رؤية ملك ومستقبل شعب وأمل أمة
السوق
السوق
الأحد - 01 مايو 2016
Sun - 01 May 2016
عادة ما يحوز الشأن الداخلي لأي بلد على اهتمام أهل هذا البلد أنفسهم، ربما لأنه داخلي، وربما لأن البعض يتحفظ على الإدلاء بدلوه في بئر الآخرين.
وقد يكون هذا صحيحا إذا كان البلد بلدا من البلدان، ولكن رؤية المملكة 2030، منذ أن باركها وأقرها خادم الحرمين الشريفين الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز عبر خطابه في مجلس الوزراء للأمة، مؤكدا على أنها رؤية ملك ومستقبل شعب وأمل أمة..
والأمة كلها عربية ودولية، وفي أعقاب اللقاء التلفزيوني مع سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والذي تصب فيه كل التقارير الاقتصادية والاجتماعية، في أعقابه مباشرة تحول الموضوع، لما كان يحتويه من خير وبشريات وآمال، إلى شأن عربي بامتياز، فالمملكة العربية السعودية قبلة المسلمين وبلاد الحرمين الشريفين، ليس فقط لهذا، ولكن لأن الرؤية أرادت بعون الله أن تكون المملكة بحق وصدق وبتخطيط مقصود وبذراع ممدود بلدا للناس أجمعين تحقيقا لمشيئة الله التي جاءت دعاء على لسان خليله أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) إبراهيم - الآية 37.
ولهذا جاء هذا التفاعل العربي والإسلامي مع رؤية السعودية 2030 متماشيا مع كون المملكة هي العمق العربي والإسلامي للأمة كلها. وكم كان رائعا الأمير محمد بن سلمان حين أشار إلى أن مرتكزات رؤيتنا تعتمد على مواقع قوتنا.
وفي الحقيقة فالرؤية في مجملها رؤية جليلة أسأل الله أن تتحقق كيما تنقلنا إلى المكانة التي نحلم بها. والتي نحن إن شاء الله نستحقها أرضا وبشرا، ونالت بحمد الله إعجاب الناس وأنا واحد منهم. وقد جاء هذا واضحا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي صار اليوم المقياس الأسرع والأشمل للرأي دون حاجة إلى الاستقطابات والاستفتاءات. ولا أدل على ذلك من نجاح هاشتاق # «التحول الوطني 2030» في تصدر قائمة الهاشتاقات الأكثر تداولا عالميا ليومين على التوالي. بعدما أعلن الأمير محمد بن سلمان، يحفظه الله «إن الرؤية خارطة طريق لتحقيق أهداف المملكة في التنمية الاقتصادية خلال الخمس عشرة سنة القادمة.. وهى رؤية ترمي إلى تجهيز المملكة لمرحلة ما بعد النفط».
هذه الرؤية التي غرد لها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قائلا «وجدت فيها رؤية مستنيرة وشجاعة سيكون لها أكبر الأثر في تطوير وتنمية المملكة العربية السعودية».
ولعل - رغم أهمية كل ما ورد فيها - ما جاء حول الشفافية والحوكمة، وحين تتحقق الشفافية والحوكمة في مسألة أرامكو وتصبح هي وكل أملاك الدولة في صندوق الاستثمارات العامة وفي شكل شركات لها مجالس إدارات وتصويت ومتابعات نكون بحول الله قد قضينا على ما يحدث من هدر للمواد والموارد قد تذهب إلى من لا يستحقها ولا تصل للمستحقين. وعندها ستدخل أراضي الدولة صندوق الاستثمارات العامة، بحيث لا تعود عرضة للنهب بوضع اليد أو خلافه، فقد أصبحت أملاكا لها صاحب، وهذا أمر في غاية الشفافية والعدل والإنصاف.
