مانع اليامي

لا مستقبل مع الفساد

السبت - 16 أبريل 2016

Sat - 16 Apr 2016

تسليط الضوء على علامات الفساد مهمة غير سهلة، ولكنها ليست تلك الصعبة على أولئك الذين يهمهم مستقبل الوطن، أولئك الذين يتوقون إلى المساهمة في تغير ثقافة العمل المؤسسي نحو الأفضل، نحو الإنتاج بعيدا عن مصدات المصالح الضيقة والمحسوبيات المنتهي شرها إلى ترهل الأداء وتغييب العدالة. عموما إذا كانت مكارم الأخلاق في خصام مع الفساد فإن كل الظروف الراهنة والمحتملة تفرض وجوبا شديدا لمكافحة الفساد بكل أنواعه في المؤسسات الرسمية دون استثناء، افتراض حسن النية لا يتماشى مع ثقافة العمل السائدة في الوقت المحمل بالتحديات الموجبة لتفعيل وتطوير الإجراءات الوقائية والمراجعات الداخلية الدقيقة المائلة في كل الأحوال إلى تنشيط الأنظمة الرقابية وضبط المسارات الإجرائية لتحقيق النزاهة وتجويد المنتج والتميز في الخدمة -الثلاثة- محاور المهمة لتحقيق الإصلاح الإداري وتعبيد طريق التحول الاقتصادي.

الشاهد أنه كلما وقف المرء على مؤشرات حركة الفساد واتجه بالنظر نحو المستقبل تصاعدت وتيرة القلق على الوطن ومنجزاته، لم يعد مثل هذا القول خاضعا لمبدأ ليس كل ما يعرف يقال، بل ليس من المفروض تجاوزه طالما أن المصارحة من أدوات تحقيق النفع العام في ظل خطورة العلامات الدالة على وجود العلة وانتشارها.

الكاتب «خالد الوابل» استهل مقاله الأسبوع الماضي 14 أبريل بصحيفة عكاظ بمقدمة خطيرة لها في أقل التقديرات أن تخوف العقلاء على مستقبل الوطن وتحفز الجميع حكومة ومجتمعا على العمل المشترك الجاد للسيطرة على الوضع – الأزمة.

الزميل الوابل وظف أسلوب البحث العلمي بكل ثقة في استحضار الدليل الدامغ وتمتين الإشارات في قالب مرجعي منتقى بعناية لتقوية عود «النذير» وإيصال صوته على وقع التأكيد الرسمي على وجود الفساد المالي والاقتصادي والإداري على جميع المستويات والأطر، هذا إلى جنب نتائج دراسة قامت بها الجهة المعنية بمكافحة الفساد – نزاهة، الدراسة التي أفضت إلى تأكيد 67% من السعوديين على انتشار الفساد وإلى ذلك بلوغ نسبة المشاريع المتعثرة حد 44% من إجمالي 1526 مشروعا تتابعها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد علاوة على 306 قضايا فساد في 400 مشروع، ثمة تفاصيل مقلقة في دراسة أحمد السالم وكيل وزارة الداخلية، ومنها ضبط 58,4 ألف قضية فساد خلال 5 سنوات أي أكثر من عشرة آلاف قضية فساد كل عام! والطامة خرجت من منتدى الرياض الاقتصادي، حيث يشكل فساد المديرين وأصحاب الوظائف العليا نسبة 42.6% من عمليات الفساد. هذه النسبة قياسا على نسبة فساد صغار الموظفين تأتي في إطار معادلة الساحر والمعلم.

في مجمل التفاصيل دلالة على وجود أزمة، إذن يجب مغادرة خانة تسكين الأوضاع إلى حيز المساءلة وجعل النزاهة قيمة مضافة إلى متن الحكومة، وهذا لن يحدث دون حزم يدري به القاصي والداني... لا مستقبل مع الفساد. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]