متى يناقش الشورى منع قيادة الرجل؟
الاثنين - 18 أبريل 2016
Mon - 18 Apr 2016
قضية قيادة المرأة للسيارة في طريقها مرة أخرى إلى النقاش تحت قبة مجلس الشورى عبر مقترح تقدمت به عضوتان في المجلس لتعديل نظام المرور والنص على حق الرجال والنساء على حد سواء في استخراج رخصة قيادة السيارة. وفي حين أتفق مع المساواة في الحق كمبدأ، أتساءل متى سيناقش الشورى إصدار تشريع يمنع الرجال من قيادة السيارة كقانون قائم على المصلحة وحفظ الأرواح ويفتح الباب أمام تشكيل البنية التحتية للسيارات ذاتية القيادة؟
النقاش حول قيادة البشر للمركبات في 2016 لا ينتمي إلى المستقبل. وفي حين نفقد 14 نسمة بسبب حوادث الطرق كل يوم، فقيادة السيارة يجب أن لا تكون القضية الرمزية الدالة على تمكين المرأة. ربما كان ذلك مناسبا أكثر في مطلع التسعينات ولكن ليس الآن. وخير لمستقبلنا أن نكون أول بلد في العالم يحتفي بمنع القيادة بدلا من أن نكون آخر بلد يكمل السماح بها.
ففي الولايات المتحدة التي ارتفعت فيها أعداد ضحايا الحوادث المرورية بنسبة 14 % خلال عام 2015 لتقضي على 40 ألف شخص وتدفع بشركات التأمين إلى تعديل جداول الوفاة الإكتوارية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يتم الهمس بخفاء في وادي السيلكون حول ما يجب على الكونجرس فعله لحل هذه المشكلة عبر دعم تقنية السيارات ذاتية القيادة وفتح الباب أما تشريعات تنقل هذه السيارات من المختبرات إلى الشارع وبداية مشروع القضاء على واحدة من أخطر ما يمارسه البشر: قيادة سياراتهم. وفي هذا الشأن يقول إلون ماسك – رئيس شركة تيسلا المنتجة للسيارات الكهربائية ذاتية القيادة – بأن «عملية التحول بشكل تجاري إلى هذه التقنية قد تتم خلال العشرين سنة القادمة وحينها يجب منع قيادة البشر، إذ لا يمكنك أن تواصل السماح لبشر بأن يتحكم في أداة موت وزنها ألفا كيلوجرام».
السعودية أولى بأن تكون في مقدمة النقاش حول التحول إلى طرقات دون بشر. فنحن، بالإضافة إلى عمان وقطر والإمارات، دول العالم الوحيدة التي تعد فيها حوادث الطرق السبب الرئيس للوفاة المبكرة بينما يموت بقية الناس حول العالم مبكرا نتيجة لأسباب أكثر صعوبة كالحروب والأمراض. وهذا التحول يجب أن لا يشكل فقط مدخلا إلى الرفاه الاجتماعي، بل محركا للتحول الاقتصادي إذ تتزامن الثورة في تقنية المركبات ذاتية القيادة، مع ثورة في السيارات الكهربائية التي ربما ستلغي نصف حاجة العالم إلى النفط. فالحاجة إلى طرقات أكثر أمنا تزداد إلحاحا بسبب تزايد معدلات الوفيات نتيجة ظاهرة القيادة المشوشة تحت تأثير الهواتف الذكية وتصاعد كلفتها التي تبلغ الآن 21 مليار ريال سنويا. والفرصة التقنية لتحقيق ذلك تبدو أفضل من أي وقت مضى. فقبل عشر سنوات لم تكن فكرة السيارات ذاتية القيادة أكبر من مشروع تخرج في كليات الهندسة، والآن تحتل اهتمام وتركيز أكبر شركتين في السوق الأمريكي: أبل وقوقل. والإرادة السياسية للدفع بالاقتصاد إلى مسار قائم على الابتكار والتنويع والإحلال التقني هي حديث الساعة وشاغل الناس. فمن أجل أرواحنا وجيوبنا لم لا تصبح القيادة في السعودية شأنا هندسيا وتقنيا وليس مجرد شأن صحفي؟
تنص نظرية التركيز التنظيمي التي تحكم تعامل المنظمات مع الفرص والتهديدات التي تحيطها، بأن هذه المنظمات إما أن تسلك مسارا تقدميا تحاول من خلاله البحث عن فرص مستقبلية للنمو وتوسيع الأثر، أو مسارا تحفظيا تحاول من خلاله إدارة الحالة الراهنة والتعامل مع تهديداتها. والمنظمات التي تركز على المسار التقدمي تنجح في قراءة المستقبل عبر المشاركة في تشكيله. أما المنظمات التي تركز على المسار التحفظي فتبقى رهينة الواقع تحاول إطفاء الحرائق حتى يتجاوزها الزمن.
وفي طريقة تعاملنا مع معضلتنا الأزلية مع قيادة السيارة يسهل علينا أن نظل غارقين في معطيات الواقع ونقضي السنوات القادمة في نقاش آليات وحيثيات السماح بقيادة المرأة حتى نصل إلى تلك اللحظة الموعودة التي يصبح فيها المجتمع جاهزا لهذه النقلة لنكتشف أن البشر باتوا يقودون السيارات في المتاحف فقط، ويمكننا أن ننقل نظرتنا من المقود إلى الأفق ونسلك مسارا تقدميا نبحث من خلاله عن الفرص التي توفرها أزمتنا الاقتصادية والاجتماعية والصحية مع السيارة لنحل المشكلة عبر إعادة تعريفها وليس مجرد إدارتها.