ومن المبشر جدا أن الأمير محمد بن سلمان، قد أعلن نفسه حربا لا هوادة فيها مع الفساد، مؤكدا أنه مع الشريحة الأكبر من محدودي الدخل.. وحين سئل، يرعاه الله، عن الفئة الأخرى وهي الأعلى قال: إذا لم يقبلوا فسيصطدمون بالشارع. وهي عبارة مدروسة قيلت بثقة بالغة وأرسلت إشارات واضحة لكلتا الفئتين. ولقد أجاد معالي وزير خارجية البحرين حين غرد قائلا «إن الرؤية وضعت نقاط اليوم على حروف المستقبل».
الشفافية والحوكمة، هما بلا شك الأسلحة المضادة للفساد والمصل الواقي منه بعون الله.. وحينما يستشري الفساد وتبدأ الرغبة الصادقة في محاربته لاجتثاثه، فالأمر بلا شك يحتاج إلى تفعيل ورش صريحة لعصف ذهني يؤسس لمبادئ الشفافية والحوكمة بشكل مباشر وفعال، ويحتاج أيضا إلى تسمية الأشياء بأسمائها دون وجل أو تردد، فمن غير المعقول أن يكون لدينا في الحكومة موظف راتبه في حدود الخمسة آلاف ريال، وهو في موقع تمر من خلاله الملايين دون أن يسيل له لعاب أو تراوده نفسه، ومن النفوس نفس أمارة.
إذاً ومن حسن الشفافية وتمام الحوكمة أن نجد أسلوبا تدار به مثل هذه الوظيفة عبر التحول إلى نظام الشركات والحوافز المشجعة والمقنعة.. وقاية وحماية للاقتصاد ولكل عامل به.. بحيث يصبح كل شيء يتعلق بالاقتصاد والخدمات، يعامل كشركات وليس برواتب مقطوعة، نعلم جميعا أنها لا تكفي متطلباته ولا تفي بحاجاته، خاصة من فئة الشباب. وربما تكون هذه النقطة قد لامستها تغريدة لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين أكد أنها رؤية أشعرته بالفرح والتفاؤل. والفرح، فرح بمستقبل جديد لمنطقتنا، وتفاؤل بتجديد حضاري لأمتنا، نحو الاستغلال الأمثل لطاقاتها ومواردها وشبابها.
نعم لقد كانت الرؤية مليئة بالاستغلال الأمثل لطاقاتنا ومواردنا وشبابنا، وهذا مرتكز قوتنا.
قال الأمير باندهاش «هل يعقل ونحن في بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين وعندنا المدينة المنورة وليس لدينا متحف إسلامي!»، وهنا وكأنه، وفقه الله، يشير إلى السياحة بشكل مباشر، السياحة التي تدخل في نطاق العبادة التي وردت في كتاب الله الكريم في سورة التحريم آية 5: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا)، وأيضا الآية 112 من سورة التوبة: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون)، وأصل السائح: الذاهب في الأرض للتفكر في خلق الله.
ونحمد الله أن السياحة الدينية والعلمية ليست بها شهوات ولا هم يحزنون، بل تذكر وتفكر وأجر وثواب وعلم ومعرفة، وليس فيها تمجيد لأشخاص أو مغالاة في تخليدهم.
ولقد تحدث الأمير محمد بن سلمان عن أننا لم نكتب تاريخنا جيدا، وتاريخ هذه الأرض، لا يبدأ فقط - مع عظم القدر والمنزلة - من نحو ألف وأربعمائة عام، بل نحن في الجزيرة العربية موطن العروبة ومهد التاريخ منذ آلاف السنين.. نعم، ولنقل منذ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا.. ونحن والحمد لله نؤمن بكل آية، بل بكل كلمة وحرف ورد في كتاب الله الكريم، إذاً فبلدنا هو مهد الحضارة الإنسانية، وبلادنا تزخر على مدى مساحتها الشاسعة بمئات المواطن والمواقع التي تجعلنا في مقدمة دول العالم سياحيا. ويعلم الله كم ستوفر هذه السياحة من فرص عمل وكم ستدر من مداخيل، تؤكد رؤية السعودية 2030.
