديون هم الأكثر تأثيرا والأصدق فكرا والذين لا يطمعون في نهب أموالنا من خلال بيع الترام لنا.
ولنبدأ هذه العملية باختيار وجوه جديدة من الأمريكيين الصادقين في صداقتهم للعرب والذين لا يؤيدون إسرائيل في كل كبيرة وصغيرة وهم أجدى نفعا من شركات العلاقات العامة النصابة ومن الرؤوس الكبيرة التي نهرول نحوها.
وللفرحين بذهاب أوباما الوشيك أقول لهم إن القادم قد يكون أسوأ، وإننا إذا كنا نبكي من أوباما اليوم فربما نبكي عليه غدا فهو، رغم عيوبه ومناقصه، قد يكون آخر الرؤساء الأمريكيين المحترمين.
[email protected]