فهيد العديم

سقوط النخب!

الثلاثاء - 03 مايو 2016

Tue - 03 May 2016

وليسمح لي أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي عندما أتجرأ على مقولة (سقوط النخبة وبروز الشعبي)، وأحاول من خلالها محاولة فهم ظاهرة السقوط المريع للنخبة، وإن كان السقوط هنا لا يقابله بروز في الشعبي، بل النخبوي تحت تأثير مقولة (البرج العاجي) حاول أن يبين خطأ هذه المقولة فذهب للناس ليقول لهم أنا أفكر بطريقتكم حتى لو لزم الأمر يتنازل عن قناعاته أو على الأقل يبسطها حتى تفقد قيمتها.

وأظن السبب في أمرين أيسرهما وقح، فأما أن يكون باحثا عن القبول الشعبي والاجتماعي على حساب الحقيقة والمعرفة، أو خوفا من سياط (الهاشتاقات) في وسائل التواصل الاجتماعي التي تستطيع أن تنبش كل تاريخك الشخصي وسجلك العائلي بل وحتى نواياك لتمضغك ألسنة حداد لا يهمها ماذا قلت مقابل ما قيل عنك، فأصبح مشاهير تويتر- على سبيل المثال - يقومون بدور المخابرات في الدول البوليسية.

ووجد النخبوي الذي كان يشاكس السلطة الرسمية نفسه مجبرا أن يخضع لسلطة الإعلام الجديد، وكيلا يكون الكلام مرسلا ما عليكم سوى أن تبحثوا عن النخبة التي ولجت معترك وسائل التواصل الاجتماعي لتكتشفوا كيف أصبحوا يتملقون الشارع بشكل فج، فأما أن يتعاملوا من الناس بصفتهم معلمين تقاعدوا من العمل، والشارع بالنسبة لهم هم الأبناء الذين درسوا على أيديهم في المرحلة الابتدائية.

ولهذا تأتي جملهم تقول مجازا: (احترموا سني على الأقل)، وأي نقاش جدي يقابله بالدعوة لهذا الابن المتمرد بالهداية والسداد،

وقسم آخر اختار أن يكون بطل المراهقين وملهمهم في تويتر من خلال تبني مصطلح (تطيير الجبهة الشهير) وهؤلاء قادرون على تحويل أي نقاش جدي إلى مكاء وتصدية بين متابعيهم الذين يرددون (طييير جبهته)، ولهذا (ضاعت الطاسة) بين مصطلحات الحوار والنقاش والمحاججة والمناظرة.

وهذا يعود بنا إلى ما قلناه سلفا أن النخبوي اختار أن يسقط كي يحصل على الميزات التي يحصل عليها المهرج، وهي للأمانة مكاسب مادية واجتماعية وإعلامية لا يمكن تجاهلها، والأمر لا يقف عند سقوط النخبوي بذاته، بل إنه أصبح يحاول إسقاط أي نخبوي لم يسقط وما زال مقاوما إغراءات القاع من خلال جر متابعيه إلى السخرية من كل من يقول للشارع الحقيقة التي لا تعجبهم، فتحول إلى جزء من مدرج كرة القدم الذي يصرخ بكلمات بذيئة تجاه الخصوم لكنه لا يريد أن يقول للمشجعين إن فريقنا سيئ ولا يستحق الفوز، ثم بعد ذلك تتسابق وسائل الإعلام كي تستضيفه، ليس لأن لديه أشياء تستحق أن تقال، بل لأن له (جماهيرية) ويضمن عددا كبيرا من المشاهدات أو القراءات.

وللأسف هذا القياس في الإعلام سبب رئيسي للسقوط، بل وصناعة نخبة بمعايير الإعلام التي تعتمد على النجومية، المؤلم أن هذه الظاهرة تسببت في زهد الصادقين بالحضور، فإن قال لم يسمع لأنه ليس نجما، وإن سمع شتم ولعن.. ونبذ أطفاله!