ماذا يريد المستثمرون الأجانب.. وماذا نريد؟
الاثنين - 11 أبريل 2016
Mon - 11 Apr 2016
ماذا يريد المستثمرون الأجانب؟ وماذا نريد من الاستثمار الأجنبي؟ هذان السؤالان لن تجد لهما إجابة في أي من تصريحات مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار، فجميع تصريحاتهم تتحدث عن استثمارات مستهدفة من خانة العشرة أرقام أو الأحد عشر رقما، حتى أصبحت اللغة المليارية والتريليونية موضة في تصريحات مسؤولي الهيئة، دون أن يقدموا كيف يمكن جذب استثمارات بهذا الحجم؟ وما هي المجالات والقطاعات المستهدفة، والتي يمكن أن تكون مغرية للمستثمر الأجنبي؟ وهل البيئة التنظيمية والتشريعية والاجتماعية جاذبة أم طاردة للاستثمار؟ ودون أن يقدموا المدة المقترحة واللازمة لجذب هذه الاستثمارات، أم إن المدة مفتوحة إلى أن يشاء الله؟
تصريح مدير عام الأنظمة وسياسات الاستثمارات بالهيئة العامة للاستثمار الدكتور عائض العتيبي خلال مشاركته بمنتدى الأعمال السعودي المصري في القاهرة الذي أشار فيه إلى أن السعودية تهدف إلى جذب تريليون دولار استثمارات أجنبية خلال الفترة القادمة لا يخرج عن هذه التصريحات، فهو تحدث عن أمنيات وطموحات دون أن يوضح كيف يمكن أن يتم ذلك؟ إذا ما علمنا أن لدينا عوائق تنظيمية وتشريعية واجتماعية وثقافية تتعلق في تقادم الأنظمة وضعف بعض منها، والعادات والتقاليد، وشيوع الواسطة والمحسوبية، وكلنا بمن فينا مسؤولو الهيئة أنفسهم ندرك أن هذه العوائق كانت ولا تزال سببا رئيسا في ضعف الاستثمارات الأجنبية وتواضعها.
الرقم الذي أشار إليه مدير عام الأنظمة في الهيئة ضخم جدا، إذا يبلغ نحو 3.750 تريليونات ريال سعودي، ويعادل ثلاثة أضعاف ميزانية المملكة أو يزيد، ويبلغ ضعفي الناتج المحلي تقريبا، ورغم ضخامة المبلغ المستهدف، فهو ليس مستحيلا، لكنه صعب جدا في ظل المعوقات الحالية، وبلوغه يحتاج إلى تغيير جذري في كثير من الأنظمة وتحديثها، وإصدار أنظمة جديدة تحد من تأثير البيئة الاجتماعية والثقافية في النشاط الاقتصادي، إذا ما علمنا أن معظم الدراسات تحث على القادة ومديري الشركات على دراسة وفهم البيئة الاستثمارية من الجوانب التنظيمية والتشريعية والاجتماعية والثقافية كافة قبل اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
وفي ظل الخلل الذي تعاني منه البيئات الأربع، والصعوبات التي تعرقل جذب استثمارات أجنبية بهذا الحجم، يمكن القول إن أحاديث بعض المسؤولين حالمة جدا، وتتجاوز حدود المعقول مما قد يحرج جهاتهم مستقبلا، فهم منظرون من الطراز الأول في وقت لم تعد فيه لغة التنظير تحظى بذات القبول كما كانت في السابق، فلغة التنظير إن لم ترافقها خطة تفصيلية للتطبيق العملي متضمنة المدد الزمنية لبلوغ هذه الأرقام، خطوة بخطوة، وسنة بسنة، تعد ضربا من الأمنيات والآمال التي لا تجلب استثمارا، ولا تضيف قيما للاقتصاد.
النقطة الأخرى تتعلق في ماذا نريد نحن من الاستثمار الأجنبي؟ وإجابته تتناقض مع تصريحات مسؤولي الهيئة، فالتصريحات تتمحور حول أحجام الاستثمارات دون نوعيتها، في حين أن الاستثمار الأجنبي ليس أرقاما فقط، فهو قيم مضافة للاقتصاد، وخلق فرص وظيفية ذات قيمة للمواطنين، وإن لم تكن كذلك، فهي لا تخرج عن استثمارات الفول والورش والمطاعم التي صاحبت الحقبة الأولى من فتح باب الاستثمار الأجنبي.
بالطبع كبر حجم الاستثمارات الأجنبية مهم، لكن ذلك لا يعني التخلي عن جودة الاستثمارات ونوعيتها في سبيل الوصول لهذه الأرقام، بل يجب أن تكون نوعية الاستثمارات الأجنبية أولوية لا يمكن التنازل عنها، فلو استطاعت السعودية جذب نصف أو ربع الاستثمارات المستهدفة في أنشطة تخلق قيما مضافة للاقتصاد، وتنتج وتصدر منتجاتها إلى الخارج، كصناعات السيارات، والكيماويات، والبلاستيكيات.. وغيرها من الأنشطة التي كل وظيفة فيها تخلق ما لا يقل عن 3 وظائف تابعة أو فرعية، أفضل بكثير من اجتذاب تريليون دولار في استثمارات لا تخلق وظائف ذات قيمة.
