موسى لـ مكة: تأخرنا بمجابهة الشرق الأوسط الجديد والفيصل كان يحلم بعالم عربي كبير

الأربعاء - 27 أبريل 2016

Wed - 27 Apr 2016

«كان أمر المنطقة العربية ومستقبلها مثار انشغال كبير للأمير الراحل، وكان دائما يتحدث عن تصورات للنظام العربي والإقليمي الجديد وضرورة الإبقاء على الجامعة العربية وحمايتها وتطويرها».. بهذه الكلمات شرع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى في الحديث عن الدور الذي لعبه وزير الخارجية السابق الراحل الأمير سعود الفيصل في الاهتمام بملفات العرب والوقوف إلى جانب قضاياهم العادلة ونصرتها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مبينا بأن العرب تأخروا في مجابهة مشروع الشرق الأوسط الجديد، وأن الحاجة ماسة لصوغ مشروع عربي لمواجهة المشاريع التي تراد للمنطقة. موسى، والذي شارك في إحدى جلسات المؤتمر الدولي «سعود الأوطان» الذي اختتم في العاصمة الرياض أمس، أفصح أن الأمير سعود كان له رؤية تتمثل بأن الأمة العربية هي جزء من عالم عربي أوسع يستوعب العرب وغيرهم، ويعيش فيه الأكراد والأمازيغ، والسنة والشيعة، والمسلمين والمسيحيين. وشدد موسى على أن رؤية الفيصل تلك، كانت تتكئ على أن عالم عربي بهذه التشكيلة الشاملة هي التي تقف صامدة وقادرة على أن تمد يدها إلى غيرها مثل تركيا وإيران إن هما مدتا يديهما، وأن ضعف العالم العربي ليست مسألة أبدية، وسط رفض استخدام سياسات التفرقة الدينية أو الطائفية أو المذهبية وتحديدا القسمة التآمرية بين السنة والشيعة وعدم الخلط بين الدين والسياسة وما يتبع ذلك من محاولة فرض أنظمة على هذا البلد العربي أو ذاك. وطبقا لموسى، فإن الفيصل كان يرى بأن الدنيا تتغير والقرن الـ21 له متطلبات وأن شعوب العرب تتغير من حيث المفاهيم وتأثير العولمة، وأن الأجيال الشابة تمثل أغلبية متشوقة لحياة أفضل وأكثر حرية وأمن وفرصا. غير أن ذلك لم يكن ليتأتى، بحسب الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، لولا الاحتياج للسياسات التعليمية الجيدة والإصلاحات الجذرية وتشكيل عربي جديد قوامه التكامل والتعاون لتحقيق التنمية المستدامة والوصول إلى السلام العادل. وقبل أن يصل موسى إلى هذه النتيجة، كان زميله الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية نبيل العربي يصادق على ذلك بمكاشفته الحضور بأن الأمير سعود الفيصل كان يشدد على «ضرورة تفعيل التكامل العربي بمعناه الواسع الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني»، وترجمة ذلك في قرار صدر على مستوى القمة في 2007، أي قبل أحداث الربيع العربي بـ4 سنوات، مشددا على حرص الأمير الراحل التأكيد على أهمية الالتزام ببنود مبادرة السلام العربية ورفضه كل المناورات التي حاولت الالتفاف على أولوياتها. وفي إجابة على سؤال لـ»مكة»، أقر عمرو موسى بتأخر العرب بمواجهة مشروع الشرق الأوسط الجديد وأن المصاعب التي تعيشها المنطقة قد تدفع لصياغة مشروع عربي، مبينا بأنه لا يمكن لدولة عربية أن تقف وحدها ضد كل ما يجري، مشددا على أهمية السعودية ومصر بأن يشكلان مركز ثقل لمواجهة المتغيرات. سعود يتحامل على آلامه في الإليزيه: مصر تستاهل كان أكثر المتأثرين في الجلسة التي ناقشت محور الجامعة العربية ودور الفيصل في الاهتمام بها السفير السعودي لدى القاهرة أحمد قطان والذي ختم مداخلته في الندوة بصوت تخنقه العبرة وعين دامعة بقوله «ستظل في ذكرانا ولن ننساك». قطان، سرد قصة تبرهن عن مدى حب الأمير سعود الفيصل لمصر، واصفا إياه بأبرز المدافعين عن الإرادة المصرية في ثورة 30 يونيو، حيث قال حينها ردا على من أعلن وقف مساعداته أو لوح بإيقافها «الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها ومواردها». ويتذكر قطان