شاهر النهاري

أصبح أوباما واحدا منا

الخميس - 21 أبريل 2016

Thu - 21 Apr 2016

سقى الله أيام أمريكا القديمة العظمى، والتي كانت لها هيبة طاغية، ومكانة علية، بحيث إن كل ما كان يصدر عنها يشعر بالثقة، والوضوح، والمصداقية، والقوة، وبكثير من الأمور، التي نصبتها أيقونة بين الدول العظمى، لا تقارن بقرين، أو شبيه.

أقول سقى الله أمريكا أيام رؤسائها الرموز، يوم كان مجرد حضور أحدهم للدول الأخرى يعتبر تكريما، وتميزا، وتعظيما، حتى ولو كانت الزيارة لا تزيد على ساعة حظ، حيث تكون قيمتها المعنوية، وخططها المستقبلية مفعمة بالخيرات، وتستمر نتائجها محترمة لسنوات عديدة آمنة مفرحة.

ويبدو أن كل شيء يتلون إلا وجه الخالق سبحانه وتعالى، فما إن انتخب الشعب الأمريكي رئيسهم أوباما، إلا وقد فقدوا لونهم، ووهجهم، والكثير من المصداقية، وأصبحت أمريكا مثلها مثل أي دولة أخرى، تحاول وقد تنجح، وقد تقف عاجزة مكتوفة الأيدي، لتصبح وعودها مطاطة، بكلام منثور وإبداع في المعاني، والسجع، والقصيد، بوعود لا تُلزم، ولا تلتزم، ولا تعطي الثقة التامة بما يقال ويستعاد فيها.

لقد أصبح أوباما شخصا منا وفينا، بحيث يحضر سنويا اجتماعات مجلس التعاون الخليجي، فلا نكاد نفرق بينه وبين أحد من المجتمعين، الباحثين عن الحلول، والنتائج، المتأملة وغير الملزمة.

تعرض على الزعيم أوباما قضايا الشرق الأوسط، والخليج، الملتهبة، وهو لا يزيد على نثر كلمات، وهز رأسه، والنظر إليها نظرة حسرة، وقد يبتسم في الوجوه برمادية لا تشعرنا بأنه مبسم أمريكا الواثق!.

سقى الله أمريكا، بوش، وقبله كارتر، وكنيدي، وروزفلت، وجورج واشنطن، وغيرهم، ممن كانوا يسيرون حافين على جسر الثقة، وهم نعم الصديق ونعم الحليف.

قضية فلسطين، ويستمر أوباما فيها بنفس التلون، والانحياز، والجمود، فلا يحرك لها ساكنا.

قضية إيران، فلا نعود ندري هل هو مع أو ضد، أم إنه سعيد بالتوسط بين الرؤيتين المتناقضتين، لجلب الفوائد.

نووي إيران، يقابله أوباما ببسمات سماحة ولين، وعجز عن تبديل الحال، إلا بوعود لم تعد ذات قيمة، بعد انخفاض سعر البرميل.

براميل سوريا، وسيطرة روسيا، وحسرات الشعب السوري، ينظر لها نظرة غير طارئة، فما يمكن أن يحل اليوم، يمكن الانتظار عليه عدة أعوام، طالما أن الشعب المهجر، ما يزال يجد له شواطئ يموت عليها!

خلافات تركيا مع مصر، وقيامها ببسط أياديها على مناطق البترول في العراق، وتعاملها المريب مع الإخوان وداعش، لم يعد أمرا يستدعي القلق.

ويبشر أوباما بأن مناطق سيطرة داعش قد تقلصت 40%، وكأن هذا غاية الأماني!

معضلة اليمن، وطول مأساتها، وتدخل إيران في شتى أمورها، مجرد قضية يتم استعراضها، دون شديد اهتمام.

العراق وما يحدث فيه من شتات وحيرة، وفارسية، وداعشية، فكأن الذي بدأ المأساة، لا يفكر كيف ينهيها.

حزب الله وسعيه لتدمير وحدة لبنان، بما يصله من دعم وأيادي خبث إيراني، أمر يجعل بسمات أوباما بلا ملامح واضحة.

أقول لكم الحق، فحتى شكل ملامح وجه أوباما لا تبتعد عنا كثيرا نحن في الخليج، فتجده وهو منسجم في الأحاديث حول طاولات البحث في القمة الخليجية الأمريكية، ولا تكاد تميز فيه أمريكا، بل إنه لو ارتدى ثيابا خليجية، لما عدنا نعرفه من بين المجتمعين.

[email protected]