فتحية عبدالله القرني

التعليم ليس مهنة وإنما رسالة تصنع المهن

تفاعل
تفاعل

الجمعة - 08 أبريل 2016

Fri - 08 Apr 2016

أرأيت أشرف أو أجل من الذي * يبني وينشئ أنفسا وعقولا

لله درك يا شوقي، فقد تفوقت على كل المعاجم وقدمت تعريفا فريدا للمعلم.

خلق الله تعالى آدم ليجعله خليفة في الأرض ثم جعله معلما للملائكة يعلمهم اﻷسماء بأمرٍ من الله فبدأ رسالته في الجنة وأتمها في الأرض، فكان التعليم رسالة اﻷنبياء التي من أجلها بعثوا لتنشئة الناس روحيا وفكريا وجسديا ومهاريا. فكانوا هم القدوة والقادة وكانوا الرسل والمعلمين. علموهم التعلق روحيا بخالقهم، وأن يعبدوه حق عبادته. علموهم اﻹحسان في العبادة واﻹحسان إلى النفس وإلى اﻵخر.. علّموهم اﻹحسان للبيئة بشجرها ودوابها وطرقها وحجرها.. علّموهم خدمة المجتمع والتكافل والتراحم  فكانوا بكل ذلك يبنون وينشئون أنفسا وعقولا.

وبهم يقتدي من يقوم بدورهم في العصر الراهن، وهم في حالة سباقٍ مع الزمن الذي أصبح فيه النمو المهني والعلمي من أعظم التحديات التي تواجه المعلم في الوقت الذي تتدفق فيه المعارف والعلوم من مصادر عديدة.

وبالرغم من تطور نظريات التربية والتركيز على التعلم الذاتي من قبل التلاميذ والتعلّم بالممارسة في حين ينتقل دور المعلم من الخبير الذي يقدم المعرفة والمهارات إلى الميسر والمسهل والمشجع إلا أن المعلم ما زال «يبني وينشئ أنفسا وعقولا».

إن اﻷدوار المتعددة والمركبة التي يلعبها المعلم خلال يومه الدراسي الحافل بالتدريس واﻷنشطة المتنوعة تجعله في حالة تفاعل مستمر مع أنفس وعقول غضة يقوم بتوجيهها تارة بالقدوة، وتارة بالقصة، وتارة بالموعظة المباشرة، فهو معلم ومرب في عين الوقت، وهو ما يجعله في حالة رقابة ذاتية مستمرة لسلوكه الشخصي، فالتعليم والتدريس ليس مهنة ككل المهن، ولكنه بناء فرد وبناء مجتمعٍ وبناء أمة.

ولئن كان شوقي أنصف المعلم في تعريفه بأنه من يبني وينشئ أنفسا وعقولا فهنيئا لكل من بشره الرسول صلى الله عليه وسلم بما يملأ قلبه حبورا وسرورا حين قال: «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير».