سلطان فادن

لحظاتي مع زهاء

تفاعل
تفاعل

الاثنين - 25 أبريل 2016

Mon - 25 Apr 2016

قبل نحو 20 عاما، كان هناك توجه كبير من طلبة فن العمارة من معظم دول العالم للدراسة في المعهد المعماري بالجمعية المعمارية بلندن ببريطانيا. كان واردا حينها هناك مقابلة معماريين أمثال «ريم كولهاس» أو «بين فان بيركل» وغيرهما.

عدد من المعماريين المحترفين اختاروا برنامج الدبلوم العالي للتصميم المعماري لسبب واحد رئيس وهو: وجود المعمارية العراقية زهاء حديد كأحد المشرفين على البرنامج. أنا كنت واحدا من هؤلاء، على الرغم من صعوبة البرنامج ولا يقبل المنح الدراسية التي تغطيها الدول، كما أن الجمعية المعمارية غير معتمدة أكاديميا في بعض الدول ومنها السعودية. هل كانت حينها زهاء حديد، تستحق هذا الإقبال من قبل طلبة فن العمارة؟ (اسم زهاء لم يكن شائعا كاسم للإناث قبل شهرة هذه المعمارية). في تلك الفترة كان فكر زهاء حديد قد بدأ في الانتشار حول العالم وكان الغموض في رسوماتها ولوحاتها المعمارية قد أثار الجدل بوصول فكر جديد غامض، لدرجة أن هذا الغموض تم إدراجه كأطروحة لرسائل درجتي الماجستير والدكتوراه. كانت زهاء حينها في مرحلة التحول والتطور من طرح لأفكارها إلى بلورة هذه الأفكار إلى مشاريع حقيقية مذهلة بصريا وتسويقها فنيا. كان لديها فهم عميق لمعنى فن العمارة، بكل مدارسه وتوجهاته، وعلى الرغم أن النقاد والمؤرخين المعماريين يصنفوها ضمن رواد العمارة التفككية، نادرا ما كانت هي تذكر أو تطرح هذا المسمى في حواراتها. كان لديها ثقة كبيرة بما تطرحه هي من أفكار في مشاريعها، تريد أن تقود توجه الفكر المعماري وليس العكس. حين تتكلم زهاء حديد لا يملك المعماريون وطلبة العمارة إلا أن يستمعوا لها فقد كانت مدرسة مستقلة بذاتها، وحوارا مع عقلية معمارية غير مرتبطة بزمن، بل عقلية ممتدة وكأنها ممتدة من زمن عصر النهضة إلى العصر الحالي.

حصل بيني وبينها حوار شخصي، كنت أكلمها باللغة العربية ويكون ردها باللغة الإنجليزية ليس تغطرسا أو تملصا، ولكنها كانت دائما تحرص على إيصال ردها وأفكارها بلغة سهلة تريحها. لو عد عشرة معماريين عظماء أضافوا إلى فن العمارة على مدى العصور لاختلفوا على تسعة ولاتفقوا على زهاء حديد.

زهاء حديد.. شكرا.