وبالفعل كما غرد سمو ولي عهد أبوظبي الشيخ: محمد بن زايد آل نهيان «رؤية المملكة 2030 التنموية برنامج طموح من ملك الحزم ورجل القرارات التاريخية»، مشيرا إلى أن حديث الأمير محمد بن سلمان حول الرؤية يستشرف المستقبل ويحمل أبعادا وطنية واستراتيجية تعود بالخير على المملكة العربية السعودية.
وأعود إلى دعاء سيدنا إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والذي بدأت به: (ربنا إني أسكنت من ذريتي..) لأختم به هذا المقال، مشيرا إلى نقطة مشرقة الرؤى في الرؤية، وهي البطاقة الخضراء «Green Card»، ولقد كانت في الواقع واحدة من أمنياتي الشخصية العزيزة، فالحرمان الشريفان في بلادنا العزيزة، وكثير من المسلمين يرغبون الاستثمار في بلاد الحرمين الشريفين، وكثير منهم يحبون أن يعملوا فيها، ولكم أن تتخيلوا أنني اكتشفت خلال عملي بنظافة الحرمين الشريفين، أن نفرا من عمال النظافة في هذين الموقعين المباركين، جاؤوا بتأشيرة عامل نظافة، وهم في الأصل أطباء أو مهندسون، ولكن شرف خدمة الحرمين جعلهم يتنازلون عن مهنهم بحثا عن الأجر والثواب، وطلبا للعمل في مكة والمدينة شرفهما الله. وأيضا كثير من أبناء المسلمين ولدوا في بلاد الحرمين أو رزقهم الله فيها بأولاد وذرية، ولو كان لفكرة البطاقة الخضراء والتي هي متداولة في كثير من دول العالم المتحضر، لو كان لها في هذه الرؤية من أجر وثواب، فسيكون بتغطيتها لهذه الفئات الثلاث التي ذكرتها، وسيكون لأصحاب الرؤية خير الدعاء مما سيوضع في ميزان حسناتهم، إن شاء الله، وذلك استجابة لدعوة خليل الله إبراهيم في أن تهوي فئة من الناس إلى هذه الأماكن المقدسة الطاهرة.
وعلنا ندرك أن الحكمة الأساسية في الحج (ليشهدوا منافع لهم)، وهكذا تتحقق للمستثمر المسلم منافع دائمة وتتحقق لهذه الأماكن المقدسة منافع أشمل حين نستقطب الطبيب المسلم والعالم المسلم وكل نابغة يرتجي البقاء في بلاد الحرمين، تزداد بلادنا إشعاعا وتعود تصدره إلى الدنيا من جديد علما وعملا. فهذه البطاقة الخضراء ستخدم مواليد هذا الوطن، وستريح العامل فيه من ملاحقة الكفيل، فيعملون هانئين مطمئنين ويستثمرون في الأرض التي يعيشون فيها ومنها، وتبقى أموالهم هنا بدلا من تحويلها إلى خارج البلد، علاوة على ما سيترتب على ذلك من دخل إضافي شرعي سيجعل حركة الاستثمار دائمة الدوران ومستدامة التنمية.
حقا إنها رؤية مستنيرة ونيرة، تستحق أولا، الدعاء منا جميعا لها بالتحقيق وبالتوفيق. وصدق ولي العهد الأمير محمد بن نايف حين قال حولها «أدعم عضيدي وأخي ويدي اليمنى الأمير محمد بن سلمان في رؤيته 2030».
*همسة لم أستطع أن أرجئها أو أحتفظ بها للعدد القادم، أقولها للأمير خالد الفيصل:
لا أريد أن أتكلم عنك كبليغ، ولا أريد الحديث عنك كخطيب ولا شاعر ولا أديب، فأنا أفهم ذلك جيدا ويفهمه معي الناس..
ولكن الذي لم أفهمه.. كيف استطعت أن تتمالك نفسك وكيف استطعت أن تروض دمعتك وأنت تتكلم بالأمس عن أخيك وشقيقك وصديقك الراحل الكبير سعود الفيصل.. ويعلم الله أني بكيت مرة أخرى وأنا أسمعك تتحدث عن واحد عن ألف من الناس.. عن سعود بن فيصل، عن رأس ابن رأس.. رحمه الله وأمدك بالصحة والعافية.
