في انتظار سقيا المريخ
الأربعاء - 13 أبريل 2016
Wed - 13 Apr 2016
في الوقت الذي يعاني فيه أغلب سكان العالم من العطش وبعض يعاني من تكلفة عالية للحفاظ عليه، أو حتى جعله صالحا للحياة، تقوم شركات خاصة وحكومية ورجال أعمال بالبحث عن المياه على سطح المريخ. واستبشرنا خيرا بهذا الاكتشاف العظيم، نحن سكان الأرض الشغوفون منا بالتجارب الغريبة، وغيرنا ممن ليس لديهم أدنى طموح في مغادرتها، واستبدالها بسكن آخر.
وليت الأمر وقف عند هذا الحد، ولكن نفس البشر الذين يشكون من قلة الموارد والأزمات المالية العالمية يصرون على دفع مليارات الدولارات في التجارب فقط لاستزراع سطح المريخ وإطالة عمر الأكسجين وتصميم الكبسولات السكنية للمهاجرين إلى هناك في رحلة يقول الخبراء إنها ستكون بلا عودة، نسبة لأن المريخ يتمتع بجاذبية أقوى تجعل عملية الإقلاع منه مستحيلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه بأن استعرت نيران العطاءات الاستثمارية لترتيب الرحلات إلى هناك.
من خلف هذا المشروع السوريالي يأتينا صراخ المدن والأرياف العطشى من أفريقيا العامرة بأنهارها والمبتلاة بفشل إنسانها وعجزه. وهناك في شرق آسيا التي تتبخر أنهارها بفعل الحرارة ولا تجد من يستفيد منها بشكل جدي. وما لنا نذهب بعيدا والعاصمة السودانية الخرطوم ترتمي بين حضن ضفتي نيلين أزرق وأبيض، ولكنها من أكثر عواصم العالم قحطا وجفافا. «ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى» أو كما قال الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد لما عطش من جاور النيل.
يعتبر البعض أن المياه عملية اقتصادية، ولكنها أصبحت قضية وطنية من الدرجة الأولى، فهي مشكلة تعاني منها المناطق الجافة ومحدودة المصادر المائية التي تفتقر إلى المياه العذبة والتي لم تحظ بمصادر طبيعية كالينابيع والأنهار والبحيرات مع ندرة الأمطار أو انعدامها في بعض المناطق. وفي مناطق أخرى تنعم بلدان بهذه المصادر ولكنها تفشل في كيفية الاستفادة منها لسد الاحتياجات الضرورية على مر العصور. ونتيجة للتطور الهائل والتقدم الحضاري والاقتصادي والصناعي وزيادة عدد السكان، فقد ازداد الطلب على المياه الصالحة للشرب، بدرجة تفوق بكثير تلك المتوفرة من المصادر الطبيعية، مما جعل الأنظار تتجه إلى حلول أخرى كتحلية مياه البحار والاستفادة من معالجة مياه الصرف الصحي للاستخدام الزراعي. ويقاس نقص المياه عادة بالفرق بين ما يتم استخدامه من الطبقات المائية وبين ما يدخل هذه الطبقات من مياه الأمطار التي تعتبر مصدر التغذية الطبيعية وأن النقص في المياه يعادل كمية المياه التي يتم استخراجها، وهذا الرقم قد يصل إلى بلايين الأمتار المكعبة سنويا لكل دولة على حدة.
وإذا نظرنا إلى خارطة العالم اليوم سنرى كيف أن الثروات المائية هي التي تشكل قضايا الأمن القومي واستراتيجيات التنمية. ففي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس من كل عام، ذكرت أن أكثر من نصف سكان العالم سيعيشون سنة 2032 في مناطق تعاني نقص كبير في الماء. وبالرغم من أن كمية الماء المتوفر تكفى لتلبية احتياجات العالم كله، فإنه لا يزال أكثر من مليار نسمة محرومين من المياه الصالحة للشرب والاستعمال المنزلي، وهو الرقم الذي سيبلغ 1.8 مليارا في 2025، إذا تركت القرارات في العالم لقوى السوق ولم يفلح السكان في إدارة قضية المياه.