الاتصال الذي ورده من السفير سلطان الصايغ بعد ثورة 30 يونيو، ويطلب منه الحضور إلى باريس على الفور بطلب من الأمير سعود الفيصل، وهو ما تم بالفعل. وأضاف «جلست إلى الأمير لمدة ربع ساعة، أعطاني خلالها رؤوس أقلام لإعداد بيان يعبر عن وجهة النظر السعودية عن ما يحدث في مصر لإلقائه في الإليزيه اليوم التالي، وطلب مني ألا أنام قبل أن يتم تجهيزه». وفي اليوم التالي، والحديث لقطان، اقترح السفير أسامة نقلي عليه باختصار 3 صفحات من البيان، نظرا للأوضاع الصحية التي يعاني منها الأمير سعود، فيما فضل قطان أن يتم عرض الأمر على الأمير، لتكون المفاجأة بيانا أطول من السابق، وقول الأمير بالحرف «مصر تستاهل». خاشقجي: نصحته بإسقاط الأسد في 2007.. فرفض وبرر سرد الإعلامي السعودي ورئيس قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي، تفاصيل لقاء جمعه بالأمير الراحل سعود الفيصل في أعقاب وصول العلاقات السعودية السورية إلى مستوى سيئ بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وقال خاشقجي خلال حضوره إحدى ندوات المؤتمر الدولي «سعود الأوطان» الذي اختتم أعماله في الرياض أمس، «في 2007 كانت العلاقات السعودية السورية سيئة وخاصة بعد اغتيال رفيق الحريري، وبطبيعتي كصحفي متحمس لا أحب أنواع الحكم مثل بشار الأسد وأعتقد بضررهم على الأمة العربية، نصحت الأمير سعود بضرورة أن تدفع السعودية لمعارضة الأسد حتى إسقاطه، لما في ذلك فوائد كثيرة منها إضعاف حزب الله في لبنان». جواب الأمير سعود الفيصل على نصيحة جمال خاشقجي، جاء بالرفض لا لأن الأسد ليس سيئا، ولكن لاعتبارات تتعلق بأن هذه الخطوة من شأنها تقوية الأسد أمام شعبه، مردفا بالقول «ولكن لو تحرك الشعب السوري سنكون أول من نقف مع الشعب». منال بندر: لا يرتاح ولا يتعب.. ومعياره الكفاءة لا الجنس لا تزال السكرتير ثاني بوزارة الخارجية منال بندر العتيبي تتذكر تفاصيل اللقاء الأول الذي جمعها بالأمير الراحل سعود الفيصل في مطلع 2010، والذي تمنى فيه لها وزميلتها سارة العسيري بأن تكونا أفضل من زملائهما الذكور وقناعته الراسخة بذلك. منال، والتي تطمح في أن تخدم بلادها في إحدى البؤر الساخنة، لم تكن تعلم بأنها ستأتي اللحظة لتكون فيها شاهدا على سياسة تمكين المرأة في الدبلوماسية السعودية التي رسخها الأمير الراحل خلال عطائه الممتد لـ4 عقود. وخلال جلسة نقاش عقدت في إطار مؤتمر سعود الأوطان، استعرضت بندر أهم المواقف الماثلة في ذاكرتها عن الأمير سعود الفيصل وأكثر عباراته رسوخا، معتبرة أن العمل تحت ظلال قائد كسعود، شكل لها ولشريحة كبيرة من جيلها، «معان مرادفة للنجاح والكد والمثابرة، لافتة إلى أنها استغنت عن اسمه بوصف جمع النقيضين «الشخص الذي لا يرتاح ولا يتعب». السكرتير الثاني بوزارة الخارجية استحضرت واحدة من القصص العالقة في ذهنها عن الراحل، وتقول إن الأمير سعود الفيصل وخلال استقباله للموظفات بالوزارة كان يعطي كل واحدة منهن نفس القدر من الاهتمام والسؤال، ولما فرغ من السلام مازحنهن وأشار للمقاعد وخشي أن تكون أقل من عددنا وقال «الجلوس للأكبر سنا». وتتذكر منال بندر أحد المواقف مع الأمير الراحل، واصفة إياه بأنه مشهد لا يغيب عن الذاكرة. وقالت «في ختام أحد المؤتمرات الصحفية في 2014 كنت وزميلتي ساره قد فرغنا للتو من توزيع البيان الصحفي على الصحفيين بنهاية المؤتمر وكان يوما طويلا ومرهقا، فصادفنا الأمير وهو خارج من المؤتمر، فظن أننا وصلنا للتو للمؤتمر بعد نهايته فابتسم وقال: أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي». وتؤكد منال بندر، بأن المهام التي يوكل تنفيذها للموظفات الدبلوماسيات لا تختلف عما يقوم به الزملاء الموظفون، وتضيف «المعيار لم يرتبط أبدا بنوع الجنس بل بالكفاءة».