السواد المر تكشف داعش من الداخل

الاثنين - 18 أبريل 2016

Mon - 18 Apr 2016

صور الكاتب السوداني محمد الشاذلي وجها من أوجه الحياة الداخلية لتنظيم داعش المتطرف في روايته «السواد المر» الصادرة عن دار مداد للنشر والتوزيع، وتعد الرواية وليدة للظروف التي تعيشها المنطقة العربية، من تفشي الإرهاب والتخلف الفكري والمادي وضياع الهوية بشكل أصبح متغلغلا في وجدان شعوبها.

إشارتان أساسيتان

1 ـ وضع الكاتب عنوانا ثانيا على الغلاف «معاون الخليفة الذي طعنته سبية يزيدية»، في إشارة تشويقية لمضمون الرواية.

2 ـ يقرر الكاتب في عتبات الرواية أن ما تفعله داعش، بأنها تعطي هوية لشخص فاقد لها، كما في حالة البطل.

فحوى الرواية

تحكي حياة شاب سوداني يدعى سامي حمدان نشأ في كنف أسرته العربية، التي تعيش في منطقة شعبية جنوب لندن، ويعاني من حالة تخبط وجودي، ما بين حياته في الغرب وبين هويته الأصلية، المتمثلة في خلفياته الثقافية والفكرية والدينية، وينتهي به المطاف إلى الانضمام إلى داعش.

عالم مضطرب

تصور «السواد المر» الحياة الداخلية في معسكرات داعش، بما فيها من فكر القتل والخطف والإذلال الذي تمارسه فعلا، وتثير حوارات محمومة، وفي جوانب منها إيحاءات شاذة ومتطرفة وأخرى مارقة عن كل عرف ونظام، وثالثة محملة بالقسوة والجهل والخزي الإنساني في أبشع صوره.

غربة البطل

يتطور الحال بالبطل حتى يتولى منصب معاون الخليفة، الآمر الناهي في التنظيم، وبذلك ينفتح باب على شخصية هذا المعاون، الذي هو شخص ذكي ويمتلك الوعي المشوشر، والحساسية الإنسانية المضطربة. ويتولد لديه شعور بالغربة والحقد، وخصوصا أنه تعرض في صغره للتحرش الجنسي واللفظي، وكابد العنف والازدراء المتوالد في تلك المنطقة النائية من ضواحي لندن، ولكن تمتعه بطبيعة مثابرة أهلته للالتحاق بمدارس النخبة في بريطانيا، مما سلط عيون المراقبين عليه، ولم يكن ذلك يعنيه، فقد ظل شعوره بأنه غريب مسيطرا على وجدانه وكيانه.

نشأة ومصير

يدخل حمدان إلى لندن، وينخرط في حياتها الصاخبة، وفي عالم الجريمة، ولكن الأقدار تقوده إلى أحد المساجد، فيدفن نفسه في القراءة والاطلاع على الكتب الفكرية والسياسية والدينية، ثم يلتقي بالشيخ وهدان، الذي أتقن تجنيده، وفي كل ذلك يحاول البطل التخلص من معاناته واغترابه ومن فقدان هويته وضياعه الفكري والروحي والمادي، وأيضا من جراح قلبه جراء قصة حب فاشلة لفتاة إنجليزية تدعى «كاجين» كان تعرف عليها أثناء دراسته.

اكتمال السرد

لكن، على الرغم من كل هذا يجد القارئ أن سارد الرواية واضح جدا معه، منذ عنوانه وحتى آخر سطر، ففي نهاية المطاف يجد إجابة على تساؤلات عن الفتاة اليزيدية «كاجين» التي طعنت معاون الخليفة بالفعل، وفرت من الأسر.

مهارة السبك

وربما لا يستطيع القارئ تجاوز المهارة التي تمتع بها المؤلف في تنقلاته من حدث لآخر ومن مرحلة حياتية إلى أخرى في ذاكرة البطل، دون أن يشعر بخلل أو تشتيت أو تفكيك لترابط الأفكار وحبكة السرد، فتلك المهارة الدرامية في رصد الحدث رافقتها لغة قوية ومفردات غزيرة، تجعله أمام رواية تستحق التأمل والتوقف.

الأكثر قراءة