بطالة النخب!
الاثنين - 18 أبريل 2016
Mon - 18 Apr 2016
حاولت مرارا وتكرارا فهم آلية التعاقد مع أعضاء التدريس غير السعوديين في الجامعات السعودية، والمبررات النظامية والقانونية لهذه الآلية، واستعنت ببعض الأصدقاء الذي شاركوا سابقا في لجان التوظيف التي تقضي أشهر الصيف كاملة تجوب دولا عربية من أجل ذلك، واتصلت برؤساء الأقسام في بعض الكليات بغية معرفة هذه الشروط لعلي أجد فيها ما يدحض الشكوك التي تنتابني حول هذه التعاقدات وآلياتها، وما إذا كانت تطبق وتمر بنفس الآلية المتبعة من قبل الجامعات عند دراسة طلبات التوظيف المقدمة من قبل السعوديين الحاصلين على درجة الدكتوراه ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وغيره.
ما توصلت إليه خلال رحلة التقصي يحتاج إلى وقفات عدة:
أولا: توظيف المتعاقدين غير السعوديين لا يمر بنفس الآلية التي يمر بها توظيف السعوديين من تعقيدات، تبدأ من مجلس القسم مرورا بمجلس الكلية وانتهاء بمجلس الجامعة والمجلس العلمي، ولكل مجلس منها رؤية معينة، إذا ما استبعدنا تصفية الحسابات بين الأقسام داخل الكلية الواحدة، في حين أن لجان الصيف تملك كامل الصلاحيات للتوقيع مباشرة مع أعضاء التدريس غير السعوديين في بلدانهم دون الحاجة إلى الرجوع إلى مجلس القسم أو الكلية، ولا أعرف سببا لاستثنائهم من تلك الاشتراطات، وكون عقود توظيفهم سنوية لا يعفيهم من هذه الاشتراطات، لأن هذه الإجراءات تتناقض كليا مع العدالة التنظيمية من ناحية، وتخل بمعايير الجودة والتميز التي تشترطها الجامعات عند دراسة طلبات المتقدمين السعوديين من ناحية أخرى، علاوة على أن بعضا من هؤلاء خريجو جامعات محلية في بلدانهم أو جامعات أجنبية غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي.
ثانيا: ستجد أن من بين لجان أجراء المقابلات أو الاختبارات أعضاء تدريس غير سعوديين في حال اشتراط الكلية تقديم المتقدم عرضا شفهيا لموضوع معين لاختبار قدرته، رغم علم الكليات والجامعات أن وجود عضو تدريس غير سعودي في تلك اللجان يدخل ضمن تعارض المصالح، وليس من مصلحته توظيف سعودي في القسم لأن ذلك سيكون على حسابهم وقد يقود لإلغاء عقودهم.
وذكر لي أحد حاملي الدكتوراه السعوديين أنه تقدم لإحدى الجامعات السعودية، واشترطت الجامعة عليه تقديم عرض شفهي لبحثه في درجة الدكتوراه، وكانت اللجنة التي ستقيم عرضه تتكون من اثنين من أعضاء هيئة التدريس، وأكثر من عشرة أعضاء تدريس غير سعوديين، وما حدث يؤكد وجود تعارض المصالح إذ أجاز أعضاء التدريس السعوديين عرضه وتوظيفه، فيما رفضه أعضاء التدريس غير السعوديين.
وتصادفت نتائج رحلة التقصي مع عرائض عدة تقدم بها عدد من السعوديين الحاصلين على درجة الدكتوراه من جامعات أجنبية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي حول معاناتهم من العراقيل التي وضعتها الجامعات السعودية أمامهم، والتي على إثرها صدر تعميم وزير التعليم العالي لمديري نحو 28 جامعة حكومية في جمادى الآخرة الماضي بالحث على معالجة هذه الملاحظات على ضوء حاجة القسم والتخصص، إلى نظر إمكانية إضافة مواد للائحة المنظمة لشؤون أعضاء هيئة التدريس لدى مراجعته بعد اعتماد نظام الجامعات الجديد.
على أي حال، خطاب وزير التعليم لم يأت بجديد، بل يعد إجراء روتينيا، وسيمنح الجامعات فرصة للتنصل من توظيف السعوديين تحت ذرائع متعددة كحاجة القسم والتخصص وغيرهما، فهو لم يتضمن قصر التعاقدات مع أعضاء التدريس غير السعوديين في أقصر نطاق كاشتراط موافقة وزارة التعليم أو الخدمة المدنية، ولم يخضعها لنفس اشتراطات توظيف أعضاء التدريس السعوديين، علاوة على أن ما ورد في الخطاب سيبقى حبرا على ورق فيما يتعلق بإمكانية إضافة مواد للائحة المنظمة لشؤون أعضاء هيئة التدريس لدى مراجعته بعد اعتماد نظام الجامعات الجديد إن لم تكن هناك متابعة مستمرة لتنفيذها وتطبيقها على الواقع، لأن تجارب الماضي أثبتت أن كثيرا من التعاميم والخطابات ماتت بعد إصدارها ولم تجد من يبعثها من جديد.
