لماذا لم يتلعثم محمد بن سلمان؟ وكيف أنسن الإصلاح؟

الخميس - 28 أبريل 2016

Thu - 28 Apr 2016

لن تهدأ المجالس السعودية تحليلا وقراءة وتساؤلا عقب الخروج الإعلامي الموسع الأول لولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، معلنا تحولا جديدا في تاريخ الدولة السعودية بإطلاق الرؤية السعودية 2030، عبر حوار هو الأول مع صحفي سعودي نال سبقه الزميل الفذ تركي الدخيل، ثم مؤتمر صحفي ضم خليطا من الصحفيين الأجانب والسعوديين الأبرز مهنية وحضورا في المشهد الإعلامي، ونخبة من الاختصاصيين في مجالات مختلفة.

إجابات الأمير محمد مع الزميل الدخيل، كانت عميقة ومباشرة دون تردد أو بوضع بعض من المساحيق الإعلامية أو اللغوية على الحقائق. لم تختلف صراحته عن حواراته مع الصحافة الأجنبية، وهذا ما يمكن وصفه بالتعامل الواضح مع جسد المريض المحتاج لتشخيص حقيقي ودواء فعال.

بين حوار «العربية»، المؤتمر الصحفي الذي بقي فيه واقفا كحالة سعودية أولى، تفاصيل الرؤية ثم الاجتماع برموز اجتماعية من كل الطيف السعودي دون تمييز في لقاء فريد من نوعه سعوديا وبحميمية وقرب دون تكلف تنكشف حقيقتان:

* العمق والتمكن القيادي والمهارات غير المصطنعة في الاتصال الاستراتيجي للأمير محمد بن سلمان.

* العنوان العريض هو «هكذا سنكون في المرحلة المقبلة أقرب دون خلافات ولكن باختلاف ودون تكلف».

ثقة الأمير وسرعة بداهته في الحوار مع الزميل أبي عبدالله، الحضور الذهني، عدم التردد، الإجابة الواضحة والمفصلة المعززة بالمعلومة، قدرات فطرية تعززها وتطورها القراءة والفهم، والرغبة الحقيقية في التعلم والاستماع للتجارب والقدرة على التفكير النقدي المرتبط بالواقع، لذا كان من الطبيعي أن لا يتلعثم الأمير محمد.

الشق القيادي للأمير محمد يظهر في فهمه لواقع الحال وإدارة المؤسسات التي يرأسها وفق تحديات الواقع وفهم الظروف المحيطة وقراءة المستقبل. والأبرز أخذ زمام المبادرة، القوة والشجاعة والثقة بالقدرة على التغيير المبني على أسس إدارية استراتيجية حديثة توظف أفكار المبدعين والمتخصصين في كل فن للنهوض بأي جهاز حسب ضخامته وبمراعاة لحقوق وحاجات أصحاب المصلحة (Stakeholders) المتصلين به.

والدليل على ذلك عمليا، فكرة الإصلاح السريع (Quick Fix) التي تحدث عنها في اللقاء، بحل سلة من الملفات العالقة خلال السنة الأولى من عمر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والتي جعلت من الحكومة فريق عمل تراجع فيه إنتاجية كل وزير بشكل دوري بارتباط مع حاجة الشارع ونبضه. كذلك إيجاد عمل فريق مواز يعمل على ملفات الخطط ذات المدى البعيد وأبرزها الرؤية. وأخيرا، المبادرة لتأسيس وقيادة تحالفين عربي وإسلامي ميدانيا عسكريا، وسياسيا عبر سلسلة جولات ولقاءات على مستوى وزراء الدفاع وقادة الجيوش.

قدرات ولي ولي العهد وزير الدفاع في الاتصال الاستراتيجي كانت واضحة لمن يفهم التعامل مع الصحافة الدولية خصوصا من عاش أو يعيش في دولة غربية، مؤسسات الصحافة فيها متمرسة وتجربتها طويلة، عبر تصريحاته ولقاءاته بصحفيين من مؤسسات إعلامية عريقة مثل مجلة «إيكونوميست»، ثم شبكة «بلومبيرغ»، إذ نشرت هذه المؤسسات الحوارات دون الإشارة إلى ضعف الأمير في الحوار أو سطحية الطرح بل القوة والتمكن والمعلومة الواضحة المرتبطة بالوقع، بينما الوجه الآخر للقاءات هو أن المملكة جزء مهم من العالم وفاعل إيجابي سياسيا واقتصاديا.

