الزاد الأخلاقي للأجيال
الخميس - 21 أبريل 2016
Thu - 21 Apr 2016
نظامنا التعليمي يُدرّس مواد الدين ولكنه يقتل جوهر التدين، مثلما يدرّس مادة الوطنية لكنه يقتل روح المواطنة.
هذه التشوهات التي نرى مخرجاتها الأخلاقية والإنسانية جاءت نتيجة استهداف الجانب المعرفي التلقيني في العملية التعليمية دون الجانب التربوي المفترض لبناء مهارات التواصل وتعزيز السلوك الحضاري وتجذير الأنسنة في المناهج؛ منعا لتهيئة القابليات المنجذبة للعنف.
نعم.. ليس التعليم وحده هو المسؤول، لكنه يستولي على مساحة واسعة جدا من عُمر الطالب وتشكيله العقلي والنفسي والسلوكي، وهذا الرافد الخطير المتمثل فيما تبثه البيئة التعليمية بحاجة إلى الكثير من الجهد التخطيطي من أجل إعادة تشكيل الأجيال بطريقة أكثر نفعا من هذا التناسخ الرديء للشخصيات وآليات التفكير لديها والمستوى السلوكي والمعرفي، إلا من رحم الله.
في مواقع التواصل نشاهد المخرجات ماثلة وناطقة، هنا تتضح المعايير الحقيقية لقياس جودة التعليم بكل شفافية، في الحقيقة إنها ليست معايير لمخرجات التعليم وحده تكشفها تلك المواقع، بل هي معايير للمجتمع بأسره، المجتمع الذي بات يكتشف ذاته من جديد، ويمارس ـ مرغما أو راضيا ـ تصحيح نفسه بنفسه مع الزمن، حين يكتشف هذا المجتمع الذي ترسخت لديه نرجسية الشعور بالتفوق والأفضلية أن في كواليس المشهد المكتنز بالظاهرة الصوتية الصاخبة ما يعري حقيقته أمام نفسه كالمرآة التي تعكس كل شيء بصدق لا تزييف فيه.
هل هو انهيار أخلاقي وإنساني؟ ومن المسؤول عن صناعة كل ذلك المستوى الملحوظ من السلبية الفاضحة؟ ولماذا لم تثمر آلاف المواعظ والخطب وكل أنواع الحشد والتعبئة الدينية خلال عقود عن منتج أخلاقي حتى عند بعض الوعاظ أنفسهم؟ وهل استهدفت أصلا ذلك البناء الأخلاقي المفترض؟ الصحيح أنها تجاهلته لصالح تعزيز ثنائية الحلال والحرام والمسموح والممنوع، وإغراق الفرد في حالة من محاصرة النفس وفق صيغة بوليسية ساذجة لا روحانية رفيعة، هذه الأشياء لها دورها الهام في بناء الأخلاقيات بطريقة ما؛ حيث سينشأ الفرد على تصورات تركز على الحرص على أداء الشعائر مع إهمال فلسفتها الروحية والقيمية، ولذلك فحين يملأ الفراغ الوجداني بهكذا تأسيس فمن الطبيعي أن تكون المخرجات على هيئة أشخاص (متدينين جدا وفاسدين جدا) كما يقول ذلك الياباني واصفا حال المجتمعات العربية، وتعقيداتها، وأزمتها الحضارية والإنسانية.
يتفاءل الدكتور تركي الحمد بقوله: (إن هذا المستوى اللفظي الذي يعبر به البعض في مواقع التواصل هو الصديد الذي يخرج من الجرح، لا بد من الألم من أجل شفاء ذلك الجرح).
في كل يوم نلاحظ تطورا ملحوظا في الوعي الجمعي، والراصد لهذا الوعي لن يحتاج إلى إثبات لكي يؤكد الشعور بالتفاؤل، لكن هذا التطور لا يصاحبه مستوى مماثل من النمو الأخلاقي والسلوكي والذوقي. هذه التنمية (الإنسانية) الضرورية في مجتمعات العالم الثالث هي أخطر أنواع التنمية التي يفترض البدء في الالتفات إليها، والتخطيط الجاد لمدخلاتها ومخرجاتها، حيث إصلاح المورد البشري أولا بالتوازي مع الدخول في أي عملية تحول وطني نحو المستقبل؛ حتى يكون لذلك التحول بنيته التحتية الراسخة.