وما سيحدث في بقية دول العالم أقل بكثير مما سيحدث في بلادنا العربية، فلا شيء أدعى للبؤس والشفقة ممن يعاني الظمأ والجفاف وأنهاره على بعد أمتار منه. يتفق العالم على أنه لا يمكن لحياة أن تستمر بدون الماء فكيف بأنشطة بشرية أخرى أو حضارة، ويتفق العالم أيضا على أنه تتفاوت الأمم قوة وضعفا بحسب مواردها الطبيعية، ومن قبلها الموارد البشرية التي تديرها على ظهر الأرض وليس على سطح المريخ.
[email protected]
وليت الأمر وقف عند هذا الحد، ولكن نفس البشر الذين يشكون من قلة الموارد والأزمات المالية العالمية يصرون على دفع مليارات الدولارات في التجارب فقط لاستزراع سطح المريخ وإطالة عمر الأكسجين وتصميم الكبسولات السكنية للمهاجرين إلى هناك في رحلة يقول الخبراء إنها ستكون بلا عودة، نسبة لأن المريخ يتمتع بجاذبية أقوى تجعل عملية الإقلاع منه مستحيلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه بأن استعرت نيران العطاءات الاستثمارية لترتيب الرحلات إلى هناك.
من خلف هذا المشروع السوريالي يأتينا صراخ المدن والأرياف العطشى من أفريقيا العامرة بأنهارها والمبتلاة بفشل إنسانها وعجزه. وهناك في شرق آسيا التي تتبخر أنهارها بفعل الحرارة ولا تجد من يستفيد منها بشكل جدي. وما لنا نذهب بعيدا والعاصمة السودانية الخرطوم ترتمي بين حضن ضفتي نيلين أزرق وأبيض، ولكنها من أكثر عواصم العالم قحطا وجفافا. «ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى» أو كما قال الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد لما عطش من جاور النيل.
يعتبر البعض أن المياه عملية اقتصادية، ولكنها أصبحت قضية وطنية من الدرجة الأولى، فهي مشكلة تعاني منها المناطق الجافة ومحدودة المصادر المائية التي تفتقر إلى المياه العذبة والتي لم تحظ بمصادر طبيعية كالينابيع والأنهار والبحيرات مع ندرة الأمطار أو انعدامها في بعض المناطق. وفي مناطق أخرى تنعم بلدان بهذه المصادر ولكنها تفشل في كيفية الاستفادة منها لسد الاحتياجات الضرورية على مر العصور. ونتيجة للتطور الهائل والتقدم الحضاري والاقتصادي والصناعي وزيادة عدد السكان، فقد ازداد الطلب على المياه الصالحة للشرب، بدرجة تفوق بكثير تلك المتوفرة من المصادر الطبيعية، مما جعل الأنظار تتجه إلى حلول أخرى كتحلية مياه البحار والاستفادة من معالجة مياه الصرف الصحي للاستخدام الزراعي. ويقاس نقص المياه عادة بالفرق بين ما يتم استخدامه من الطبقات المائية وبين ما يدخل هذه الطبقات من مياه الأمطار التي تعتبر مصدر التغذية الطبيعية وأن النقص في المياه يعادل كمية المياه التي يتم استخراجها، وهذا الرقم قد يصل إلى بلايين الأمتار المكعبة سنويا لكل دولة على حدة.
وإذا نظرنا إلى خارطة العالم اليوم سنرى كيف أن الثروات المائية هي التي تشكل قضايا الأمن القومي واستراتيجيات التنمية. ففي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس من كل عام، ذكرت أن أكثر من نصف سكان العالم سيعيشون سنة 2032 في مناطق تعاني نقص كبير في الماء. وبالرغم من أن كمية الماء المتوفر تكفى لتلبية احتياجات العالم كله، فإنه لا يزال أكثر من مليار نسمة محرومين من المياه الصالحة للشرب والاستعمال المنزلي، وهو الرقم الذي سيبلغ 1.8 مليارا في 2025، إذا تركت القرارات في العالم لقوى السوق ولم يفلح السكان في إدارة قضية المياه.
وما سيحدث في بقية دول العالم أقل بكثير مما سيحدث في بلادنا العربية، فلا شيء أدعى للبؤس والشفقة ممن يعاني الظمأ والجفاف وأنهاره على بعد أمتار منه. يتفق العالم على أنه لا يمكن لحياة أن تستمر بدون الماء فكيف بأنشطة بشرية أخرى أو حضارة، ويتفق العالم أيضا على أنه تتفاوت الأمم قوة وضعفا بحسب مواردها الطبيعية، ومن قبلها الموارد البشرية التي تديرها على ظهر الأرض وليس على سطح المريخ.
[email protected]