كل ما يريده المستثمر الأجنبي، وما نريد نحن كسعوديين يمكن تحقيقه من خلال تحسين البيئة التشريعية والتنظمية، والقضاء على تداخل الأنظمة والاختصاصات، وزيادة مستوى الشفافية والتركيز على نوعية الاستثمارات وجودتها وقيمتها المضافة بعيدا عن لغة الأرقام والأمنيات والآمال.
[email protected]
تصريح مدير عام الأنظمة وسياسات الاستثمارات بالهيئة العامة للاستثمار الدكتور عائض العتيبي خلال مشاركته بمنتدى الأعمال السعودي المصري في القاهرة الذي أشار فيه إلى أن السعودية تهدف إلى جذب تريليون دولار استثمارات أجنبية خلال الفترة القادمة لا يخرج عن هذه التصريحات، فهو تحدث عن أمنيات وطموحات دون أن يوضح كيف يمكن أن يتم ذلك؟ إذا ما علمنا أن لدينا عوائق تنظيمية وتشريعية واجتماعية وثقافية تتعلق في تقادم الأنظمة وضعف بعض منها، والعادات والتقاليد، وشيوع الواسطة والمحسوبية، وكلنا بمن فينا مسؤولو الهيئة أنفسهم ندرك أن هذه العوائق كانت ولا تزال سببا رئيسا في ضعف الاستثمارات الأجنبية وتواضعها.
الرقم الذي أشار إليه مدير عام الأنظمة في الهيئة ضخم جدا، إذا يبلغ نحو 3.750 تريليونات ريال سعودي، ويعادل ثلاثة أضعاف ميزانية المملكة أو يزيد، ويبلغ ضعفي الناتج المحلي تقريبا، ورغم ضخامة المبلغ المستهدف، فهو ليس مستحيلا، لكنه صعب جدا في ظل المعوقات الحالية، وبلوغه يحتاج إلى تغيير جذري في كثير من الأنظمة وتحديثها، وإصدار أنظمة جديدة تحد من تأثير البيئة الاجتماعية والثقافية في النشاط الاقتصادي، إذا ما علمنا أن معظم الدراسات تحث على القادة ومديري الشركات على دراسة وفهم البيئة الاستثمارية من الجوانب التنظيمية والتشريعية والاجتماعية والثقافية كافة قبل اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
وفي ظل الخلل الذي تعاني منه البيئات الأربع، والصعوبات التي تعرقل جذب استثمارات أجنبية بهذا الحجم، يمكن القول إن أحاديث بعض المسؤولين حالمة جدا، وتتجاوز حدود المعقول مما قد يحرج جهاتهم مستقبلا، فهم منظرون من الطراز الأول في وقت لم تعد فيه لغة التنظير تحظى بذات القبول كما كانت في السابق، فلغة التنظير إن لم ترافقها خطة تفصيلية للتطبيق العملي متضمنة المدد الزمنية لبلوغ هذه الأرقام، خطوة بخطوة، وسنة بسنة، تعد ضربا من الأمنيات والآمال التي لا تجلب استثمارا، ولا تضيف قيما للاقتصاد.
النقطة الأخرى تتعلق في ماذا نريد نحن من الاستثمار الأجنبي؟ وإجابته تتناقض مع تصريحات مسؤولي الهيئة، فالتصريحات تتمحور حول أحجام الاستثمارات دون نوعيتها، في حين أن الاستثمار الأجنبي ليس أرقاما فقط، فهو قيم مضافة للاقتصاد، وخلق فرص وظيفية ذات قيمة للمواطنين، وإن لم تكن كذلك، فهي لا تخرج عن استثمارات الفول والورش والمطاعم التي صاحبت الحقبة الأولى من فتح باب الاستثمار الأجنبي.
بالطبع كبر حجم الاستثمارات الأجنبية مهم، لكن ذلك لا يعني التخلي عن جودة الاستثمارات ونوعيتها في سبيل الوصول لهذه الأرقام، بل يجب أن تكون نوعية الاستثمارات الأجنبية أولوية لا يمكن التنازل عنها، فلو استطاعت السعودية جذب نصف أو ربع الاستثمارات المستهدفة في أنشطة تخلق قيما مضافة للاقتصاد، وتنتج وتصدر منتجاتها إلى الخارج، كصناعات السيارات، والكيماويات، والبلاستيكيات.. وغيرها من الأنشطة التي كل وظيفة فيها تخلق ما لا يقل عن 3 وظائف تابعة أو فرعية، أفضل بكثير من اجتذاب تريليون دولار في استثمارات لا تخلق وظائف ذات قيمة.
كل ما يريده المستثمر الأجنبي، وما نريد نحن كسعوديين يمكن تحقيقه من خلال تحسين البيئة التشريعية والتنظمية، والقضاء على تداخل الأنظمة والاختصاصات، وزيادة مستوى الشفافية والتركيز على نوعية الاستثمارات وجودتها وقيمتها المضافة بعيدا عن لغة الأرقام والأمنيات والآمال.
[email protected]