ويتميز الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع بالحضور الميداني مع الجنود، والاجتماع بالقيادات السعودية العسكرية، والتواصل مع الحلفاء الدوليين وانعكاس ذلك على قراراتهم ثم تصريحاتهم، وتتجلى الرؤية أكثر عن وزير الدفاع وبراعته استراتيجيا، والتي دفعت الرئيس الأمريكي في كامب ديفيد العام الماضي إلى أن يلاحقه حتى آخر اللحظات عندما لاحظ مدى عمقه وقوة طرحه مدعوما من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومن الحاضر على طاولة الاجتماع آنذاك ولي العهد الأمير محمد بن نايف.

يقول تومس فارويل في كتابه «الإقناع والقوة: فن الاتصال الاستراتيجي»، الصادر عن جامعة جورج تاون في الفصل العاشر عن علامات القيادة «لا يمكن الجزم بأن الناس يحبون السياسيين عموما لكن يصدقون ويؤمنون بالسياسي الصادق والصريح مثل الرئيس دونالد ريجان». ومثل هذا لمسه الشارع السعودي من الأمير محمد في حديثه مع الصحفيين في المؤتمر الصحفي عن إطلاق الرؤية السعودية عندما كان يجيب بفهم في جميع المجالات: اقتصاديا، ورياضيا وسياسيا وكذلك اعترافه بالفساد والحاجة للإصلاح في حديثه مع «العربية».

أكثر مهارات الاتصال الاستراتيجي صدقا تلك التي تخرج فجأة، دون تصنع وهو ما كان واضحا من الأمير محمد بن سلمان من عدم رغبته في وضع حواجز مع الناس أثناء التقاط الصور مع الحاضرين لملتقى «مغردون»، من شرائح المجتمع المختلفة وأخيرا ضيوفه الذين دعاهم من أطياف المجتمع دون تمييز عقب الإعلان عن الرؤية وكيف كان يقرب كل من رغب في التصوير إليه دون تمييز بهيئته التي أصبح مشهورا بها بسيطا دون «بشت»، عمليا دون تكلف.

المحصلة أن القيادة السياسية في الوطن تصنع توجها أكثر نضجا بأن يكون إصلاح سياسي يتوازى معه مصالحة مجتمعية تقتل صراع التيارات، لأن خطط التنمية تنزع منها الروح عندما تبنى على مجتمع يضربه الخلاف لا الاختلاف. وهنا يسجل لابن سلمان أنسنة خطط الإصلاح بوضع لبنة محبة مجتمعية هو أعظم منتجات القيادة الفذة الحكيمة والاتصال الاستراتيجي الصادق المؤثر، وانعكس ذلك على العالم، إذ قالت صحيفة التايمز في افتتاحيتها أمس «الإصلاحي الجديد يستحق الدعم الغربي».

القيادة و الاتصال الاستراتيجي عند الأمير محمد بن سلمان:

  • الشجاعة في أخذ المبادرة والإيمان بالقدرة على التغيير

  • التقييم والمحاسبة المبنية على الإنتاجية وجودة المنتج

  • سرعة البداهة والرد الحاضر المدعوم بالمعلومة

  • الاستماع الجيد وعدم المقاطعة

  • الاعتماد على الطرق الإدارية الاستراتيجية الحديثة

  • القدرة على المعالجة والتطوير على المديين البعيد والقصير

  • التعمق في الإجابة في مختلف الاختصاصات

  • الترحاب الصادق وطلاقة الوجه مع الناس

  • إدارة فرق عمل مختلف في اختصاصات متنوعة في وقت واحد وبأداء متواز

  • السلاسة وعدم التلعثم في الحديث للإعلام والقرب من الشارع وفهم لغة وحاجة الناس

  • الإيمان بقدرات المبدعين وتمكينهم واعتماد »أفكار خارج الصندوق«

  • الحديث مع العقلية الإعلامية الغربية بطريقتها والمحلية بتوجهها




ماجستير قيادة واتصال استراتيجي