محمد حدادي

"وحيث مرّ الغيم والسيل سال"!

يصير خير
يصير خير

الأربعاء - 20 أبريل 2016

Wed - 20 Apr 2016

ويولول «المشروع» من تحت الماء صارخا مستغيثا: (إني أغرق.. أغر.. أغ.. غغغغغ)! وما عساي كمواطن أقدم لهذا المشروع «المحتضر»؟! هل أفرّ منه مؤثرا السلامة لأنجو بنفسي صوب اليابسة البعيدة؟ أم أمدّ يد المساعدة متشبثا به -كرفيق درب- مع يقيني أنني بهذا الفعل «المهياطي» سأمضي وإياه سويا صوب حتفنا؟! لن أستطيع القيام بواجب «الإنقاذ»؛ ثم إني لست من صنع «مأساة» هذا المشروع البائس! صحيح أن ليس له ذنب؛ إنما ما دخلي –وأنا مثله أجابه الموت- لأتحمل نتائج مأساة صنعها الآخرون المطمئنون لبعدهم عن مسرح «كارثة» صنعوا جزءا منها؟!

لم يعد من مستطاع لنا كمواطنين – في حال سلمنا من الغرق - سوى الصلاة على ذلك المشروع «صلاة الغائب»! فلم يعد حاضرا على الأرض! نودعه لأننا لا ندري لأي وجهة مضى به السيل تحديدا؛ وحتى إن لقينا «بعض جنازته» فإن من أسلموه للممات لن يحضروا! وإن حضر بعضهم فإنه «حضور النسور» لـ«يقمّوا آثاره» استعدادا للإشراف على مشروع جديد يكون له ذات المصير بموت سريع المفعول «لتشبع الغربان والجراد» كما قال بدر شاكر السيّاب في أنشودته المطرية!!

أنت يا سيد «مهندس»: في الدول الفقيرة هناك مشروعات لا تزال صامدة -منذ عهود الاستعمار- قبل مئتي عام؛ ورغم الأمطار والأعاصير والزلازل لا تزال حاضرة فلماذا لم يصمد «مشروعنا» شهرا؟! وأنت أيها المقاول: لماذا غششت في الاسمنت والحديد وبقية المواد لتجني أكبر عائد من الأموال حسب اعتقادك فيما أنت تصيب «التنمية» في مقتل؟! وأنت يا سيدة «بلدية» أين دورك في هذه «البلية»؟! وأنت أيتها الجهة الرقابية أين دوركم في حماية «تنمية البلد» من هذا العبث والاستنزاف العجيب السخيف؟! عموما رحم الله المشروع الذي فارقنا سريعا؛ فقد استراح من «نكد الفساد»؛ ولحق بسلفه من آلاف «مشاريع الفالصو»؛ وألهم «التنمية» الصبر والسلوان!