[email protected]
هذه التشوهات التي نرى مخرجاتها الأخلاقية والإنسانية جاءت نتيجة استهداف الجانب المعرفي التلقيني في العملية التعليمية دون الجانب التربوي المفترض لبناء مهارات التواصل وتعزيز السلوك الحضاري وتجذير الأنسنة في المناهج؛ منعا لتهيئة القابليات المنجذبة للعنف.
نعم.. ليس التعليم وحده هو المسؤول، لكنه يستولي على مساحة واسعة جدا من عُمر الطالب وتشكيله العقلي والنفسي والسلوكي، وهذا الرافد الخطير المتمثل فيما تبثه البيئة التعليمية بحاجة إلى الكثير من الجهد التخطيطي من أجل إعادة تشكيل الأجيال بطريقة أكثر نفعا من هذا التناسخ الرديء للشخصيات وآليات التفكير لديها والمستوى السلوكي والمعرفي، إلا من رحم الله.
في مواقع التواصل نشاهد المخرجات ماثلة وناطقة، هنا تتضح المعايير الحقيقية لقياس جودة التعليم بكل شفافية، في الحقيقة إنها ليست معايير لمخرجات التعليم وحده تكشفها تلك المواقع، بل هي معايير للمجتمع بأسره، المجتمع الذي بات يكتشف ذاته من جديد، ويمارس ـ مرغما أو راضيا ـ تصحيح نفسه بنفسه مع الزمن، حين يكتشف هذا المجتمع الذي ترسخت لديه نرجسية الشعور بالتفوق والأفضلية أن في كواليس المشهد المكتنز بالظاهرة الصوتية الصاخبة ما يعري حقيقته أمام نفسه كالمرآة التي تعكس كل شيء بصدق لا تزييف فيه.
هل هو انهيار أخلاقي وإنساني؟ ومن المسؤول عن صناعة كل ذلك المستوى الملحوظ من السلبية الفاضحة؟ ولماذا لم تثمر آلاف المواعظ والخطب وكل أنواع الحشد والتعبئة الدينية خلال عقود عن منتج أخلاقي حتى عند بعض الوعاظ أنفسهم؟ وهل استهدفت أصلا ذلك البناء الأخلاقي المفترض؟ الصحيح أنها تجاهلته لصالح تعزيز ثنائية الحلال والحرام والمسموح والممنوع، وإغراق الفرد في حالة من محاصرة النفس وفق صيغة بوليسية ساذجة لا روحانية رفيعة، هذه الأشياء لها دورها الهام في بناء الأخلاقيات بطريقة ما؛ حيث سينشأ الفرد على تصورات تركز على الحرص على أداء الشعائر مع إهمال فلسفتها الروحية والقيمية، ولذلك فحين يملأ الفراغ الوجداني بهكذا تأسيس فمن الطبيعي أن تكون المخرجات على هيئة أشخاص (متدينين جدا وفاسدين جدا) كما يقول ذلك الياباني واصفا حال المجتمعات العربية، وتعقيداتها، وأزمتها الحضارية والإنسانية.
يتفاءل الدكتور تركي الحمد بقوله: (إن هذا المستوى اللفظي الذي يعبر به البعض في مواقع التواصل هو الصديد الذي يخرج من الجرح، لا بد من الألم من أجل شفاء ذلك الجرح).
في كل يوم نلاحظ تطورا ملحوظا في الوعي الجمعي، والراصد لهذا الوعي لن يحتاج إلى إثبات لكي يؤكد الشعور بالتفاؤل، لكن هذا التطور لا يصاحبه مستوى مماثل من النمو الأخلاقي والسلوكي والذوقي. هذه التنمية (الإنسانية) الضرورية في مجتمعات العالم الثالث هي أخطر أنواع التنمية التي يفترض البدء في الالتفات إليها، والتخطيط الجاد لمدخلاتها ومخرجاتها، حيث إصلاح المورد البشري أولا بالتوازي مع الدخول في أي عملية تحول وطني نحو المستقبل؛ حتى يكون لذلك التحول بنيته التحتية الراسخة.
[email protected]