وقد يكون هذا صحيحا إذا كان البلد بلدا من البلدان، ولكن رؤية المملكة 2030، منذ أن باركها وأقرها خادم الحرمين الشريفين الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز عبر خطابه في مجلس الوزراء للأمة، مؤكدا على أنها رؤية ملك ومستقبل شعب وأمل أمة..
والأمة كلها عربية ودولية، وفي أعقاب اللقاء التلفزيوني مع سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والذي تصب فيه كل التقارير الاقتصادية والاجتماعية، في أعقابه مباشرة تحول الموضوع، لما كان يحتويه من خير وبشريات وآمال، إلى شأن عربي بامتياز، فالمملكة العربية السعودية قبلة المسلمين وبلاد الحرمين الشريفين، ليس فقط لهذا، ولكن لأن الرؤية أرادت بعون الله أن تكون المملكة بحق وصدق وبتخطيط مقصود وبذراع ممدود بلدا للناس أجمعين تحقيقا لمشيئة الله التي جاءت دعاء على لسان خليله أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) إبراهيم - الآية 37.
ولهذا جاء هذا التفاعل العربي والإسلامي مع رؤية السعودية 2030 متماشيا مع كون المملكة هي العمق العربي والإسلامي للأمة كلها. وكم كان رائعا الأمير محمد بن سلمان حين أشار إلى أن مرتكزات رؤيتنا تعتمد على مواقع قوتنا.
وفي الحقيقة فالرؤية في مجملها رؤية جليلة أسأل الله أن تتحقق كيما تنقلنا إلى المكانة التي نحلم بها. والتي نحن إن شاء الله نستحقها أرضا وبشرا، ونالت بحمد الله إعجاب الناس وأنا واحد منهم. وقد جاء هذا واضحا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي صار اليوم المقياس الأسرع والأشمل للرأي دون حاجة إلى الاستقطابات والاستفتاءات. ولا أدل على ذلك من نجاح هاشتاق # «التحول الوطني 2030» في تصدر قائمة الهاشتاقات الأكثر تداولا عالميا ليومين على التوالي. بعدما أعلن الأمير محمد بن سلمان، يحفظه الله «إن الرؤية خارطة طريق لتحقيق أهداف المملكة في التنمية الاقتصادية خلال الخمس عشرة سنة القادمة.. وهى رؤية ترمي إلى تجهيز المملكة لمرحلة ما بعد النفط».
هذه الرؤية التي غرد لها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قائلا «وجدت فيها رؤية مستنيرة وشجاعة سيكون لها أكبر الأثر في تطوير وتنمية المملكة العربية السعودية».
ولعل - رغم أهمية كل ما ورد فيها - ما جاء حول الشفافية والحوكمة، وحين تتحقق الشفافية والحوكمة في مسألة أرامكو وتصبح هي وكل أملاك الدولة في صندوق الاستثمارات العامة وفي شكل شركات لها مجالس إدارات وتصويت ومتابعات نكون بحول الله قد قضينا على ما يحدث من هدر للمواد والموارد قد تذهب إلى من لا يستحقها ولا تصل للمستحقين. وعندها ستدخل أراضي الدولة صندوق الاستثمارات العامة، بحيث لا تعود عرضة للنهب بوضع اليد أو خلافه، فقد أصبحت أملاكا لها صاحب، وهذا أمر في غاية الشفافية والعدل والإنصاف.
ومن المبشر جدا أن الأمير محمد بن سلمان، قد أعلن نفسه حربا لا هوادة فيها مع الفساد، مؤكدا أنه مع الشريحة الأكبر من محدودي الدخل.. وحين سئل، يرعاه الله، عن الفئة الأخرى وهي الأعلى قال: إذا لم يقبلوا فسيصطدمون بالشارع. وهي عبارة مدروسة قيلت بثقة بالغة وأرسلت إشارات واضحة لكلتا الفئتين. ولقد أجاد معالي وزير خارجية البحرين حين غرد قائلا «إن الرؤية وضعت نقاط اليوم على حروف المستقبل».
