عبدالله المزهر

المتسولون الجدد!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأحد - 01 مايو 2016

Sun - 01 May 2016

قسم الجاحظ المتسولين في كتاب البخلاء إلى عدة أقسام حسب الآلية والطريقة التي يتبعها المتسول في استحلاب الأموال من جيوب الناس، وهي طرق لم تتغير منذ عهد الجاحظ حتى يومنا هذا. وبالطبع فإن المعني هنا هم المتسولون النصابون وهم أكثر من تراهم عند أبواب المساجد وعند الإشارات المرورية، وقد يوجد بينهم من هو محتاج فعلا ولكن الغالبية هي التي تشكل الانطباع عن أي جماعة من الناس!

ولعل الجاحظ قد استعجل ومات قبل أن يشهد أنواعا جديدة من المتسولين تغزو الأرض والفضاء هذه الأيام.

كتب الجاحظ عن الاسيطل والقرسي والمشعب وغيرهم من أنواع المتسولين في زمنه، والحقيقة أن الكلمات صعبة لكن معانيها كما شرحها في كتابه تدل على أشياء ما زالت تتجدد حتى يومنا هذا والله المستعان!

ومن غريب أمر التسول أن جديده لا يقضي على قديمه، فالقديم مستمر وله أهله وناسه الذين يبدعون فيه، وكلما استجد نوع من أنواع المتسولين لم يؤثر على الأنواع القديمة.

ولعل من المستجدين في هذه الصنعة في هذا الزمان والذين لم يصنفهم الجاحظ رحمه الله النوع «الكليبي» وهم نوع يستخدم الفيديو كليبات في التسول. وقد يستخدمون أطفالا أو صغارا للتأثير تماما كما تفعل المتسولة التي تقف بطفلها الرضيع عند إشارات المرور، ولكن بشكل أكثر عصرية وحداثة، وهذا أمر لا خلاف فيه، فمن طبيعة الأشياء التطور، والمتسولون ليسوا بمعزل عن العالم فهم أيضا يستفيدون من الثورة الرقمية في ممارسة صنعتهم.

وعلى أي حال..

فإني أتمنى -صادقا- ألا يفهم من حديثي هذا أنني أنتقد أو أسخر من المتسولين الجدد -معاذ الله-، كل ما في الأمر أني معجب بسرعة تطورهم وبرؤيتهم المستقبلية التي تسبق بمراحل ما يسمى بـ«مكافحة التسول» مع أن عمل الأخيرة هذه يمكن تصنيفه على أنه نوع من التسول، فهم لا يعملون شيئا مقابل الأجور التي يحصلون عليها!

[email protected]