هادي عبدالله الحكمي

الوليد في شهر أبريل

الثلاثاء - 26 أبريل 2016

Tue - 26 Apr 2016

في إحدى ليالي أبريل الباردة كنت ألهو مع أطفالي في منتزه بالرياض، حضر زوجان ومعهما طفل بدا لي أنه غير طبيعي، كان الطفل يلعب وحيدا والوالدان منشغلان بالحديث، اقترب منا الطفل فشاركناه اللعب، وبعد برهة شعرت بالإرهاق ففضلت احتساء الشاي وقراءة كتاب، عاد الطفل لأبويه يحاول بيديه الصغيرتين لفت انتباههما بجذب أطراف ثوبهما تارة وبالبكاء تارة، إلا أنهما قاما بزجره والصراخ في وجهه، زاد نحيب الطفل فغضب الأب، قام بركله وصفعه على وجهه، ورشت أمه الماء البارد على جسده دون رحمة.

ناديت الأب، طلبت منه إحضار الابن، فأجابني بقوله «دعه إنه مريض نفسي» قلت هو توحدي؟ أجاب بنعم.

حضرا معا، كان الابن في حالة يرثى لها، يرتعش باكيا من الألم والبرد، حضنته مسحت الماء من على وجهه وجففت ملابسه، ثم طلبت من أولادي مشاركته اللعب، تبدل حال الطفل من الحزن للفرح، وذهب يركض ويقفز بسرور.

التفت للأب وبدأت أناقشه حول ما قام به هو والأم مع «الوليد» وهو يحاول إقناعي بأنه فقد السيطرة وأن ابنه طفل لا يحتمل، وأن أمه فقدت جنينين بسب شقاوته، علمت فيما بعد أن لديه أختا لم تحضر معهم بسبب خوفهما عليها من الوليد. حاولت إقناعه بأن أطفال التوحد هبة من هبات الله لنا وأنهم خير.

حاولت المغادرة فأصر الوليد على مرافقتنا، فحاول الأب أخذه فبكى بكاء مريرا، أخذته إلى بقالة قريبة من الحديقة واشتريت له بعض الحلوى وأعدته لهما.

هناك الكثير من الأطفال كالوليد يلاقون العذاب والإهمال من آبائهم وأمهاتهم رغم الأبواق المزعجة التي تكثر من ذكر التوحد في شهر أبريل، والسبب أنها وجهت بلا هدف ولا تخطيط، فالمستهدف لا يحضر لعدم علمه أو لسوء وقته، والملقي لا يهمه سوى مئات الآلاف التي يجنيها والصور التي يقتنيها في ختام كل فعالية وبرنامج.

ما يحدث في الثاني من أبريل لا يكفي ليوم واحد أو لشهر بل لا بد أن تكون أيام السنة توعية بالتوحد وفرض حلول على أرض الواقع وتفريج هموم الأسر إن أردنا تطويرا ثقافيا وعلميا وعمليا.