الشفافية والحوكمة، هما بلا شك الأسلحة المضادة للفساد والمصل الواقي منه بعون الله.. وحينما يستشري الفساد وتبدأ الرغبة الصادقة في محاربته لاجتثاثه، فالأمر بلا شك يحتاج إلى تفعيل ورش صريحة لعصف ذهني يؤسس لمبادئ الشفافية والحوكمة بشكل مباشر وفعال، ويحتاج أيضا إلى تسمية الأشياء بأسمائها دون وجل أو تردد، فمن غير المعقول أن يكون لدينا في الحكومة موظف راتبه في حدود الخمسة آلاف ريال، وهو في موقع تمر من خلاله الملايين دون أن يسيل له لعاب أو تراوده نفسه، ومن النفوس نفس أمارة.
إذاً ومن حسن الشفافية وتمام الحوكمة أن نجد أسلوبا تدار به مثل هذه الوظيفة عبر التحول إلى نظام الشركات والحوافز المشجعة والمقنعة.. وقاية وحماية للاقتصاد ولكل عامل به.. بحيث يصبح كل شيء يتعلق بالاقتصاد والخدمات، يعامل كشركات وليس برواتب مقطوعة، نعلم جميعا أنها لا تكفي متطلباته ولا تفي بحاجاته، خاصة من فئة الشباب. وربما تكون هذه النقطة قد لامستها تغريدة لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين أكد أنها رؤية أشعرته بالفرح والتفاؤل. والفرح، فرح بمستقبل جديد لمنطقتنا، وتفاؤل بتجديد حضاري لأمتنا، نحو الاستغلال الأمثل لطاقاتها ومواردها وشبابها.
نعم لقد كانت الرؤية مليئة بالاستغلال الأمثل لطاقاتنا ومواردنا وشبابنا، وهذا مرتكز قوتنا.
قال الأمير باندهاش «هل يعقل ونحن في بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين وعندنا المدينة المنورة وليس لدينا متحف إسلامي!»، وهنا وكأنه، وفقه الله، يشير إلى السياحة بشكل مباشر، السياحة التي تدخل في نطاق العبادة التي وردت في كتاب الله الكريم في سورة التحريم آية 5: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا)، وأيضا الآية 112 من سورة التوبة: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون)، وأصل السائح: الذاهب في الأرض للتفكر في خلق الله.
ونحمد الله أن السياحة الدينية والعلمية ليست بها شهوات ولا هم يحزنون، بل تذكر وتفكر وأجر وثواب وعلم ومعرفة، وليس فيها تمجيد لأشخاص أو مغالاة في تخليدهم.
ولقد تحدث الأمير محمد بن سلمان عن أننا لم نكتب تاريخنا جيدا، وتاريخ هذه الأرض، لا يبدأ فقط - مع عظم القدر والمنزلة - من نحو ألف وأربعمائة عام، بل نحن في الجزيرة العربية موطن العروبة ومهد التاريخ منذ آلاف السنين.. نعم، ولنقل منذ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا.. ونحن والحمد لله نؤمن بكل آية، بل بكل كلمة وحرف ورد في كتاب الله الكريم، إذاً فبلدنا هو مهد الحضارة الإنسانية، وبلادنا تزخر على مدى مساحتها الشاسعة بمئات المواطن والمواقع التي تجعلنا في مقدمة دول العالم سياحيا. ويعلم الله كم ستوفر هذه السياحة من فرص عمل وكم ستدر من مداخيل، تؤكد رؤية السعودية 2030.
وبالفعل كما غرد سمو ولي عهد أبوظبي الشيخ: محمد بن زايد آل نهيان «رؤية المملكة 2030 التنموية برنامج طموح من ملك الحزم ورجل القرارات التاريخية»، مشيرا إلى أن حديث الأمير محمد بن سلمان حول الرؤية يستشرف المستقبل ويحمل أبعادا وطنية واستراتيجية تعود بالخير على المملكة العربية السعودية.