والأهم من هذا كله؛ هل يحتاج مديرو الجامعات والكليات إلى مثل هذا الخطاب لتوظيف السعوديين؟ أليسوا هم أبناء الوطن الذي استثمر فيها مئات الملايين من أجل هذه الغاية؟
زبدة القول إن الإجراءات التعسفية التي تمارسها بعض الجامعات السعودية ضد توظيف خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في الجامعات تحت ذرائع وحجج غير منطقية ستقود إلى ما يسمى بـ»بطالة النخب».
[email protected]
ما توصلت إليه خلال رحلة التقصي يحتاج إلى وقفات عدة:
أولا: توظيف المتعاقدين غير السعوديين لا يمر بنفس الآلية التي يمر بها توظيف السعوديين من تعقيدات، تبدأ من مجلس القسم مرورا بمجلس الكلية وانتهاء بمجلس الجامعة والمجلس العلمي، ولكل مجلس منها رؤية معينة، إذا ما استبعدنا تصفية الحسابات بين الأقسام داخل الكلية الواحدة، في حين أن لجان الصيف تملك كامل الصلاحيات للتوقيع مباشرة مع أعضاء التدريس غير السعوديين في بلدانهم دون الحاجة إلى الرجوع إلى مجلس القسم أو الكلية، ولا أعرف سببا لاستثنائهم من تلك الاشتراطات، وكون عقود توظيفهم سنوية لا يعفيهم من هذه الاشتراطات، لأن هذه الإجراءات تتناقض كليا مع العدالة التنظيمية من ناحية، وتخل بمعايير الجودة والتميز التي تشترطها الجامعات عند دراسة طلبات المتقدمين السعوديين من ناحية أخرى، علاوة على أن بعضا من هؤلاء خريجو جامعات محلية في بلدانهم أو جامعات أجنبية غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي.
ثانيا: ستجد أن من بين لجان أجراء المقابلات أو الاختبارات أعضاء تدريس غير سعوديين في حال اشتراط الكلية تقديم المتقدم عرضا شفهيا لموضوع معين لاختبار قدرته، رغم علم الكليات والجامعات أن وجود عضو تدريس غير سعودي في تلك اللجان يدخل ضمن تعارض المصالح، وليس من مصلحته توظيف سعودي في القسم لأن ذلك سيكون على حسابهم وقد يقود لإلغاء عقودهم.
وذكر لي أحد حاملي الدكتوراه السعوديين أنه تقدم لإحدى الجامعات السعودية، واشترطت الجامعة عليه تقديم عرض شفهي لبحثه في درجة الدكتوراه، وكانت اللجنة التي ستقيم عرضه تتكون من اثنين من أعضاء هيئة التدريس، وأكثر من عشرة أعضاء تدريس غير سعوديين، وما حدث يؤكد وجود تعارض المصالح إذ أجاز أعضاء التدريس السعوديين عرضه وتوظيفه، فيما رفضه أعضاء التدريس غير السعوديين.
وتصادفت نتائج رحلة التقصي مع عرائض عدة تقدم بها عدد من السعوديين الحاصلين على درجة الدكتوراه من جامعات أجنبية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي حول معاناتهم من العراقيل التي وضعتها الجامعات السعودية أمامهم، والتي على إثرها صدر تعميم وزير التعليم العالي لمديري نحو 28 جامعة حكومية في جمادى الآخرة الماضي بالحث على معالجة هذه الملاحظات على ضوء حاجة القسم والتخصص، إلى نظر إمكانية إضافة مواد للائحة المنظمة لشؤون أعضاء هيئة التدريس لدى مراجعته بعد اعتماد نظام الجامعات الجديد.
على أي حال، خطاب وزير التعليم لم يأت بجديد، بل يعد إجراء روتينيا، وسيمنح الجامعات فرصة للتنصل من توظيف السعوديين تحت ذرائع متعددة كحاجة القسم والتخصص وغيرهما، فهو لم يتضمن قصر التعاقدات مع أعضاء التدريس غير السعوديين في أقصر نطاق كاشتراط موافقة وزارة التعليم أو الخدمة المدنية، ولم يخضعها لنفس اشتراطات توظيف أعضاء التدريس السعوديين، علاوة على أن ما ورد في الخطاب سيبقى حبرا على ورق فيما يتعلق بإمكانية إضافة مواد للائحة المنظمة لشؤون أعضاء هيئة التدريس لدى مراجعته بعد اعتماد نظام الجامعات الجديد إن لم تكن هناك متابعة مستمرة لتنفيذها وتطبيقها على الواقع، لأن تجارب الماضي أثبتت أن كثيرا من التعاميم والخطابات ماتت بعد إصدارها ولم تجد من يبعثها من جديد.
والأهم من هذا كله؛ هل يحتاج مديرو الجامعات والكليات إلى مثل هذا الخطاب لتوظيف السعوديين؟ أليسوا هم أبناء الوطن الذي استثمر فيها مئات الملايين من أجل هذه الغاية؟
زبدة القول إن الإجراءات التعسفية التي تمارسها بعض الجامعات السعودية ضد توظيف خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في الجامعات تحت ذرائع وحجج غير منطقية ستقود إلى ما يسمى بـ»بطالة النخب».
[email protected]