النقاش حول قيادة البشر للمركبات في 2016 لا ينتمي إلى المستقبل. وفي حين نفقد 14 نسمة بسبب حوادث الطرق كل يوم، فقيادة السيارة يجب أن لا تكون القضية الرمزية الدالة على تمكين المرأة. ربما كان ذلك مناسبا أكثر في مطلع التسعينات ولكن ليس الآن. وخير لمستقبلنا أن نكون أول بلد في العالم يحتفي بمنع القيادة بدلا من أن نكون آخر بلد يكمل السماح بها.
ففي الولايات المتحدة التي ارتفعت فيها أعداد ضحايا الحوادث المرورية بنسبة 14 % خلال عام 2015 لتقضي على 40 ألف شخص وتدفع بشركات التأمين إلى تعديل جداول الوفاة الإكتوارية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يتم الهمس بخفاء في وادي السيلكون حول ما يجب على الكونجرس فعله لحل هذه المشكلة عبر دعم تقنية السيارات ذاتية القيادة وفتح الباب أما تشريعات تنقل هذه السيارات من المختبرات إلى الشارع وبداية مشروع القضاء على واحدة من أخطر ما يمارسه البشر: قيادة سياراتهم. وفي هذا الشأن يقول إلون ماسك – رئيس شركة تيسلا المنتجة للسيارات الكهربائية ذاتية القيادة – بأن «عملية التحول بشكل تجاري إلى هذه التقنية قد تتم خلال العشرين سنة القادمة وحينها يجب منع قيادة البشر، إذ لا يمكنك أن تواصل السماح لبشر بأن يتحكم في أداة موت وزنها ألفا كيلوجرام».
السعودية أولى بأن تكون في مقدمة النقاش حول التحول إلى طرقات دون بشر. فنحن، بالإضافة إلى عمان وقطر والإمارات، دول العالم الوحيدة التي تعد فيها حوادث الطرق السبب الرئيس للوفاة المبكرة بينما يموت بقية الناس حول العالم مبكرا نتيجة لأسباب أكثر صعوبة كالحروب والأمراض. وهذا التحول يجب أن لا يشكل فقط مدخلا إلى الرفاه الاجتماعي، بل محركا للتحول الاقتصادي إذ تتزامن الثورة في تقنية المركبات ذاتية القيادة، مع ثورة في السيارات الكهربائية التي ربما ستلغي نصف حاجة العالم إلى النفط. فالحاجة إلى طرقات أكثر أمنا تزداد إلحاحا بسبب تزايد معدلات الوفيات نتيجة ظاهرة القيادة المشوشة تحت تأثير الهواتف الذكية وتصاعد كلفتها التي تبلغ الآن 21 مليار ريال سنويا. والفرصة التقنية لتحقيق ذلك تبدو أفضل من أي وقت مضى. فقبل عشر سنوات لم تكن فكرة السيارات ذاتية القيادة أكبر من مشروع تخرج في كليات الهندسة، والآن تحتل اهتمام وتركيز أكبر شركتين في السوق الأمريكي: أبل وقوقل. والإرادة السياسية للدفع بالاقتصاد إلى مسار قائم على الابتكار والتنويع والإحلال التقني هي حديث الساعة وشاغل الناس. فمن أجل أرواحنا وجيوبنا لم لا تصبح القيادة في السعودية شأنا هندسيا وتقنيا وليس مجرد شأن صحفي؟
تنص نظرية التركيز التنظيمي التي تحكم تعامل المنظمات مع الفرص والتهديدات التي تحيطها، بأن هذه المنظمات إما أن تسلك مسارا تقدميا تحاول من خلاله البحث عن فرص مستقبلية للنمو وتوسيع الأثر، أو مسارا تحفظيا تحاول من خلاله إدارة الحالة الراهنة والتعامل مع تهديداتها. والمنظمات التي تركز على المسار التقدمي تنجح في قراءة المستقبل عبر المشاركة في تشكيله. أما المنظمات التي تركز على المسار التحفظي فتبقى رهينة الواقع تحاول إطفاء الحرائق حتى يتجاوزها الزمن.
وفي طريقة تعاملنا مع معضلتنا الأزلية مع قيادة السيارة يسهل علينا أن نظل غارقين في معطيات الواقع ونقضي السنوات القادمة في نقاش آليات وحيثيات السماح بقيادة المرأة حتى نصل إلى تلك اللحظة الموعودة التي يصبح فيها المجتمع جاهزا لهذه النقلة لنكتشف أن البشر باتوا يقودون السيارات في المتاحف فقط، ويمكننا أن ننقل نظرتنا من المقود إلى الأفق ونسلك مسارا تقدميا نبحث من خلاله عن الفرص التي توفرها أزمتنا الاقتصادية والاجتماعية والصحية مع السيارة لنحل المشكلة عبر إعادة تعريفها وليس مجرد إدارتها.