وأعود إلى دعاء سيدنا إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والذي بدأت به: (ربنا إني أسكنت من ذريتي..) لأختم به هذا المقال، مشيرا إلى نقطة مشرقة الرؤى في الرؤية، وهي البطاقة الخضراء «Green Card»، ولقد كانت في الواقع واحدة من أمنياتي الشخصية العزيزة، فالحرمان الشريفان في بلادنا العزيزة، وكثير من المسلمين يرغبون الاستثمار في بلاد الحرمين الشريفين، وكثير منهم يحبون أن يعملوا فيها، ولكم أن تتخيلوا أنني اكتشفت خلال عملي بنظافة الحرمين الشريفين، أن نفرا من عمال النظافة في هذين الموقعين المباركين، جاؤوا بتأشيرة عامل نظافة، وهم في الأصل أطباء أو مهندسون، ولكن شرف خدمة الحرمين جعلهم يتنازلون عن مهنهم بحثا عن الأجر والثواب، وطلبا للعمل في مكة والمدينة شرفهما الله. وأيضا كثير من أبناء المسلمين ولدوا في بلاد الحرمين أو رزقهم الله فيها بأولاد وذرية، ولو كان لفكرة البطاقة الخضراء والتي هي متداولة في كثير من دول العالم المتحضر، لو كان لها في هذه الرؤية من أجر وثواب، فسيكون بتغطيتها لهذه الفئات الثلاث التي ذكرتها، وسيكون لأصحاب الرؤية خير الدعاء مما سيوضع في ميزان حسناتهم، إن شاء الله، وذلك استجابة لدعوة خليل الله إبراهيم في أن تهوي فئة من الناس إلى هذه الأماكن المقدسة الطاهرة.
وعلنا ندرك أن الحكمة الأساسية في الحج (ليشهدوا منافع لهم)، وهكذا تتحقق للمستثمر المسلم منافع دائمة وتتحقق لهذه الأماكن المقدسة منافع أشمل حين نستقطب الطبيب المسلم والعالم المسلم وكل نابغة يرتجي البقاء في بلاد الحرمين، تزداد بلادنا إشعاعا وتعود تصدره إلى الدنيا من جديد علما وعملا. فهذه البطاقة الخضراء ستخدم مواليد هذا الوطن، وستريح العامل فيه من ملاحقة الكفيل، فيعملون هانئين مطمئنين ويستثمرون في الأرض التي يعيشون فيها ومنها، وتبقى أموالهم هنا بدلا من تحويلها إلى خارج البلد، علاوة على ما سيترتب على ذلك من دخل إضافي شرعي سيجعل حركة الاستثمار دائمة الدوران ومستدامة التنمية.
حقا إنها رؤية مستنيرة ونيرة، تستحق أولا، الدعاء منا جميعا لها بالتحقيق وبالتوفيق. وصدق ولي العهد الأمير محمد بن نايف حين قال حولها «أدعم عضيدي وأخي ويدي اليمنى الأمير محمد بن سلمان في رؤيته 2030».
*همسة لم أستطع أن أرجئها أو أحتفظ بها للعدد القادم، أقولها للأمير خالد الفيصل:
لا أريد أن أتكلم عنك كبليغ، ولا أريد الحديث عنك كخطيب ولا شاعر ولا أديب، فأنا أفهم ذلك جيدا ويفهمه معي الناس..
ولكن الذي لم أفهمه.. كيف استطعت أن تتمالك نفسك وكيف استطعت أن تروض دمعتك وأنت تتكلم بالأمس عن أخيك وشقيقك وصديقك الراحل الكبير سعود الفيصل.. ويعلم الله أني بكيت مرة أخرى وأنا أسمعك تتحدث عن واحد عن ألف من الناس.. عن سعود بن فيصل، عن رأس ابن رأس.. رحمه الله وأمدك بالصحة والعافية.